قهوة القاضي
الجزءالرابع
بقلم: د.نادية نواصر
اين انت يانانا؟ ماذا تفعلين الان؟ ماذا فعلت معك الحياة؟ منذ قدومك الي لاجل ابنك لم تتصلي ولم تسالي عن( الرايس)
لكن الرايس يا نانا قد خصص لك مكانا في الذاكرة يتفقدك فيه كلما فرغ من قضايا المواطنين. اني استرجع الذكرى واراك الان جالسة امامي باناقتك وجمالك..عيناك يا نانا فيهما سحر غير عادي ..لونهما المذهل يزلزل كياني
انني اراك كما لو انك هنا..اني اراك يا امراة لم تكن عادية بالنسبة لي..نعم اراك بذلك الخجل الذي يزيدك انوثة..اراك وانت تطاطئين راسك خجلا كلما حدقت فيك.. بنبرة صوتك المثير وهدوءك الاسر..
واراني حين حضرت قهوتك بيدي..دون ان اشعر . لك وحدك حضرت القهوة يانانا هل تدركين ما قيمة ذلك؟ انا الرايس الذي يخدمونه قبلت ان اكون خادمك….ان اكون الناذل..
لماذا يانانا وضعت حاجزا بيننا يومها؟ ما السر ؟ مع انك امراة حرة ووحيدة؟ قولي ما السر نانا الجميلة؟
مع انني حين سالتك كيف تجدينني اجبت: وسيم وجذاب وتبدو عليك تقاسيم الطيبة..
اذا كنت طيبا لماذا جعلت مساءنا يتوقف عند طاولة العشاء؟
اتعرفين انني وددت لو طال العشاء. ؟ وددت ان اطلب خمسون طبقا ليظل الناذل في ذهاب وايام ..ونظل جالسين اكثر وقت ممكن بحجة ان العشاء مستمر…
وحين انتهى العشاء كنت مستعجلة للنوم او للهروب مني او….لا ادري يانانا لماذا عجلت بالصعود الى غرفتك؟
وبالرغم من ترددك وتمنعك تجرات وطلبت منك ان تسمحي لي بتقيبل يدك…لعلها تكون جسرا واصلا بيننا يجعلك تغيرين رايك ونواصل الجلوس والحديث معا..فلعل معجزة ما تحدث وقتها…وبالرغم من انك سحبت يدك بسرعة الا انني اشكرك
اشكرك من كل قلبي على تلك الومضة من السعادة.
نانا العظيمة ذلك المساء الذي تناولت فيه العشاء معك مساك من كوكب الملائكة. مساء فريد من نوعه..لم اعشه من قبل مع نساء اشتريتهن بمبالغ معينة…ولو وجدن من يدفع اكثر مني لتركنني وغيرن وجهتهن..اشتريت الكثير من النساء يانانا…اما انت فلقد كنت بالنسبة لي رغم رقيك وتحضرك كانك من زمن غير هذا الزمن الشيء الذي جعلني اشعر بالارتياح والامان معك..الشيء الذي اخرجني اجواء القانون وقضايا المجتمع …هذا المجتمع بكل علله ومشاكله واجوائه الرهيبة..رهيب ما اعيشه معهم يوميا يا نانا: رجل يذبح زوجته بسبب الخيانة. زوجة تقتل زوجها لانه خانها واخرى تحرق زوجها لانه تزوح عليها. اب يعتدي على ابنته. اخ يعتدي على اخته. كنة في علاقة مع حماها. اخ يخون اخيه مع زوجته. تجار مخذرات يستخدمن فتيات وشبان لصالح الترويج والبيع لهذا السم الذي قضى على شبابنا وغيرها من القضايا التي بامكانها ان تلوث فكري وترهقه…المساء معك اخرجني من هذه العتمة الى طهرك ونبلك ورقيك..
حين رفضت المبلغ الذي سلمته لك لعلك تحتاجين لامر ما. تيقنت اي نوع من النساء انت ايها الملاك النقي..في طهرك اردت ان استحم طويلا ولو من بعيد..بافكاري وروحي..لكنك بالرغم من ان مترا واحدا كان يفصلنا ونحن نجلس الى طاولة العشاء الا انك كنت بعيدة. بعيدة كنجمة شريدة في ال ..هناك..في سماء عالية. عالية..عالية علو شموخك يا نانا..
هل ستعودين مرة ثانية؟ هل ستحتاجين الي؟ اتمنى ان تحتاجي الي مرة اخرى ..لعل شيئا ما يتغير وينمو..ويكبر. اتمناه ان يكبر يا نانا.. مجنون من يضيعك ..مجنون يانانا من لا يحسن القبض عليك…لازلت اناضل لاجل ذلك ولن افقد الامل..رغم انك قلت لي ان احد العقلاء نصحك الا تعشقي السياسي ورجل القانون ورجل الاعمال والكولونيل ومن في الجيش فهؤلاء في سهراتهم يغيرون النساء كالقمصان. لازلت احفظ جملتك هذه…لعلك تغيرين رايك وترينني عكسهم ..عكس ما امنت به اتجاههم..ايتها الراقية الانثى بكل مواصفاتها…ايتها الجميلة الشهية..ايتها العصية..الرزينة الحكيمة العاقلة..هكذا كنت اراك…ايتها المشعة بالحياة والقوة والعزيمة والصبر والصمت الجميل…اني اراك الان وكل يوم في الذاكرة التي لم تقتنع بغيابك..هل ستعودين في يوم ما.. ؟ هل ستحتاجين الي؟ اتمنى ان تحتاجي الي يا نانا.
الرايس خادمك…يا امراة لم تغادرني متذ غادرتني.