Share Button

بقلم الكاتب والناقد /سليم النجار

لسنا نطرز شعرا يوقد فتيل الشقاق بين الكلمات ؛ ليستعير الخيال بجمالية الأضداد ؛ إنما نورد خبرا غدا من فرط ابتذاليته الفجة ؛ يلوح بمفارقة لا تخلو من معنى ؛ أليس غريبا أن الإنسان بهذه الذروة التقنية التي يتسنمها في الزمن الحديث يعود إلى الزمن البدائي حيث نتمر أي جميعا عراة ؟! هكذا نولد من جديد ؛ ولكن بصيغة مزيدة ومنقحة ؛ فمن يسرح رجليه مشيا ولو قليلا في شوارع مدننا المبثوثة في حواشيها بأكشاك الصحف والمجلات لابد تخرج عيناه عجبا من التفريخ الورقي الكثيف للمنشورات التي تتخذ من الجسد الأنثوي موضوعا للأستهلاك ؛ ولست هنا لأحفر في ذاتي بمعول السؤال ؛ لماذا كتب الأدب والفكر تصفر تحت مداسات الأحذية بينما تحظى مجلات الموضة ذات الاستعراءات الجسدية بتحت الآباط ؟ إنما أمضي أبعد لآلوي بعنق السؤال آخر : الم نكن داخل هذا الجسدية دائما ؛ فلماذا يتم اكتشافه اليوم فقط؟ .
ليس من باب الحداثة او نافذتها المشرعة على الكون هذه العودة الجامحة في توظيف الجسد في شتى الانعكاسات ذات التعبير الجمالي ؛ نحتا ؛ رسميا ؛ إشهارا ؛ كتابة ؛ إعلاما ؛ وسينمائيا ؛ وإنما إطلاق لكبت ربته ذهنية التحريم قرونا ؛ ولا غرو أن العقدة هنا أوضح من أن نستغور الجمجمة حفرا لمعرفة مدى عمق أزمتها في اللاوعي الإنساني منذ كان الصوفيون يبلغون بالجسد في مجاهدتهم الروحية ؛ أقصى الفناء ؛ لأن هذا الجسد مسكن للشيطان وجمال خطايا ؛ لابد اليوم ونحن ننظر إلى هذا البرواز ( الجسد ) وقد استعاد وجوده في أفخم التجليات ؛ أن ينطرح ذات السؤال الكلاسيكي من جديد : هل كل هذا الوقود الجسدي الذي يهدر من دوارنه الآلي بصناعة لايضاهي رواجها المربح في العالم ؛ على حساب تدهور الروح وانحطاط الشعور ؟! ولن نجد مضاء من جواب احد الكتاب الفرنسيين ؛ حين قال ما معناه ؛ لقد قتل التوظيف السينمائي للجسد في أفلام خلاعية ( البورنوغرافيا) الحب !.
ونحن نعيش اليوم العصر الذهبي للتقنية ؛ اليس الأحرى بنا العودة للزمن البدائي حيث كان الإنسان القديم ؛ يحز على جدران الكهوف والأشجار والحجار ؛ رسومات وعلامات ؛ وينحت طواطم ؛ قد يبلغ في محاكاتها درجة … !
بدلا ان تتحول مجلات الموضة والصور السينمائية ؛ إلى قبور للشهوة المجنونة للجسد الإنثوي !.

كاتب فلسطيني .

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *