Share Button

 

أبرهة الأشرم أو من عرف بابرهة الحبشي ، هو من أشهر القادة العسكريين ، في مملكة أكسوم ، و قد أعلن ملكا على مملكة حمير و حكم اليمن و الحجاز ، لفترة امتدت قرابة العشرين عاما ، و قد رويت العديد من الاساطير و الروايات ، حول هذا الملك المسيحي المتدين ، حتى أنه قد اشتهر ببناء الكنائس ، و من أشهرها كنيسة ضخمة تم بنائها في مدينة صنعاء ، و قد اشتهر في التاريخ الإسلامي بالحملة الضخمة ، التي قام بها في عام ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكان هدف ابرهة الحبشي من بناء الكنيسة ، حسب ما رواه بعض المفسرين و المؤرخين ، أنه صرف العرب من الحج إلى مكة ، و تحويل إتجاههم إلى تلك الكنيسة الجديدة حتى أنه قام بإعداد جيش ضخم بصحبة الأفيال و دخل به إلى مكة و من قابله وقتها كان عبد المطلب عم النبي فخرج لمواجهته ، و التحدث معه فيما جاء فيه ، و قد رويت بعض الروايات عنه أنه حين رآه أكرمه ، و اهتم به و لكن ابرهة قابل الإحسان بالإساءة ، و في صبيحة اليوم التالي عزم ابرهة على تنفيذ تلك الخطة ، التي وضعها لهدم الكعبة المشرفة و ذهب مهرولا ناحية مكة ، و ما أن قارب الوصول لهناك حتى خرجت عليهم طيور من البحر ، يحمل كل طير ثلاثة حجارة و ذلك حسب رواية الطبري فقيل أنها كانت تلقي عليهم الحجارة فيهلكون حتى مات ابرهة في تلك الحادثة .

ويقال أن أبرهة الأشرم ، كان تابع للنجاشي هو وقائد الجيش اسمه أرياط ، تنازعوا على الزعامة ، أرياط ضرب أبرهة فشرم له هذا الموضع (شفتيه) فسمي أبرهة الأشرم ، والعسكر الذي وراء أبرهة ضرب أرياط فقتله فبقي أبرهة وهو تابع لملك الحبشة ، وكان ذا نواس وهو آخر ملوك حمير وكان مشركا وهو الذي قتل أصحاب الأخدود ، وكانوا نصارى وكانوا قريبا من العشرين ولم يفلت منهم إلا دوس ذو ثعبان فذهب فاستغاث بقيصر ملك الشام ، وكان نصرانيا ، فكتب له إلى النجاشي ملك الحبشة لكونه اقرب إليهم ، فبعث معه ملكين ارياط وابرهة ، فاختلفا في امرهما وتصاولا وتقاتلا وتصافا وقال احدهما للآخر : انه لا حاجة لنا إلى اصطدام بيننا ولكن ابرز إلي وابرز اليك ، فاينا قتل الاخر استق بعده بالملك ، فاجابه الى ذلك فحمل ارياط على ابرهة فضربه بسيفه فشرم انفه وفمه وشق وجهه وحمل عتودة مولى ابرهة على ارياط فقتله ورجع ابرهة جريحا فداوى الجراح فبرا منها واستقل تدبير الجيش في الحبشة باليمن .

فكتب اليه النجاشي يلومه ويتوعده بان يطأ بلاده وليحزن ناصيته فارسل اليه ابرهة يتودده ويترقق اليه فبعث برسوله بهدايا وتحف قيمة من تراب اليمن وأرسل اليه كتابا يقول ليطأ الملك على هذا الجراب فيبر قسمه ، وهذه ناصيتي قد بعثت بها اليك فلما وصلته الرسالة رضي النجاشي وأقر عمله ، وارسل ابرهة الى النجاشي يقول سابني لك كنيسة بأرض اليمن لم يبن احد قبله مثلها ، فشرع في بناء كنيسة عظيمة مزخرفة سمتها العرب القليس ،لان الناظر اليها تكاد تسقط قلنسوته على راسه من ارتفاع بنائها ، وعزم ابرهة الاشرم على ان يصرف اليها الحج كما يحج العرب الى مكة ونادى بذلك في مملكته وكره العرب ذلك حتى قصدها بعض العرب واحدثوا فيها وهرب فلما راى السدنة ذلك اخبروا ابرهة وقالوا انما فعل ذلك بعض قريش لغضبهم على بيتهم الذي ضاهيته بهذه الكنيسة فاقسم ليسيرن الى بيت مكة وليخربنه بيتا بيتا .

وذكر مقاتل بن سليمان ان فتية من قريش دخلوها فأججوا فيها نارا وكان يوما فيه هواء شديد فاحترقت وسقطت على الارض ، فتاهب ابرهة الى ذلك وصار في جيش عرمرم فلما اقترب ابرهة من الطائف خرج اليه اهلها ثقيف وصانعوا خيفة على بيتهم الذي عندهم الذي يسمونه اللات فاكرمهم وبعثوا معه ابا رغال دليلا فلما اقترب ابرهة الى المغمس وهو قريب من مكة نزل به واغار جيشه على سرح من الابل بامر ابرهة امير الجيش فبعث برحناطة الحميري ابرهة الى سيد مكة وكان يومئد عبد المطلب جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقال انا لا اريد قتالكم الا ان تصدوني عن البيت فقال عبد المطلب : والله لا نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة ، هذا البيت الله الحرام وبيت خليله ابراهيم فان يمنعه منه فهو بيته وحرمه ، وان يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه ، فقال له حناطة فاذهب معي اليه فذهب معه .

فلما راه ابرهة أجله ووقره ، وكان عبد المطلب رجلا جميلا حسن المنظر ونزل ابرهة عن سريره وجلس معه على البساط وقال لترجمانه قل له ما حاجتك ؟ فقال لترجمان : ان حاجتي ان ترد علي الملك مائتي بعير التي اصابها وهي لي ، فقال ابرهة للترجمان قل له : لقد كنت اعجبتني حين رايتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، اتكلمني في مائتي بعير اصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين ابائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه ؟ فقال له عبد المطلب اني انا رب الابل وإن للبيت ربا سيمنعك قال : ما كان ليمتنع مني قال عبد المطلب : انات وذاك : ورجع وامر قومه ان يصعدوا الجبل وان يهجروا مكة حتى يقضي الله بينه وبين ابرهة .

أو قيل أنه لما دخل حناطة مكة، سأل عن سيد قريش وشريفها، فقيل له: عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة، فقال له عبد المطلب: والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام أو كما قال ، فإن يمنعه منه فهو حرمه وبيته، وإن يخل بينه وبينه، فوالله ما عندنا دفع عنه، فقال له حناطة: فانطلق معي إليه، فإنه قد أمرني أن آتيه بك ، فانطلق معه عبد المطلب، ومعه بعض بنيه، حتى أتى العسكر فسأل عن ذي نفر، وكان له صديقا، حتى دخل عليه وهو في محبسه، فقال له: يا ذا نفر هل عندك من غناء فيما نزل بنا؟

فقال له ذو نفر: وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدوا أو عشيا؟ ما عندي غناء في شيء مما نزل بك، إلا أن أنيسا سائس الفيل صديق لي ، فسأرسل إليه، وأوصيه بك وأعظم عليه حقك، وأسأله أن يستأذن لك على الملك، فتكلمه بما بدا لك، ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك، فقال: حسبي ، فبعث ذو نفر إلى أنيس فقال له: إن عبد المطلب سيد قريش وصاحب عين مكة، يطعم الناس بالسهل والوحوش في رؤوس الجبال، وقد أصاب له الملك مائتي بعير، فاستأذن له عليه وأنفعه عنده بما استطعت ، قال: أفعل ، فكلم أنيس أبرهة، فقال له: أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك، وهو صاحب عين مكة، وهو الذي يطعم الناس بالسهل والوحوش في رؤوس الجبال، فائذن له عليك فليكلمك في حاجته و أحسن إليه. فأذن له أبرهة.

قال: وكان عبد المطلب أوسم الناس، وأعظمهم، وأجملهم، فلما رآه أبرهة أجلَّه وأكرمه عن أن يجلسه تحته، وكره أن تراه الحبشة يجلسه معه على سرير ملكه، فنزل أبرهة عن سريره، فجلس على بساطه، وأجلسه معه عليه إلى جانبه، ثم قال لترجمانه: قل له حاجتك؟ فقال له ذلك الترجمان ، فقال : حاجتي أن يرد على الملك مائتي بعير أصابها لي، فلما قال له ذلك، قال أبرهة لترجمانه: قل له لقد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك، قد جئت لأهدمه لا تكلمني فيه؟ فقال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه، فقال: ما كان ليمتنع مني. قال: أنت وذاك. فرد على عبد المطلب إبله.

فلما دخل مكة مع جيشه الجرار يتقدمه فيل ضخم اقبل نفيل بن حبيب حتى قام على جنبي الفيل ثم اخد باذنه فقال : ابرك محمودا او ارجع راشدا من حيث جئت ، فانك في بيت الله الحرام ثم ارسل اذنيه فبرك الفيل وصعد نفيل الجبل ضربوا الفيل ليقوم فأبى ، فاضربوا راسه بالحديد حتى ادموه ووجهوه نحو اليمن فقام يهرول ووجهوه الى الشام ففعل مثل ذلك ووجهوه الى الكعبة فبرك ، فارسل عليهم الله تعالى طيرا من البحر امثال الخطاطيف والبلسان مع كل طائر منهم ثلاثة حجارة يحملنها : حجر في منقاره وحجران في رجليه امثال الحمص والعدس ولا يصيب احد منهم الا هلك ، ولم تصبهم كلهم وخرجوا هاربين يبدرون الطريق ويسالون عن نفيل ليدلهم عن الطريق هذا ونفيل على راس الجبل مع قريش وعرب الحجاز ينظرون ماذا انزل الله على اصحاب الفيل من نقمة .

وقيل أنه ليس كلهم أصابته الحجارة ، يعني بل رجع منهم راجعون إلى اليمن ، حتى أخبروا أهلهم بما حل بقومهم من النكال، وذكروا أن أبرهة رجع وهو يتساقط أنملة أنملة، فلما وصل إلى اليمن انصدع صدره، فمات لعنه الله ، وعن السيده عائشة رضى الله تعالى عنها قالت: لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان، وتقدم أن سائس الفيل كان اسمه أنيسا، فأما قائده فلم يسم، والله أعلم ، وقيل أن السيل احتمل جثثهم فألقاها في البحر، وقيل أنه كانت قصة الفيل أول المحرم من سنة ست وثمانين وثمانمائة من تاريخ ذي القرنين.

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *