Share Button

بقلم وَ شِعر:
رافع آدم الهاشميّ
………
لِكُلِّ بدايةٍ نهايةٌ، وَ ما بينَ البدايةِ وَ النهايةِ نقطةُ الوسَطِ الّتي تسبقُها وَ تلحَقُها نقاطٌ مُتعَدِّدةٌ أُخرى، وَ إِذ أَنَّنا على مشارفِ أَعتابِ السنةِ الميلاديَّةِ الجديدةِ (2020)، فهذا يعني بالنسبةِ لك أَنت، أَنَّهُ لَم يتبقَّ أَمامك سوى أَيَّامٍ قليلةٍ جدَّاً لِتفتَقِدنيَ بعدَها بالكاملِ في شتَّى مفاصلِ الحياةِ الّتي تربطك بي؛ إِذ لَم يبقَ أَماميَ سِوى أَيَّامٍ قليلةٍ جدَّاً لأَبدأَ فيها مرحلةَ اعتكافي الّتي أَشرتُ إِليها في أَكثرِ مِن مقالٍ لي سابقاً، بأَكثرِ مِن مُناسَبةٍ وردَتِ الإِشارَةُ فيها إِليهِ، حَيثُ سأَبدأُ مرحلةَ الاعتكافِ إِن شاءَ اللهُ تعالى، الّتي هيَ غَيبَتي الصُّغرى، بتاريخِ يوم السبتِ المصادف (4/1/2020) ميلاديَّاً، وَ هيَ غَيبَةٌ قَد تطولُ لأَشهُرٍ عَديدَةٍ وَ رُبَّما لِعدَّةِ سنواتٍ لا يعلمُها إِلَّا اللهُ، أَغيبُ فيها عَنِ الجَميعِ قاطبةً، عَدا خواصّ الخاصَّةِ الْمُقرَّبينَ إِليَّ، كما أَغيبُ فيها عن كثيرٍ مِنَ الأَشياءِ، بما فيها قَنواتيَ الرَّسميَّةِ كافَّةً، وَ إِذ أَنَّ اللقاءَ بيني وَ بينك هذا سيحتوي على آخِرِ كلماتٍ لي قبلَ البدءِ بالاِعتكافِ، يُسعِدُني أَن أَضَعَ أَمامك آخِرَ قصيدةٍ لي في حياتي، وَ هيَ تتأَلّفُ مِن (27) سبعٍ وَ عشرينَ بيتاً مِنَ الشِّعرِ العموديِّ الفصيحِ، وَ في آخِرِها وضعتُ بيتَ التَّاريخِ الشِّعريِّ الْمُجفَّرِ؛ الّذي يحتوي على تاريخِ الاعتكافِ بشكلٍ مُجفَّرٍ، وَ هُوَ سِرٌّ مِن أَسرارِ عِلم الجَفرِ ذو الارتباطِ الوثيقِ الصِلةِ بفَنِّ الشِّعر الجَفريّ، الّذي وهَبني إِيَّاهُ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ، كَما وَهبَني غيرَهُ الكثير، فللهِ الحمدُ حمداً كثيراً كما هُوَ أَهلُهُ، وَ قَد انتهيتُ مِن نظمِها في تمامِ السَّاعةِ الـ (7) سابعةِ وَ الـ (38) ثمانٍ وَ ثلاثينَ دقيقةً من صباحِ يومِ الخميسِ الموافق (26/12/2019) ميلاديّ، المصادف (29/ ربيع الثاني/ 1441) هجريّ قمريّ، المطابق (5/10/1398) هجريّ شمسيّ، أَيّ: قبلَ دخولنا السنةَ الميلاديَّةَ الجديدةَ (2020) بـ (5) خمسةِ أَيَّامٍ فَقط، وَ قبلَ بدءِ دخوليَ في الاعتِكافِ بـ (9) تسعةِ أَيَّامٍ لا غير، فها قَد بدأَت ساعَةُ العَدِّ التنازُليِّ السريعِ لاعتزاليَ المؤقَّتِ وَ غيابيَ عنك وَ عنِ الجميع كذلكَ، فأَقولُ:
وَ شَوقٌ في الْفُؤادِ إِليكَ دارُ
رَجا مِنكَ الْوِصالَ فَلا يُحارُ
وَ نورٌ شَعَّ في الأَعماقِ مِنِّي
أَتاكَ بكُلِّ صِدقٍ يُستَجارُ
فَما أَسعَفتَني يَوماً بوَصلٍ
يُحيلُ الدمعَ وَرداً إِنْ يَغارُ
وَ ما أَبقيتَ لي في الْقَلبِ شَوقاً
إِليكَ وَ أَنتَ جُلمودٌ وَ نارُ
لِهذا أَنَّني في كُلِّ حَزمٍ
بعَزمٍ ثابتٍ صَدَرَ الْقَرارُ
لَقَد حانَ اعتِكافٌ سَوفَ يُفضي
لِخَيرٍ دائِمٍ يَبقى يُسارُ
فَقَد أَيقَنتُ أَنَّ الْجُلَّ غَدرٌ
يَروغُ بأَلفِ وَجهٍ يُستَعارُ
وَ أَنَّ الحاسِدينَ غَدَوا كُثارى
كَجمرٍ خامِدٍ دَوماً يُثارُ
وَ أَنَّ الخاذلينَ كاِبنِ آوى
يَسيرُ إِلى اِصطيادٍ وَ هُوَ جارُ
فَما نَفعُ الْنَّصيحَةِ بَينَ قَومٍ
فَشا فيهِم نِفاقٌ وَ اغتِرارُ؟!
وَ ما جَدوى الكَلامِ وَ هُمْ بسَمعٍ
توارى خَلفَ كُهَّانٍ فَجاروا
وَ إِذ لي في الْوَرى أَطهارُ قَلبٍ
مُحِبٍّ ذو وَفاءٍ هُمْ مَنارُ
فَهَذي صُورَتي تُنبي بذِكري
لِتبقى حَيَّةً فيها اِنتِصارُ
وَ أَغدو في البِقاعِ هَوىً لِشَوقٍ
أَتى في فيهِ عِطرٌ وَ انتِشارُ
تُنادي على الأَحِبَّةِ أَنْ تعالوا
إِليَّ بكُلِّ طَيفٍ لا يُنارُ
فأَنتُمْ نبضَةٌ في القَلبِ تبقى
ضياءً لا يَراهُ معي اِنكِسارُ
لِيصدَحَ قائِلاً صَوتٌ عَفيفٌ
يُدَوِّي عالياً وَ هُوَ ابتِدارُ
أَنا ذا (رافِعٌ) اِسمي وَ (آدَمْ)
رَديفٌ وَ الـ (قِوامُ الْدِّينِ) غارُ
وَ أَنِّي (الهاشميُّ) بكُلِّ فَخرٍ
وَ جَدِّي الْمُصطَفى طُهرٌ شِعارُ
وَ هذا عَمِّيَ الْمَهديُّ أَتقى
إِمامٍ للزَّمانِ لَهُ اقتِدارُ
أَنا شَمسُ الْحَقائقِ وَ الْخَفايا
بأَسفارٍ يَدومُ بها اِبتِكارُ
أُقَدِّمُ باقَةً بالْحُبِّ تُروى
معَ الأَعباقِ يُسقيها الشَّغارُ
لِكُلِّ أَحِبَّتي في أَيِّ أَرضٍ
لَهُمْ مِنِّي السَّلامُ بهِمْ يُشارُ
عَلى أَمَلِ اللقاءِ وَ لَستُ أَدري
غيابيَ باعتِكافٍ كَمْ يُصارُ!
سَتَبدأُ غَيبَتي الصُّغرى قَريباً
بمَطلَعِ ذا جَديدُ العامِ قارُّ
بيَومِ السَبتِ (باءَ) بشَهرِ ثانٍ
مِنَ الكانونِ ناقوسٌ يُدارُ
وَ قَد أَرَّختُهُ: (رَبِّي أَغِثني)
وَ زِد (مَوْرَاً) بذا تَمَّ الْمَسارُ.
………
توضيحاتٌ:
الاعتِكاف: هُوَ اِلتزامُ الشخصِ مكاناً وَ الانقطاعُ فيهِ؛ بُغيةَ التفرُّغِ الكاملِ لإِنجازِ شيءٍ ما، وَ هُوَ أَشبَهُ بالاعتِزالِ المؤقَّتِ عَنِ كافَّةِ الأَعمالِ السابقةِ، بما فيها التواصل معَ الآخرينَ، حتَّى الانتهاءِ التامّ مِن فترةِ الاعتِكاف. وَ: جُلمودٌ: صَخرٌ شَديدُ القساوَةِ. وَ: فَشا: ظَهَرَ وَ انتَشرَ وَ سَرى. وَ: اِغتِرارُ: ظَنُّ الشيءِ كما يتصوَّرُهُ الشخصُ لأُمورٍ فيهِ تُعطيهِ شعورٌ بالغُرورِ إِلَّا أَنَّها تُخالِفُ الواقعَ تماماً. وَ: غارُ: شَجَرٌ يُنبِتُ بَرِّيَّاً في سواحلِ الشام وَ الغَورِ وَ الجِبالِ الساحليَّةِ، دائِمُ الخضرةِ، يَصلُحُ للتزيينِ، وَ كانَ الرومانُ يَتَّخِذونَ مِنهُ إِكليلاً يُتَوِّجونَ بهِ القائِدَ الْمُظَفَّرَ أَوِ الشَّاعِرَ الْمُتميِّزَ؛ رَمزاً لِمجدهِ. وَ: شِعارُ: شارَةٌ تُحمَلُ؛ دَلالَةً على انتِسابِ حامِلِها إِلى ما تُشيرُ إِليهِ. وَ: أَسفار: الكُتُبُ الكَبيرةُ. وَ: الشَّغارُ: البِئرُ الكَثيرةُ الماءِ. وَ: قارُّ: مُستَقِرٌ. وَ: مَوْرَاً: طَريقاً مُمَهَّداً مُستوِياً. وَ جُملةُ التَّاريخ الشِّعريّ: (رَبِّي أَغِثني) = (1773)، وَ: (مَوْرَاً) = (247)، وَ المجموع = (2020)؛ وَ هيَ وِفقَ التَّاريخ الميلاديّ، حَيثُ سيبدأُ اِعتكافي (غَيبَتي الصُّغرى) بتاريخ يوم السبت الموافق (4/1/2020) ميلاديّ، المصادف (8/ جمادى الأُولى/ 1441) هجريّ قمريّ، المطابق (14/10/1398) هجريّ شمسيّ.
…….
أَسأَلُ اللهُ تعالى أَن تكونَ سنة (2020) الميلاديَّة الجديدة، سنةً سعيدةً لجميعِ أَصحاب القُلوبِ النقيَّةِ الطاهرةِ، المؤمنينَ وَ المؤمناتِ، في كُلِّ بقاعِ الأَرضِ، بغَضِّ النظرِ عَن العِرقِ أَوِ الانتماءِ أَوِ العقيدة، خاصَّةً أَحبَّتي في اللهِ الّذينَ شَرَّفوني وَ اللواتي شَرَّفَنِّي بأَن أَكونَ في قلوبهم وَ قلوبهنَّ دائماً، وَ الّذينَ هُم وَ اللواتي هُنَّ في قلبيَ إِلى الأَبد، على رَغمِ قلَّةِ أَعدادهِم وَ أَعدادهنَّ بينَ آلافِ المعارفِ لَديَّ مِنَ الأَشخاص، راجياً لَهُم وَ لَهُنَّ وَ ليَ أَيضاً، دوامَ التوفيقِ وَ السؤدَدِ وَ النجاح، وَ أَخيراً وَ ليسَ آخِراً إِن شاءَ اللهُ تعالى، إِلى أَن يحينَ اللِقاءُ مُجدَّداً بعدَ انتهائيَ مِن فترةِ الاعتكافِ، أَقولُ: الوداع.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *