Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

نكمل الجزء الثامن ومع الحديث عن الخليفه يزيد بن معاويه بن أبى سفيان، وبعد رفض عبد الله بن الزبير بيعة يزيد، ورفضه الصلاة خلف والي مكة والحج معه، جمع كل من دعمه من أهل مكة فكان يصلي بهم ويستشير كبارهم ويشاورهم ويحج بهم، قرر يزيد أن يرسل من يقبض على عبد الله بن الزبير ويلزمه بتنفيذ حلفه فأرسل إلى الوالي بإرسال الجند فاقترح عمرو بن الزبير بن العوام، وهو شقيق عبد الله بن الزبير، أن يتم تعيينه على الجند فتم له ما أراد، وهو عمرو بن الزبير بن العوام بن أسد بن عبد العزى بن قصي الأسدي القرشي، وكانت أمه هي أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، وهي ولدت في الحبشة مع أخيها سعيد بن خالد حين كان أبوهما خالد بن سعيد مهاجراً في الحبشة.

وقد سماه الزبير على اسم عمرو بن سعيد بن العاص الذي قُتِل في معركة أجنادين، وكان مع بني أمية ضد أخيه عبد الله بن الزبير، وامتنع عن البيعة بولاية العهد ليزيد، لما دعا إليها معاوية، ثم استعمله والي المدينة عمرو بن سعيد الأشدق على شرطتها سنة ستين من الهجره، وأرسله الأشدق إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير، فزحف عمرو بألفي مقاتل من المدينة إلى مكة، وقاتله مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، فأسره وأخذه إلى أخيه، فأمر بضربه، فقيل: مات تحت السياط، وقيل: صلب بمكة بعد الضرب، ثم أنزل، وقال ابن حزم: قتله أخوه عبد الله قودًا أي قصاصا، وكان عمرو بن الزبير، بعد تم تعيينه على الجند، فقد قاد عمرو بن الزبير ألف رجل واتجه لمكة ثم أرسل سبعمائه من جنده إلى ذي طوى.

بقيادة أنيس بن عمرو الأسلمي، وبعد ذلك قابل أخاه عبد الله بن الزبير، وطلب منه أن يمتثل ليمين الخليفة، إلا أن عبد الله بن الزبير رفض أن يلبس الأغلال، وطلب من أخيه أن يراجع يزيد، قبل ذلك أرسل عبد الله بن الزبير جيشاً استطاع الإحاطة بجند أنيس وقتله، كما طلب عبد الله بن الزبير من مصعب بن عبد الرحمن أن يهاجم جند عمرو بن الزبير فاستطاع هزيمتهم، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف، هو تابعي وأحد رواة الحديث النبوي، واسمه مصعب بن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وكانت أمه هى أم حريث من سبي بهراء من قضاعة ، وكان مصعب ثقة قليل الحديث.

وقد توفي سنة أربعه وستين من الهجره، وبعد أن استطاع مصعب بن عبد الرحمن أن يهاجم جند عمرو بن الزبير وهزيمتهم، بعد ذلك هرب عمرو إلى إحدى البيوت ثم استجار بأخيه عبيدة بن الزبير فأجاره وأخذه إلى عبد الله بن الزبير، إلا أن عبد الله اقتص منه لكل من آذاه في المدينة، ومات عمرو بن الزبير أثناء الاقتصاص منه، وبعد واقعة الحرة، استمر الجيش بقيادة مسلم بن عقبة حتى وصلوا إلى المشلل حيث توفي مسلم، وقد تولى الحصين بن النمير السكوني قيادة الجيش حتى وصلوا إلى مكة فنشر جيشه وحاصروها لأكثر من شهر بدون قتال، والحصين بن النمير بن نائل السكوني الكندي، كان قائداً عسكريا في الدولة الأموية، وقد قاتل في موقعة صفين وكان قائد قسم من جيش مسلم بن عقبة.

الذي استباح المدينة المنورة ثم قاد بقية الجيش عقب وفاة ابن عقبة المري وفق رغبة يزيد بن معاوية، وحاصر عبد الله بن الزبير وضرب الكعبة بالمنجنيق وقاتل في ثورة التوابين، والثورة التوابين هي أول ثورة قامت بعد واقعة كربلاء بهدف الثأر للحسين بن على وأصحابه الذين قتلوا هناك، و قد كانت بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي عام خمسه وستين من الهجره، وقتل حبيب بن مظاهر الأسدي، وعلق رأسه على رقبه حصانه، وكان له دور كبير في جمع القبائل اليمانية في الشام لنصرة مروان بن الحكم وله أثر بارز في معركة مرج راهط وقيل أنه قُتل من قبل إبراهيم بن الأشتر النخعي متأثرا بجراح أصابته، وقيل أنه قُتل خلال ثورة المختار الثقفي، وبعد أن حاصر الحصين مكه أكثر من شهر.

وبدأ القتال في منتصف شهر صفر حيث حاول الحصين أن يتقدم بجيشه، وبالفعل استطاع الحصين أن يسيطر على جبل أبي قبيس وجبل قعيقعان، ثم تقدم وسيطر على جميع المناطق ما عدا المسجد الحرام الذي كان يحتمي فيه عبد الله بن الزبير، وبعد أن سيطر الحصين على جبلي أبي قبيس وقعيقعان قام بتثبيت المنجنيق عليها، فقام عبد الله بن الزبير بوضع الألواح حول الحرم وكان من معه ينامون في الخيام بجانب الكعبة بعد اشتداد القتال، وفي ليلة الحريق كانت الريح شديدة فعلقت النار بالخيام والفرش بجانب الكعبة وامتد الحريق إليها ولم يقدروا على إطفاء الحريق، وقد تسبب الحريق بإيقاف أحداث المعركة حيث ذهل الفريقان بما حصل، فقال أحد جنود أهل الشام: هلك الفريقان والذي نفس محمد بيده.

وسجد عبد الله بن الزبير وأخذ يدعو ويقول: اللهم إني لم أتعمد ما جرى، فلا تهلك عبادك بذنبي، وهذه ناصيتي بين يديك، وكان احتراق الكعبة بعد موت يزيد بخمسة أيام وقبل وصول خبر موت يزيد بأحد عشر يوماً، أي في العشرين من شهر ربيع الأول، وتوفي يزيد بن معاويه في حوارين ومات في شهر ربيع الأول سنة أربعه وستين للهجرة، هذه هو يزيد بن معاويه، الذى وقف عند وفاة إبيه الخليفه معاوية بن أبى سفيان، فقال : الحمد اللّه الذي ما شاء صَنع ومَن شاء أعطى ومَن شاء مَنَع ومن شاء خَفَض ومن شاء رَفع، إن أميرَ المؤمنين كان حَبْاً من حِبال اللّه مدَّه ما شاء أن يَمدَّه ثم قَطعه حين أراد أن يَقْطعه وكان، دون مَنِ قبلَه وخيراً ممن يأتي بعدَه ولا أزَكِّيه عند ربّه وقد صار إليه.

فإن يَعفُ عنه فَبِرَحْمته وإنْ يُعاقبه فَبِذَنبه وقد وُلِّيتُ بعدَه الأمرَ ولستُ أعتذر من جَهل ولا آسىَ على طَلَب عِلْم وعلى رِسْلكم إذا كَرِهَ اللّه شيئاً غيَّرَه وإذا أحبَّ شيئاً يسَّره، وهذا هو يزيد بن معاويه الذى قال: الحمد لله أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكّل عليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله اصطفاه لوحيه واختاره لرسالته بكتاب فصله وفضله وأعزه وأكرمه ونصره وحفظه ضرب فيه الأمثال وحلّل فيه الحلال وحرَّم فيه الحرام وشَرع فيه الدين إعذاراً وإنذاراً لئلا يكونَ للناس على الله حُجَّة بعد الرسل ويكونَ بلاغاً لقوم عابدين أوصيكم عبادَ اللّه بتقوى الله العظيم الذي ابتدأ الأمور بعِلمه.

وإليه يَصير مَعادُها وانقطاع مُدتها وتَصرُّم دارها ثم إني أحَذِّركم الدنيا فإنها حلوة خضرة حفت بالشهوات ورَاقتْ بالقليل وأينعت بالفاني وتحبَّبت بالعاجل لا يَدومُ نَعيمُها ولا يؤْمَن فجيعُها أكَّالة غَوَّالة غرَّارة لا تُبْقي على حال ولا يَبقى لها حال ولن تَعْدُو الدنيا إذا تناهت إلى أمْنية أهل الرغبة فيها والرِّضا بها أن تكون كما قال الله عز وجل: ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗوَكَانَ الله عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ) نسأل الله ربنَّا وإلهنا وخالِقنا ومولانا أنْ يجعلنا وإياكم من فزَع يومئذ آمنين إنَّ أحسن الحديث وأبلغَ الموعظة كتاب الله، يقول الله: ( وإذا قُرِئ القُرآن فاسْتَمِعُوا لهُ وأنْصِتُوا لعلكم ترحَمُون )

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) صدق الله العظيم، وكما قال يزيد بن معاوية : إذا مرض أحدكم مرضا فأشفي ثم تماثل، فلينظر إلى أفضل عمل عنده فليلزمه ولينظر إلى أسوأ عمل عنده فليدعه، وهكذا انتهت خلافة يزيد بن معاويه كما سينتهى كل شئ فكل أول له آخر، وكل بدايه ولها نهايه، فسبحان الأول بلا بدايه والآخر بلا نهايه.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *