Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الخامس مع المواساة فى القرآن الكريم، فإن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، ومن تخلى عن إخوانه في محنتهم ليفترسهم الجوع والبرد والخوف فقد ظلمهم وأسلمهم وخذلهم، ويخشى أن تزول نعمته، وأن تعجل نقمته، وأن تبدل عافيته، وليتحر من واسى إخوانه أن يقع ما بذل في أيدي مستحقيه لئلا يستولي عليه تجار الأزمات، الذين يعظم ثراؤهم بمعاناة غيرهم، وكم هم الذين يتاجرون بدموع الفقراء وانين المساكين، فاحرصوا على خيركم حتى يصل لاهله وذويه المستحقين، ونسأل الله تعالى أن يقبل من الباذلين، وأن يطعم الجائعين، وأن يدفئ البردانين، وأن يؤوي المشردين، وأن ينصر المظلومين، وأن يكبت الظالمين، إنه سميع مجيب.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله المواساة للمؤمنين أنواع، وهي مواساة بالمال، مواساة بالجاه، مواساة بالبدن والخدمة، ومواساة بالنصيحة والإرشاد، ومواساة بالدعاء والاستغفار لهم، ومواساة بالتوجع لهم، وعلى قدر الإيمان تكون هذه المواساة، فكلما ضعف الإيمان ضعفت المواساة، وكلما قَوي قويت، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس مواساة لأصحابه بذلك كله، وإن المواساة لا تقتصر على مشاركة المسلم لأخيه المسلم في المال أو الخدمة والنصيحة أو غير ذلك، ولكن المواساة تعني أيضا مشاركة المسلم لأخيه في مشاعره، خاصة في أوقات حزنه، وعند تعرضه لما يعكر عليه حياته، وهنا فإن إدخال السرور على المسلم.
وتطييب خاطره بالكلمة الطيبة، أو المشاركة الوجدانية هو من أعظم المواساة، وأجل أنواعها، وقد كان نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يواسي أصحابه في جميع أحوالهم، ولقد أرسل الله تعالى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، فوجد منهم نفورا وإعراضا، وتصدى له قوم غلاظ الأكباد، تعرضوا له بصنوف الأذى، فكان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة بعد فترة، مواساة للنبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيتا لقلبه على الحق، وتقوية لعزيمته للمضي في طريق دعوته، وبيّن الله تعالى له صلى الله عليه وسلم نصرته سبحانه للأنبياء السابقين الذين كذبوهم وأوذوا فصبروا حتى جاءهم نصر الله.
فيجد النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك تسلية ومواساة، حيث قال الله سبحانه وتعالى فى سورة الأنعام ” قد نعلم إنه ليحزنك الذى يقولون فإنهم لا يكذبوك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون، ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى آتاهم نصرنا” وكان الله تعالى يأمره صلى الله عليه وسلم بالصبر، فقال جل شأنه فى سورة الأحقاف ” فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل” وكان سبحانه يبشره بآيات المنعة والنصر، فقال تعالى فى سورة المائدة ” والله يعصمك من الناس” وقال جل شأنه لنبيه صلى الله عليه وسلم، فى سورة الفتح ” وينصرك الله نصرا عزيزا” وقال سبحانه وتعالى فى سورة المجادلة ” كتب الله لأغلبن أنا ورسلى إن الله قوى عزيز”
وهكذا كانت آيات القرآن الكريم تنزل مواساة لنبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن كيف اواسي شخص حزين ؟ فإن ذلك السؤال الذي كثيرا ما تبحث غالبية الأفراد على العديد من المواقع البحثية الرائجة والمتنوعة بغرض التوصل إلى أفضل مجموعة ممكنة من الطرق والوسائل المتاحة لمواساة الأشخاص المقربين سواء من الاهل أو الاصدقاء في أوقات حزنهم، فعادة ما يكون التعامل مع الشخص الحزين بمثابة أحد الأمور المحرجة التي قد تشكل بعض الصعوبة الفعلية على الفرد في التصرف بها على النحو السليم والمثالي، ذلك الأمر الذي قد يرجع بشكل أساسي إلى شعور ذلك الإنسان بالتعاطف الكبير مع الطرف الآخر. 

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *