Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع ولا تفسدوا فى الأرض، فإن تلك المراتب الخمس للإفساد في الأرض، قد أحدثها ويحدثها البشر على هذا الكوكب، فالناس لا غيرهم من المخلوقات هم الذين ملأوا الأرض بالفساد حين ضلوا عن مناهج الوحي الإلهي عبر العصور، أما بقية مظاهر الحياة على الأرض فإنها تتأثر بفساد المفسدين من البشر تبعا، فقال الله تعالى فى سورة الروم ” ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون” وإن استفحال الفساد والإفساد في العالم يؤدي إلى مساوئ وآثار سلبية كبيرة ومتنوعة ومن هذه الآثار، هى آثار دينية، فإن الفساد سبب في نزول العذاب وحلول النقم من الله تعالى، وهناك أيضا آثار اجتماعية، حيث يزرع الفساد بذور التفرقة والعداوة والبغضاء بين الناس ويحطم كيان الأسر.
وتتفاقم المشكلات الأسرية، وفيه إهدار لكرامة الفرد وعرضه، ويهدد النوع البشري، وأما الآثار النفسية والصحية، فالمفسد فاقد للأمن النفسي والاستقرار العقلي، حيث يسيطر القلق والاضطراب عليه، وأما آثاره الاقتصادية، فتترتب عليه مضار كثيرة ويؤدي إلى إهدار المال العام، ويعود على الدولة بالخسارة المالية، ويقف دون التقدم الاقتصادي والرقي الحضاري للمجتمع، وأما آثاره السياسية، فيعد الفساد عدو التنمية، فهو من أسباب فشل خطة التنمية في الدول النامية، وهو مشجّع على كل مظاهر الفوضى والخروج على النظام العام، وإن الدين الإسلامي الحنيف حارب الفساد منذ اليوم الأول لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، بدءا من فساد العقيدة فقد جاء ليحرر الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
وجاء ليقضى على الأخلاق الذميمة والعصبيات الجاهلية, وينشر بدلا منها, الأخلاق القويمة الحميدة, وتكون العصبية للدين وحده, جاء ليقضى على كل مظاهر الفساد الاقتصادية والاجتماعية، ويؤصل بدلا منها كل ما هو حسن وكل ما من شأنه أن ينهض بالأمة ويجعلها رائدة العالم كله، وقد انتهج الإسلام في محاربة الفساد نهجا قويما, فالإسلام قد نظر إلى هذا الفساد بكل أنواعه, وأدرك أسبابه الخفية والظاهرة وعمل على علاجها علاجا جذريا حقيقيا وليس علاجا صوريا كما هي المناهج العصرية التي ينتهجها الناس اليوم, ثم عالج الفساد بعد حدوثه، وحاربه بسبل وطرائق لا يستهان بها، بل لقد أثبت التاريخ أن النهج الإسلامي هو أنجح السبل في محاربة الفساد, وهذا ليس بالشيء الغريب.
فالإسلام منهج حياة كامل متكامل صالح لكل زمان ومكان، ويصلح كل ما أفسده الناس في كل زمان ومكان، ولكن ننبه إلى أن حد الحرابة لا يطبقه إلا السلطان أو نائبه، كما قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع، أما الأحكام فإنه متى وجب حد الزنا، أو السرقة، أو الشرب، لم يجز استيفاؤه إلا بأمر الإمام، أو بأمر من فوض إليه الإمام النظر في الأمر بإقامة الحد، لأن الحدود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي زمن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، لم تستوف إلا بإذنهم، ولأن استيفاءها للإمام، وأما أهل المفسد وذويه ممن ليسوا معه في الإفساد، فلا يؤاخذون بجريرته، ويحرم الاعتداء عليهم، أو أذيتهم بذنبه، فلو كان يظن مثل هؤلاء أنهم أحرار في أن يكونوا فاسدين، فهم ليسوا أحرارا بنشر فسادهم.
وسنقوم وسيقوم أهل السداد والخير بالتصدي لهم، حتى يتبين فسادهم ويفضحهم الله على رءوس العالمين، ويجب على أهل الخير أن يتكاتفوا في التصدي لمثل هذا الفساد فهو لا يقل عن الفساد الملموس بل هو أدهى وأمر فهو يدمر الدين والقيم، وإن الصراع الواقع على ظهر الأرض منذ بدأت عليها الحياة البشرية، إنما هو صراع بين المصلحين والمفسدين والعاقبة فيه لأهل الصلاح في الدنيا والآخرة، فقال الله تعالى فى سورة القصص ” تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، والعاقبة للمتقين” وإن للمصلحين طرق ومناهج للإصلاح، كما أن للمفسدين سبل وطرائق للإفساد وعلى الناس أن يتبعوا سبيل المصلحين ويجتنبوا سبل المفسدين، فقال الله تعالى فى سورة الشعراء ” ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون”
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *