Share Button

بقلم / محمـــــــد الدكــــــــرورى
أين العفو اليوم أيها الناس لماذا نرى دائما حب الانتقام وحب الثأر على الظالم هل نسينا أن هناك اله الا اله الا هو ونسينا أن ثواب العافين عن الناس ثواب عظيم فبين أيدينا قصة تمثل السماحه والعفو والعدل انها سماحةَ عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضى الله عنه وأرضاه ورِفقَه وتأنِّيه عن مجازاة من أساء إليه …

ويوضح هذا أكثرَ قولُ عمر نفسه: بلغني أن الناس هابوا شدتي، وخافوا غِلظتي، وقالوا: قد كان عمرُ يشتد علينا ورسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – بين أظهُرِنا، ثم اشتد علينا وأبو بكر والينا دونه، فكيف وقد صارت الأمورُ إليه؟

ومن قال ذلك، فقد صدق؛ فقد كنتُ مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فكنتُ عبدَه وخادمه، وكان مَن لا يبلغ أحدٌ صفتَه من اللِّين والرحمة، وكان كما قال الله: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ …

فكنتُ بين يديه سيفًا مسلولاً حتى يغمدَني أو يدَعني فأمضي، فلم أزَلْ مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على ذلك حتى توفاه اللهُ وهو عني راضٍ، والحمد لله على ذلك كثيرًا، وأنا به أسعد ثم ولِي أمرَ المسلمين أبو بكر، فكان مَن لا ينكرون دَعَته وكرَمه ولِينه، فكنت خادمه وعونه، أخلط شدَّتي بلِينه، فأكون سيفًا مسلولاً، حتى يغمدني أو يدعني فأمضي …

فلم أزل معه كذلك حتى قبضه الله – عز وجل – وهو عني راضٍ، والحمد لله على ذلك كثيرًا، وأنا به أسعد ثم إني قد وَلِيتُ أمورَكم أيها الناس، فاعلموا أن تلك الشدة قد أضعفت، ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين، فأما أهل السلامة والدِّين والقصد، فأنا ألينُ لهم من بعضِهم لبعض …

وإن عمرَ العادل يريد خير هذه الأمة وعزَّتَها، وإقامة الحق، والرِّفق بالناس، فهو يقول عن الولاة: إني لم أَبعَثْ إليكم الولاة ليضربوا أبشاركم، ويأخذوا أموالكم؛ ولكن ليعلِّموكم، ويخدموكم وقد حدث في عهد عمرَ بنِ الخطاب أنْ جاء ثلاثة أشخاص ممسِكين بشابٍّ وقالوا: يا أمير المؤمنين، نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل؛ فقد قَتَل والدَنا.
فقال عمر بن الخطاب: لماذا قتلتَه؟

قال الرجل: إني راعي إبل، وأعزُّ جِمالي أكَلَ شجَرَة من أرض أبيهم، فضرَبه أبوهم بحَجر فمات، فأمسكتُ نفسَ الحجر وضربتُه به فمات.
قال عمر بن الخطاب: إذًا سأُقيم عليك الحدَّ.

قال الرجل: أمهلني ثلاثة أيام؛ فقد مات أبي وترك لي كنزًا أنا وأخي الصغير، فإذا قتلتَني ضاع الكنزُ، وضاع أخي من بعدي.
فقال عمر بن الخطاب: ومَن يضمنُك؟
فنظَر الرجلُ في وجوه الناس فقال: هذا الرجل.

فقال عمر بن الخطاب: يا أبا ذرٍّ، هل تضمنُ هذا الرجل؟
فقال أبو ذر: نعم يا أمير المؤمنين.
فقال عمر بن الخطاب: إنك لا تعرفه، وإن هرب أقمتُ عليك الحدَّ.
فقال أبو ذر: أنا أضمنُهُ يا أمير المؤمنين.

ورحَل الرجل ومرَّ اليوم الأول والثاني والثالث، وكل الناس كانوا يخافون على أبي ذر حتى لا يقام عليه الحد، وقبل صلاة المغرب بقليل جاء الرجلُ وهو يلهث، وقد اشتدَّ عليه التعب والإرهاق، ووقف بين يدي أمير المؤمنين عمرَ بن الخطاب.

قال الرجل: لقد سلمتُ الكنز وأخي لأخواله، وأنا تحت يدك لتُقِيم عليَّ الحد.
فاستغرب عمر بن الخطاب وقال: ما الذي أَرجَعك، كان ممكنًا أن تهرُب؟
فقال الرجلُ: خشيتُ أن يقال: لقد ذهب الوفاءُ بالعهد من الناس.

فسأل عمرُ بن الخطاب أبا ذر: لماذا ضمنتَه؟
فقال أبو ذر: خشيتُ أن يقال: لقد ذهب الخيرُ من الناس.
فتأثَّر أولادُ القتيل، فقالوا: لقد عفَوْنا عنه.
فقال عمر بن الخطاب: لماذا؟

فقالوا: نخشى أن يقالَ: لقد ذهَب العفوُ من الناس…..

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *