Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

نكمل الحديث مع الخليفه يزيد بن معاويه بن أبى سفيان، فبعد أن بايعه الناس للخلافه وكان ممن بايعه ستون صحابيا، فكانت هناك آراء للصحابة، فقد قال عبد الله بن عمر بن الخطاب، إن كان خيراً رضينا، وإن كان بلاء صبرنا، وقد قال أسير بن عمرو، وكان أسير رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أتقولون إن يزيد ليس بخير أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا أفقه فيها فقها، ولا أعظمها شرفاً؟ وأنا أقول ذلك، ولكن والله لئن تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أحب إلي من أن تفترق، وقد قال عبد الله بن عمرو بن العاص، إني أجد الخليفة يزيد بن معاوية، وعندما حان الأجل لمعاويه بن أبى سفيان، نادى على ابنه يزيد وقال له، يا يزيد، إذا دنا أجلي فول غسلي رجلاً لبيباً، فإن اللبيب من الله بمكان.

فلينعم الغسل وليجهر بالتكبير، ثم اعمد إلى منديل في الخزانة فيه ثوب من ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقراضة من شعره وأظفاره، فاستودع القراضة أنفي وفمي وأذني وعيني واجعل ذلك الثوب مما يلي جلدي دون أكفاني، يا يزيد، احفظ وصية الله في الوالدين، فإذا أدرجتموني في جريدتي، ووضعتموني في حفرتي، فخلوا معاوية وأرحم الراحمين، وبعد وصية الخليفة ليزيد، خرج يزيد إلى قرية حوارين وفي شهر رجب توفي الخليفة معاوية، فصلى عليه الضحاك بن قيس الفهري ودفنه في مقبرة باب الصغير، وبعدها أرسل إلى يزيد ليحضر، وبعد وصول البريد إلى يزيد ركب مسرعاً إلى دمشق حيث استقبله قبل وصوله الضحاك بن قيس الفهري وكان الحزن بادياً عليه.

فسلم عليه مستقبلوه بالإمارة وعزوه في أبيه ويخفض صوته في الرد عليهم، ولم يتكلم إلا مع الضحاك بن قيس، حتى وصل إلى باب توما فظن الناس أنه سيدخل دمشق، لكن يزيد استمر بالمشي مع السور حتى وصل إلى الباب الشرقي وهو باب خالد، ثم تعداه حتى وصل إلى الباب الصغير، وبعد وصوله إلى المقبرة ذهب إلى قبر والده وصلى عليه بعد دفنه، وبعدها خرج يزيد من المقبرة راكباً على مراكب الخلافة ثم دخل البلد ونادى “الصلاة جامعة”، وذهب هو إلى قصر الخضراء واغتسل ولبس ملابس حسنة ثم ذهب للمسجد وصعد المنبر وخطب في الناس، وقد أعلن في خطبته عن جمع الأعطيات مرة واحدة لا على ثلاثة مرات كما كانت في عهد والده، وعن توقفه عن إرسال الجيوش داخل البحر أو في الشواتي.

والاقتصار على غزوات البر والصوائف، وافترق الناس وهم يثنون عليه، وكان فى عهده تم توسيع إحدى قنوات نهر بردى ونسبت إليه قناة يزيد، وكما فرض الخراج على أراض يهود السامرة، وفرض على كل شخص خمسة دنانير، وفي عام ثلاثه وستين للهجرة غزا عقبة بن نافع السوس القصوى، وهو قائد من أبرز قادة الفتح الإسلامي الذين فتحوا بلاد المغرب في صدر الإسلام ولقب بفاتح أفريقية، وقد برز اسم “عقبة” مبكراً في ساحة أحداث حركة الفتح الإسلامي التي بدأت تتسع بقوة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، حيث اشترك هو وأبوه نافع في الجيش الذي توجه لفتح مصر بقيادة عمرو بن العاص، والذي توسم فيه خيرا وشأنا في حركة الفتح، فأرسله إلى بلاد النوبة لفتحها.

فلاقى هناك مقاومة شرسة من النوبيين، ولكنه مهد السبيل أمام من جاء بعده لفتح البلاد، غير أن بلاد النوبة والسودان عموما لم تفتح حرباً، فأسند إليه مهمة قيادة دورية استطلاعية لدراسة إمكانية فتح الشمال الأفريقي، وتأمين الحدود الغربية والجنوبية لمصر ضد هجمات الروم وحلفائهم البربر ثم شارك معه في المعارك التي دارت في أفريقية وهى تونس الحالية، فولاه عمرو بن العاص برقة بعد فتحها، وعاد إلى مصر، وقد تعاقب عدة ولاة على مصر بعد عمرو بن العاص، ومنهم عبد الله بن أبي السرح، ومحمد بن أبي بكر ومعاوية بن حديج وغيرهم، وأقر جميعهم عقبة بن نافع في منصبه كقائد لحامية برقة، ولكن عمرو بن العاص اختار عقبة في الحروب وقيل بأن ذلك لم يكن لصلة القرابة بينهما.

بل لأنه يعرف مهارته في المبارزة والقتال، وفى عهد يزيد فقد غنم عقبه وسلم ثم عاد وقتل على يد كسيلة، وكسيله هو زعيم قبائل أوربة وصَنهاجة الأمازيغية وكان ذلك فى زمن الفتح الإسلامي للمغرب، وهو حاكم إفريقية لبضع سنوات، ثم حدثت معركة بين كسيلة وزهير بن قيس البلوي وانتصر فيها، وزهير بن قيس البلوي، يرجع نسبة إلى بلي قبيلة من قضاعة أبو شداد وهو قائد مسلم له صحبة، وقد شهد فتح مصر تحت لواء عمرو بن العاص ثم استخلفه عقبة بن نافع على القيروان بعد أن أعاده يزيد بن معاوية إلى ولاية إفريقية سنة اثنين وستين للهجره، ولما قتل عقبة في حربه مع الروم وجيش كسيلة، وكان قد أسلم ثم ارتد، زحف كسيلة إلى القيروان سنة أربعه وستين للهجره، فخرج زهير من القيروان وأقام في برقة.

واحتل كسيلة القيروان ولما تولى عبد الملك بن مروان الخلافة سنة خمسه وستين للهجره، ولاه أفريقية وأمده بمقاتلين فتوجه بهم لقتال كسيلة والروم والتقى الجمعان في موقع يدعى ممش، وغلب المسلمون وانتصروا وانهزم الروم والبربر الموالون لهم وقتل كسيلة، وانكسرت شوكته، وكانت هذه الواقعة من الوقائع الحاسمة، وقد أرسل الروم جيشا من القسطنطينية وصقلية في مراكب إلى برقة على الساحل الإفريقي، فعاد زهير إليها وقاتلهم، فقتل زهير في المعركة وقتل معه كثير من أصحابه، وكانوا من أشراف الصحابة والتابعين وقد جاء زهير بن قيس البلوي، إلى بلاد المغرب غازياً مجاهداً وأبلى في معارك الجهاد والفتح بلاءً حسناً، وساهم في تلك الانتصارات التي أحرزتها الجيوش الفاتحة.

وكان ذلك بجانب ما اشتهر به من التقوى والورع، وقد صحب عقبة بن نافع، والي طرابلس وأفريقية وهى تونس في غزواته ببلاد المغرب وعرف عقبة صدق زهير في جهاده وحسن بلاءه، فجعله في مقدمة جيشه ولما استشهد عقبة سنة ثلاثه وستين من الهجره، عزم زهير على مواصلة القتال وخالفه حنش بن عبد الله الصنعاني، ويقال أنه كان من أصحاب الرأي والنفوذ في الجيش، فعزم زهير على العودة إلى مصر بعد هذا الخلاف، وتتبعه كثير من الناس غير انه لم يواصل رحيله إلى مصر، فعرج بمن معه على إقليم برقة، وأقام بها مرابطاً كما فعل عقبة بن نافع، من قبل إذ أن الرباط باب من أبواب الجهاد، هذا ولما وصلت أنباء مقتل عقبة وأصحابه إلى الخليفه عبد الملك بن مروان.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *