Share Button

نشوي شطا تكتب التعذيب باللون الأبيض

 

كتبت : نشوي شطا

 

لجأ الإنسان للتعذيب منذ قديم الأزل، وتفنن في ابتداع أبشع الطرق لجعل الضحية تتمني الموت ألف مرة علي أن تبقي في ذلك العذاب.

والتعذيب النفسي أحد أنواع التعذيب التي لا تستند إلى الأذى البدني، إنما يشير إلى التقنيات التي تخترق العقل وتعرض الإنسان للصدمة النفسية.

 

التعذيب باللون الأبيض The white torture؟

 

في الآونة الأخيرة، أثارت الصور الفوتوغرافية ومصادر الأخبار وقصص السجناء السابقين تساؤلات حول استخدام الدول والحكومات لأساليب التعذيب المتطرف ضد أعدائها، وفي حين أعلنت اتفاقية جنيف لعام 1949 أن بعض ممارسات التعذيب لا إنسانية، فإن التعذيب العقلي موجود في منطقة رمادية، لأنه لا يترك أي علامات بدنية وهي إحدى طرق التعذيب التي تلجأ لها الدول عندما تتفادى تعذيب المساجين جسديّاً.

ما يسمى “التعذيب الأبيض” يستخدم تقنيات الحرمان الحسي لأنه ينطوي على إزالة المحفزات من الحواس الخمس؛ الضوء والصوت، والرائحة، واللمس، والتذوق، ويؤدي إلى الهلوسة.

 

الجنون في غياهب السجون

 

تمت دراسة هذه الطريقة لأول مرة في عام 1951 كطريقة ممكنة للسماح للحكومات البريطانية والأمريكية والكندية بغسل دماغ السجناء، حيث يوضع السجين في غرفة بيضاء بالكامل، ومضاءة بمصابيح بيضاء، ويرتدي ملابس بيضاء، ويقدم له طعام أبيض اللون كالأرز الأبيض. ليس هذا فحسب، بل يجب أن يكون المكان صامتاً تماماً أيضاً، فلا يسمع السجين إلا الأصوات التي يصدرها فقط ويبقى السجين في تلك العزلة، ولا يتحدث إلى أي شخص.

 

الوجه الأسود للون الأبيض

أشارت دراسة أجراها جون ليتش في جامعة بورتسموث في عام 2016، إلى إن عدم وجود تفاعل اجتماعي لفترات طويلة من الزمن، يتسبب في أن يواجه الضحايا صعوبة في تحديد ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي والغرض من هذا النوع من العقاب عادة هو غرس الخوف في السجين على الرغم من أن النتائج أكثر خطورة من مجرد سجين خائف. فالمحتجز يفقد هويته في هذه العملية، ولا يستطيع أن يتذكر من هو ولا أي شخص من عائلته لأنه يفقد قدرته على التعرف على الأشخاص المعروفين.

تعذيب الغرفة البيضاء بمثابة بؤس نفسي لا يتخلص منه السجين حتى بعد الخروج من السجن. إذ تستمر المعاناة إلى ما لا نهاية ولا يعود الشخص إلى طبيعته أبداً. قد تساعد جلسات الطب النفسي إلى حد ما، لكن الشفاء العقلي التام حلم بعيد المنال لهؤلاء السجناء .

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *