Share Button

فى طريق النور ومع وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا “الجزء التاسع”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء التاسع مع وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا، كل هذا لا يهم الفاروق عمر رضي الله عنه لأنه لا يجامل أحدا على حساب شرع الله، ولو كان ‏ابنه ‏القاتل لاقتص منه، قال الرجل يا أمير المؤمنين، أسألك بالذي رفع السماء بلا عمد ‏أن تتركني ليلة لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية، فأخبرهم ‏بأنك ‏سوف تقتلني ثم أعود إليك، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا، قال عمر مَن يكفلك أن تذهب إلى البادية ثم تعود إليّ؟ فسكت الناس جميعا إنهم لا يعرفون اسمه ولا داره ‏ولا قبيلته، فكيف يكفلونه؟ وهي كفالة ليست على مائة دينار، ولا على عقار، ولا على ناقة، إنها كفالة على الرقبة أن تقطع بالسيف، فسكت الناس والفاروق عمر متأثر لأنه ‏وقع في حيرة.

هل يقدم فيقتل هذا الرجل وأطفاله يموتون جوعا هناك؟ أو يتركه فيذهب بلا كفالة فيضيع دم المقتول؟ وسكت الناس ونكس عمر ‏رأسه والتفت إلى الشابين أتعفوان عنه؟ قالا لا، مَن قتل أبانا لا بد أن يقتل يا أمير المؤمنين، قال عمر مَن يكفل هذا أيها الناس؟ فقام أبو ذر الغفاري بشيبته، وقال يا أمير المؤمنين، أنا أكفله، قال عمر هو قتل، قال ولو كان قاتلا، قال أتعرفه؟ قال ما أعرفه، قال كيف تكفله؟ قال رأيت فيه سمات المؤمنين فعلمت أنه لا يكذب، وسيفي بعهده إن شاء الله، قال عمر يا أبا ذر، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك؟ قال الله المستعان يا أمير المؤمنين، فذهب الرجل وأعطاه عمر ثلاث ليالى، يهيئ فيها نفسه، ويودع ‏أطفاله وأهله، وينظر في أمرهم بعده ثم يأتي ليقتص منه.

لأنه قتل، وبعد ثلاث ليالى لم ينسى عمر الموعد، وفي العصر ‏نادى ‏في المدينة الصلاة جامعة، فجاء الشابان، واجتمع الناس، وأتى أبو ‏ذر ‏وجلس أمام عمر، قال عمر أين الرجل؟ قال ما أدري يا أمير المؤمنين وتلفت أبو ذر إلى الشمس، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها، وقبل الغروب بلحظات، إذا بالرجل يأتي، فكبّر عمر وكبّر المسلمون‏ معه، فقال عمر أيها الرجل أما إنك لو بقيت في باديتك ما شعرنا بك ‏وما عرفنا مكانك، قال يا أمير المؤمنين، والله ما عليّ منك ولكن عليّ من الذي يعلم السرّ وأخفى، ها أنا يا أمير المؤمنين، تركت أطفالي كفراخ‏ الطير لا ماء ولا شجر في البادية، وجئت لأقتل، وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس، فسأل عمر بن الخطاب أبا ذر لماذا ضمنته؟

فقال أبو ذر خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس، فوقف عمر وقال للشابين ماذا تريدان؟ قالا وهما يبكيان عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه ووفائه بالعهد، وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس، فقال الفاروق عمر الله أكبر، ودموعه تسيل على لحيته، فالوفاء بالعهد من علامات الصادقين المتقين، ومن صفات الأنبياء، وهو خُلق ملازم لأهل الجنة في حياتهم الدنيا إذ كيف يطمع في الجنة وصحبة الأنبياء والصادقين والمتقين مَن لم يتخلق بهذا الخلق؟ فليت المسلمين اليوم يتخلقون بهذا كي يفوزوا بخير الدنيا والآخرة، وقيل أنه لم يحضر أنس بن النضر غزوة بدر، فحزن لذلك، ثم قال يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين فيه.

ولئن أشهدني الله مع النبي صلى الله عليه وسلم قتال المشركين ليرين ما أصنع، وهكذا أخذ أنس بن النضر عهدا على نفسه بأن يجاهد ويقاتل المشركين، ويستدرك ما فاته من الثواب في بدر، فلما جاءت غزوة أحد انكشف المسلمون، وحدث بين صفوفهم اضطراب، فقال أنس لسعد بن معاذ يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر، إني لأجد ريحها من دون أحد، ثم اندفع أنس يقاتل قتالا شديدا حتى استشهد في سبيل الله، ووجد الصحابة به بضعا وثمانين موضعا ما بين ضربة بالسيف أو طعنة بالرمح أو رمية بالسهم، ولم يعرف أحد أنه أنس بن النضر إلا أخته بعلامة في إصبعه” رواه البخارى ومسلم، فكان الصحابة الكرام يرون أن الله قد أنزل فيه وفي إخوانه قوله تعالى فى سورة الأحزاب ” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”

قد تكون صورة لـ ‏شخص واحد‏

Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *