Share Button

كتبت الكاتبة / مني إبراهيم خليل.
ضحكت ساندي ببراءتها وهي تداعب شنب والدها التي تنام بجواره داءما . وتشده منه كي توقظه ولكنه كان مستسلم ليدها الصغيرة ومبتسم من شقاوتها التي يعشقها . وكان أخيها الأكبر بسنتين محمود سبع سنوات . كاد أن يستيقظ من فرط ضحكاتها الهستيرية الطفولية البريئة. حتي أن جاءت مرات ابيها وصفعتها علي وجهها بشدة . فهي أيقظت ابنها محمود بضحكاتها هذه .نظرت ساندي لهذه الأم التي استبدلتها الايام بأمها التي توفاها الله حين ولادتها . فوالدتها الحقيقية اسمها الغلطة . كما تسميها وتسمع دائما من والدها هذا الكلام . انها كانت النزوة والغلطة وأنه تزوجها لمدة شهر عندا في هذه الأم الشريرة . حينما اخذت كل ملابسها وغصبت لمدة طويلة عند والديها وحذرها الاب بأنه سوف يتزوج عليها . وتم بالفعل الزواج من المرأة الريفية التي كانت تسكن في القرية الموجود بها مزرعة والدها . كل هذه الأفكار دارت براس هذه الطفلة المسكينة وهي تتذكر أنها كانت نتيجة الغلطة والتسرع . انها طفلة مختلفة وذكية عن باقي الأطفال حتي محمود نفسه الذي يكبرها هي اذكي منه فهي تتذكر انها تغلبه في جميع الالعاب . ويفرح بها والدها كثيرا . وتنظر لها هذه الأم بالعين الشريرة كما تسميها . تلقنت ساندي الصفعة وصمتت ومسكت وجهها البريء وذهبت الي الثلاجة لتشرب لأن الصفعة قد جففت ريقها بداخل حلقها . وأثناء فتحها للثلاجة . تلقت صفعة جديدة علي ظهرها . وشدت شعرها الاصفر الذهبي الناعم لتصرخ بشدة . ولكنها لا تبكي داءما مثل الاطفال. انها تطيل النظر بعين الأم الشريرة . ولكن الام كثيرا كانت تخاف وتتحاشي نظراتها الثاقبة. جلست ساندي بجوار دورة المياة علي الارض . تنتظر ابيها أن يخرج من الحمام . تنتظره هو تريده لا لتشتكي الأم الشريرة . وأثناء انتظارها بجوار دورة المياة . انهم قادمون تراهم صغارا يلمعون يرتدون الابيض أصدقائها. تهمس معهم بصوت غير مسموع . تخاف عليهم من الام الشريرة . يلعبون هي اطول منهم وهم قصيرون ولكن تحبهم ولا تخبر أخيها محمود بهم . كما قالوا لها . انها تحبهم كثيرا أكثر من محمود الذي يأخذ منها كل الالعاب واحيانا يصفعها علي وجهها مثل الام الشريرة. ظلت ساندي هكذا تراهم حتي عمر تسع سنوات ثم اختفوا .. لم تبالي أو تهتم ولكن تتذكرهم دائما . ولكن كانت تصبر نفسها بأنهم كانوا وهم واحلام الطفولة . كبرت ساندي وكبر الاب والام وتزوج محمود وذهب لبيته . ومرض الاب وأصبح قعيدا يالفراش . وظلت الام تعامل ساندي بنفس العنف والنهر المستمر . واحيانا تستهزء بعنوستها فهي تخطت الثلاثين وبجمالها هذا كله لا يعيش لها عريسا واحدا ينصفها من لسان هذه الأم الشريرة ويأخذها خارج الديار. اصبحت ساندي حديث الحي بأنها نذير الشؤم علي كل من يتقدم لخطبتها. فهذا المهندس الشاب الوسيم الذي تقدم لقراءة فتحتها وسافر ووقعت به الطائرة واحترقت . والمدرس جارها الذي يوم خطبتها اتحرقت غرفته بسبب المروحة وحرقت كل جسده . وزميلها بالعمل الذي قرر الزواج بها قانتابته أزمة قلبية دخل علي أثرها غرفة العمليات لعمل دعامات بالقلب وهو الذي لا يدخن سيجارة حتي واحدة وشاب رياضي جدا ومعروف بأخلاقه. تتذكر كل ذلك وهي الوحيدة التي تعلم السبب .. هي وحدها . دخلت الي غرفتها تبكي علي سريرها بشدة مبللة بدموعها وسادتها بعد جلسة التوبيخ مع مرات ابيها. حتي ظهر أمامها صديقها الذي يأتيها دائما من عالمه الآخر . مرتديا بدلة سوداء جميلة وقميص أبيض كان شكله هذه المرة مهتم بنفسه فوق العادة . جلس علي طرف السرير ولمس شعرها احست به نظرت إليه بكل دموع عينيها . تتمني أن تلمسه ولكنها داءما تمسك الهواء. تتمني أن تحتضنه . لكن خواء في خواء. بكت أكثر واكثر . وتمنته جسدا تتباهي به أمام كل الناس ومرات ابيها الملعونة . نفخ كثيرا بفمه عليها ليطير شعرها الذهبي ونفخ علي فستانها الجميل القصير وأخذها في رحلة ليلية كعادته عندما يراها حزينة . يأتيها من عالمه الآخر لا يتحمل حزنها لانه يحرق قلبه . طار بها بعد أن احتضنها بالهواء ارتفعت وارتفعت لاول السماء . انا تشم رائحة الهواء تتنفس الصعداء. أنها تعشق هذه الرحلة . ارتفع بيها أكثر رأت النجوم والسحاب والقمر أخذ يطير بها في كل مكان ويتمايل بها احيانا . وتضحك وتفرح . وتطير أكثر واكثر . اجلسها فوق سحابة بيضاء كبيرة في ظلمة السماء والنجوم ساطعة من حولها . ياله من منظر خلاب . جلس بجوارها تشعر بانفاسه وطاقته ولكن لا تستطيع أن تلمسه. ومن فوق هذا السحاب نظرت للأرض وكانت صغيرة جدا . وصغرت معها كل أحزانها .. حتي تلاشت . ونسيت كل شيء أن الفجر أصبح وشيكا . اخذها صديقها واحتضنها ليعيدها الي عالمها من جديد . وفي غرفتها نامت نوما عميقا لم تنامه منذ سنوات . استيقظت علي صوت صرخات الام الشريرة . ذهبت الي حجرتها . وجدت أن فمهما كله متجها الي ناحية واحدة ولا تستطيع رفع ذراعيها. اتصلت بالاسعاف . وفي المستشفى جاءها الخبر أن التشخيص جلطة بالمخ ولن تستطيع الكلام مرة أخري ولا تحريك ذراعيها. انتابتها مشاعر مختلطة من الحزن والفرحة . اتفرح أنها سترحم من هذا اللسان الذي ظل لسنوات يجرحها واليد الباطشة بها دائما ولكن العشرة لا تهون عليها . دخلت دورة مياة المستشفي وسمعت همس صديقها . ساندي انا احبك . استسلمت ساندي للنداء أنها أيضا تحبه. من الذي مثله سوف يأخذها فوق السحاب في رحلة . ضحكت كثيرا . وهي خارجة من دورة المياه ولم يتعجب محمود أخيها منها لانه دائما كان يسميها المجنونة ايام التصنت عليها وهم صغار . وعاشت ساندي بعالمها الآخر راضية به . لا تريد الزواج.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *