Share Button

سليم النجار
– هل أطلعتم على ثراء الموسيقى العربية ؛ أذن طالعوا كتاب الأغاني لأبي فرج الإصفهاني فهو يصف باسهاب جوانب مشرقة من حياة العرب الموسيقية الثرية ومجالسهم الموسيقية التي كانت تضم عازفين ومغنين بالمئات ؛ بقيت الموسيقى العربية في العصرين الموي والعباسي من تدوين واسع ؛ وظلت تتراوح صعوداً وهبوطاً حتى مجئ القرن التاسع عشر حيث بدأ تأثير الحضارة الأوربية يظهر عليها ؛ فبدأ عصر التدوين في القرن العشرين بعد أن تحولت الموسيقى إلى علم يدرس في المعاهد إلى جانب العلوم الأخرى .
وعزف الفارابي فأجاد ؛ وشع من نور الحضارة العربية الاسلامية ؛ خاصة في بغداد والأندلس اشعاع باهر من الغناء والموسيقى ؛ عده الدارسون العرب الثقاة ؛ من النشاطات الانسانية النافعة الأثر ؛ فهذا ابو حيان التوحيدي يقول :” الغناء معروف الشرف ؛ عجيب الأثر ؛ عزيز القدر ؛ ظاهر النفع في معاينة الروح ؛ ومناغاة العقل ؛ وتنبيه النفس ؛ واجتلاب الطرب ؛ وتفريج الكرب ؛ واثارة الهزة ؛ واعادة العزة ؛ واذكار العهد ؛ واظهار النجدة ؛ واكتساب السلوة ؛ وما لايحصى عدّه ” . وهذا بتهوفن من العصر الحديث يقول :” الموسيقى وحي يعلو على كل الحكم والفلسفات” .
وكتب الفارابي ” الموسيقى الكبير ” فيه علاج لما سموه ” علل العته العقلي ” كان العازفون يعزفون مقامات مختلفة بحسب حالة كل مريض .
في عصرنا الحالي أصبحت الموسيقى تشكل رافداً هاماً في الدخل القومي؛ لعل البعض من يقرأ هذا يضحك في داخله ؛ ما علاقة الموسيقى بالاقتصاد ؟ ويكفي الإشارة أن قطاع الموسيقى في بريطانيا قد دعم الاقتصاد في البلاد بأكثر من اربعة مليارات جنيه استرليني في عام واحد وهو العام ٢١٠٤.
والموسيقى أصبحت سلعة ثقافية ؛ تؤثر في نمو الاقتصادي القومي للشعوب ؛ لم تعد ترفاً كما يتوهم البعض.
هل فكر العرب ؛ او البلدان التي لا تملك نفطاً بالموسيقى ؟ ليتذكروا أن عائدات الولايات المتحدة خلال عام واحد ؛ بلغت ٧٠٧ مليار دولار اميركي من الموسيقى .
القضية برمتها هي قضية أخلاقية ؛ اذ الموسيقى ترتقي وتسمو بها ؛ بدلاً من تحريمها وتكفيرها كما تفعل الاحزاب الإسلام السياسي ؛ التي لم تأخذ وتنهل من تراثنا العربي الإسلامي الفني ؛ ونهلت من بعض مصادر تراثية تُمجد الموت على الحياة . وحسبنا في هذا المقام قول أمير الشعراء أحمد شوقي :
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

كاتب فلسطيني

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *