Share Button

بقلم : د. مجدي إبراهيم 

في زيارة الأولياء نورٌ لا يبصره القلب المطموس.

من هيكل مقام الولي ينبعث هذا النور.

والقلوب المطموسة لا تراه ولن تراه.

والبصيرة تكشفه، والسريرة الباطنة تدركه ولو على بعد أميال، لا بل ولو في محيط الأكوان مما لا ترى ولا تشهد.

برزخ الولي مفتوح بالسعة بين الأرض والسماء.

الوليٌّ لا يموت بل ينتقل من حال إلى حال، حاله بعد الموت كحاله قبل الموت سواء. كل ما هنالك أنه بدّل الدار؛ ولكن برزخ الروح تعطي فيما بعد الموت أكثر مما تعطي في الدنيا؛ لأن روحه تحررت من علائقها الجسدية، وتحررها أوجب لها الحرية.

والهجمة التاريخية الشرسة التي اتّخذها الفقهاء والمصلحون ضد تمسك العوام بزيارة مقامات الأولياء والدعاء عندها إلى درجة أنهم أطلقوا عليهم لفظة (المقبورين) سخرية واستخفافاً ونكاية وازدراءً، وكلنا مقبورون في نهاية المطاف؛ إنما هى مادة ضعيفة ملوثة بالطين الأسود لا تثمن ولا تغني من جوع البصائر والأنوار؛ مادة للكتابة النقديّة البرانيّة المُسَطحة .. ولكن الأمر في جوهره تقريب غير عبادة الأموات وأرواح القربى والأجداد في العقائد والثقافات القديمة أو عبادة الطواطم والأرواح الخفيّة في الأسلاف الغابرة.

كل هذا مجرد تشابه سطحي برّاني لا عمق فيه.

نورُ الوليّ ينعكس من برزخه على مقامه فيمدُّ زائره من جوده بمدد التقريب؛ والخيال الخصيب يُلاقيه، ويمتلئ باطن الزائر براحة اللقيا إذا أعتقد فيه. والنظافة الباطنة تلمسه عن قرب وتدانيه، فليس عنده من شك فيما لا شك فيه.

لن تستطيع أن تعرف الله وأنت مادة وابن مادة ولك في المادة نسبة اتصال. ولكن الله فتح لك نوافذ إدراك، طاقات نور، تترقى بها إلى معرفته، وكان ممّا فتحه لك أنوار الأولياء الحاضرة الباقية، وأحاط أنوار الأولياء بمصادر للنور لا تنقطع في هذه الأرض؛ كعلامات بارزة؛ كأقمار تضيء سواد الأرض وظلام الأفق؛ هم آل بيت رسول الله؛ صلوات الله وسلامه عليه، أكمل خلق الله في أرضه، هم من جعلوا الأرض نوراً يضيئ غسق الظلمة الكالحة؛ فالتمسك بهذا النور علامة إيمان لا دلالة جهل وطغيان. إنما الجهل والبغي والطغيان في العَمَىَ الروحي؛ في الغلالة الترابية، في سواد القلوب التي لا تعرف للحب طريقاً تسير فيه.

في جوهره؛ لم يكن الإيمان إلا الحب لله ولرسوله ولأهل بيته وللصالحين؛ ثم إنه من بعدٌ ليتسع للمجموع ممّن خلق وما خلق؛ ليشمل الكون كله ظاهره وخافيه.

مع دوام المحبة    

        

    بقلم : د. مجدي إبراهيم 

 

 

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *