Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

نكمل الحديث عن الخليفه يزيد بن معاويه ومع الجزء الرابع وقد توقفنا عندما وصلت أنباء مقتل عقبة وأصحابه إلى الخليفه عبد الملك بن مروان، فقد استشار أهل الرأي فيمن يأخذ بثأر عقبة، ويتولى قيادة الجيش من بعده، فأشاروا عليه بأن ينتدب زهير بن قيس، إذ هو صاحب عقبة واعرف الناس بسيرته وأولاهم بأخذ ثأره، وكتب عبد الملك بن مروان إلى زهير في برقة، يأمره أن يتوجه إلى إفريقية وهى تونس، لقمع ثورة المرتدين والثأر لعقبة بن نافع، وأمده بالمال والرجال، وقد خرج زهير على رأس جيش كبير، حتى بلغ القيروان سنة سبعه وستين من الهجره، وهناك التقى زهير بكسيله وجيشه في معركة طاحنة، أسفرت عن مقتل كسيله، واندحار جيشه، ودخل زهيراً مدينة القيروان ظافراً منتصراً.

ورأي فيها ملكاً عظيماً ورفاهية وبذخاً فخاف أن تميل نفسه إلى الحياة والترف والرفاهية، أو أن تطمع إلى الحكم والولاية، وهو إنما جاء للجهاد في سبيل الله، ولما يبق أمامه إلا أن يرجع إلى أرض المشرق التي عاش فيها حياة الزهد والعبادة وقد رافقه في رجوعه جماعة من كبار المجاهدين، وقد صادف أن أغارت سفن رومانية على شاطئ درنة، وعاثت في المدينة قتلاً ونهباً وسبياً، وتلقى زهير وأصحابه نبأ هذه الغارة وهم يسلكون طريق الصحراء الشرقية من برقة فلووا أعنة خيولهم نحو الساحل، ولما دنوا من المراكب المغيرة رآهم الأسرى الذين وقعوا في قبضة المغيرين، وهم يقادون إلى المراكب مكرهين فاستغاثوا بهم، فثارت حمية زهير ونادى أصحابه، فنزلوا عليهم وهم العدد القليل.

واشتبكوا مع الروم المغيرين واستبسل زهير ورفاقه، ولكن جموع الروم أحاطوا بهم من كل جانب فاستشهد زهير ورفاقه، وكان في ساحة المعركة الغير متكافئة، وتمكن الروم من النجاة واقلعوا بمراكبهم يحملون الأسرى والغنائم، ودفن زهير وصحبه في البقعة التي عرفت باسم جبانة الصحابة، بمدينة درنة، وهذا وقد شرفت البقعة التي ضمت رفات، زهير بن قيس، ورفاقه بمدينة درنة فكانت وما زالت مقصداً للزوار من سكان المدينة والقادمين إليها يتبركون بهؤلاء الشهداء الأبرار ولاسيما إنهم من صحابة رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن التابعين له، وقد برز من بين رفاق زهير الذين استشهدوا معه مجاهدان كبيران هما : عبد الله بن بر القيسي، وأبو منصور الفارسي.

وقد شيدت بجبانة درنة، ثلاثة أضرحة وهي ذات قباب من الطراز المعروف في بناء أضرحة الأولياء والصالحين، وكان الضريح الأول لزهير بن قيس، ويقع على يسار الداخل، يليه الضريح الثاني وهو لعبد الله بن بر القيسي، والثالث ضريح كان لأبي منصور الفارسي، ويقع على يمين الداخل، وبابه لجهة الغرب، وبين هذه الأضرحة الثلاثة في مواجهة الداخل مبنى يشبه الحجرة الصغيرة، قد أقيم الثلاثة على مدخل المغارة، التي دفن فيها بقية الشهداء من رفاق زهير بن قيس، ويبلغ عددهم نحو سبعين مجاهدا من رفاق زهير، وكان ذلك على أصح الروايات، وقد تم تشييد هذه الأضرحة في القرن الحادي عشر الهجري، ونعود الى الخليفه يزيد بن معاويه، حيث سار يزيد على خطة أبيه معاويه في الصوائف.

ففي عام واحد وستين للهجرة، أرسل مالك بن عبد الرحمن الخثعمي إلى أرض الروم، ثم أرسل يزيد صائفة بقيادة مالك بن عبد الله إلى مدينة قونية، وهى مدينة تركية، وهي محافظة تحمل نفس الاسم تقع في وسط جنوب الأناضول، وقد بلغت ذروة مجدها عندما كانت عاصمة الدولة السلاجوقية قبل الغزو المغولي، وبها موقع معركة قونية التي انتصر فيها الجيش المصري على العثمانيين، وفى عهد يزيد بن معاويه، شارك فيها الخثعمي، ومالك الخثعمي، وهو أبو حكيم، ويعرف بمالك السرايا، أو مالك الصوائف، وقد ولّي الصوائف وهى الحملات الصيفية، في زمن معاوية بن أبي سفيان، ثم في زمن ابنه يزيد، ثم في زمن عبد الملك بن مروان، وقد مات غازيا في أرض الروم.

وقيل أنه كسر المسلمون على قبره أربعين لواءً حداداً عليه، وكان قد قاد جيوش الصوائف أربعين سنة، وكان يقال له صحبة، ولم يصح أي لم يُثبت أنه كان صحابيا، وقيل أنه كان صالحاً كثير الصلاة بالليل، وقيل: لم يكن له صحبة، وإنما كان من التابعين، والله أعلم، وكذلك أرسل صائفة أخرى في عام اثنين وستين للهجرة بقيادة الحصين بن النمير السكوني، والحصين بن النمير بن نائل السكوني الكندي كان قائداً عسكريا في الدولة الأموية، وأما عن تفاصيل حياته فهى غير معروفة إلا أنه قاتل في موقعة صفين وكان قائد قسم من جيش مسلم بن عقبة الذي استباح المدينة المنورة ثم قاد بقية الجيش عقب وفاة ابن عقبة المري وفق رغبة يزيد بن معاوية وحاصر عبد الله بن الزبير وضرب الكعبة بالمنجنيق.

وقاتل في ثورة التوابين وقتل حبيب بن مظاهر الأسدي وعلق رأسه على رقبه حصانه، وقد كان له دور كبير في جمع القبائل اليمانية في الشام لنصرة مروان بن الحكم وله أثر بارز في معركة مرج راهط، وقد أختلفت المصادر في وفاته فمن الإخباريين من قال أنه قُتل، من قبل إبراهيم بن الأشتر النخعي، متأثرا بجراح أصابته ومنهم قال أنه قُتل خلال ثورة المختار الثقفي، وفي نفس العام غزا عبد الله بن أسد بن كرز القسري، قيسارية، وفي عام أربعه وستين للهجرة غزا يزيد بن أسد أرض الروم، ويزيد بن أسد بن كرز البجلي، هو ابن الصحابي أسد بن كرز بن عامر، وهو وجد خالد بن عبد الله بن يزيد القسري أمير العراق لهشام بن عبد الملك، وهو قائد يماني من الشجعان وذوي الرأي.

وخرج مع بعوث المسلمين إلى الشام، فسكن دمشق وكان فيها من ثقات معاوية وخاصته، ولما حوصر عثمان بن عفان في المدينة، هب يزيد من دمشق لنجدته بأربعة آلاف فارس من بجيلة الذين بالشام، فوصلها بعد مقتل عثمان، وقيل أنه كلمه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا يزيد بن أسد حب للناس ما تحب لنفسك، وفي عام اثنين وستين للهجرة غزا سلم بن زياد، خوارزم فغنم مالاً كثيراً، ثم اتجه إلى سمرقند فصالحوه، وسلم بن زياد بن أبيه، وهو أمير أموي، كنيته أبو حرب، وقد كانت إقامته بالبصرة، وقد ولاه يزيد بن معاوية خراسان سنة واحد وستين من الهجره، فذهب إليها، وغزا سمرقند، وكان جوادا، وقد أحبه الناس ومدحه الشعراء.

ولما مات يزيد بن معاوية وابنه معاوية بن يزيد، دعا سلم أعيان خراسان إليه، وعرض عليهم أن يبايعوه على الرضا، إلى أن يستقيم أمر الناس على خليفة، فبايعوه سنة أربعه وستين من الهجره، ثم نكثوا بعد شهرين، فاستخلف عليهم المهلب بن أبي صفرة، ورحل إلى سرخس، ومنها إلى نيسابور، واجتمع بعبد الله بن خازم فأرسله إلى خراسان وعزل المهلب، وقامت فيها الفتنة على عبد الله بن خازم، وهو بعيد عنها، وتوفي سلم بن زياد، بالبصرة، وولى المنذر بن الجارود السند في هذه السنة وثغر قندابيل، ولما مات أخذها ابنه الحكم، ثم أرسل يزيد سنان بن سلمة ففتح الموقان، ثم أرسل عبد الرحمن بن يزيد الهلالي، كما وصل المسلمون إلى بخارى، وخجنده، ويارقند وختن في شمال شرق جبال الهملايا

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *