Share Button
بسم الله الرحمن الرحيم
نفسي وأنا
تاهت نفسي في سراديب الشهوات والرغبات ، وحفرت فيها أخاديد النزوات ، وتاهت منها رائحة الموبقات، وغلفتها قوى الظلام ، وكونت” الانا” حولها غلافا منعها من الاتصال بالآخر مركب على العصبية والجهل، فهل من دعوة؟
وأنا الإنسان الطريق القويم المضاء بنور الحق وبعد عناء داخل نفسي للتصرف على محاسنها، بانت لي العلل ، وحرك فيّ الأمل ، فأزحت ستار الجهل لأنطلق” بالأنا” الإنسان إلى الآخر في كل كيان لأحررها وأطلقها من سجنها وبدأت اروضها بنور الهدة ومحو أثار ظلمتها بنور العقل راجيا بزوغ نور يهديني إلى المفتاح، إلى الإنسان المكون من بدء التكوين في عالم البرزخ من فيض رحمة الله، فكانت معركة الحياة في الدنيا لتكون ممرا آمنا واستمر الصباح..
واستمر الصراع بين انا الخضوع والانقياد ، وأنا الأنسان ..
أنا الخضوع..الذي تحول المخدوم إلى خادم ، والعبد إلى سيد فتفاعلت الغرائز مع مكنونات الإنسان فحولتها من نورها إلى الظلام.
اما انا الإنسان.. جوهرة في داخل كل إنسان تساوت فيها البشرية في خلقها وقواها الكامنة منذ بدا نشأتها ، وانتصرت بفعل المعرفة والإيمان، وانا الإنسان المفطور على الخير الموهوب بالعقل ، القانع المؤمن الساعي كما يحتاج ، وعرفت علتها وسبب وجودها للوصول إلى معرفة الخالق واحسنت الاتجاه وعادت بالنفس إلى فطرتها ” فطرة الخير” ومكوناتها.
ومن استجاب كان الحب والعطف والرجاء والأمل والتباذل طريقه والعقل والأدب والتراحم والسعي ، و” أنا” الآخر إن احسنّا سبر غور وجودنا وقيام إنسانيتنا في بشريتنا كقيام الصفات بمواقعها ، ولا قيام بمعزل عن الآخر.
فاستجبت وعملت بجهد ” لأنا” الإنسان الذي خلقنا بأحسن تقويم، سلكت بنفسي إلى الإرتفاع إلى الكون الأعلى مصرا على الصفاء وحب الآخر.
وسعيت إلى مجد روحي لأخرجها من العبودية والذل للمادة المسخرة لها في فضائها الكوني الرحب وحررتها من قيود الطبائع ونزوات الغرائز ، وحبال الشهوات ووجهتها إلى الحب الجامع( حب الله) والحب بالله وفي الله أي الحب المتجه إلى الخير المطلق وحب الفضيلة والعلم.. وعملت بقول امير المؤمنين عليه السلام ” فلا تغرنك الحياة الدنيا، فإنها دار بالبلاء محفوفة وبالغدر معروفة ، وبالعناء موصوفة، وكل مافيها إلى زوال ، وهي بين أهلها دول وسجال، لا تدوم أحوالها، ولا يسلم من شرها نزّالها بيْنا أهلها في رخاء وسرور إذ هم في بلاء وغرور، أحوال مختلفة وثارات متصرفة، العيش فيها مذموم، والأمان فيها معدوم، والرخاء فيها لا يدوم”.
اخترت العقل في مسيرتي نحو ” أنا ” الإنسان المخلوق في أحسن تقويم وسلكت طريق الجد لأتغلب على ” الأنا” الآخر لتمتد أنا بالإنسان إلى انا الإنسان الآخر ليكون” نحن” نحن المجتمع الإنساني.
فأنا الآخر الأقرب والأخطر على كيان الإنسان والمجتمع ، فمن انتصر على الأنا كان لبنة صالحة لبناء المجتمع الإنساني المطلوب بحضارته وأخلاقه كما في مدنيته ، إن لم نقل حينما تتوفر سبل الحضارة عن طريق الأخلاق فتقوم وفق القيمة الإنسانية..
فأنا الإنسان قائدها العقل وميزانها السجية، ومحورها الفطرة، قال تعالى{ قد أفلح من ذكاها ، وخاب من دساها} .
إن انا الإنسان المتمثل بالعقل والمعرفة والعلم والحكمة جنود تأخذه إلى عالم الإنسان ، كما اراده مبدعه.
فأنا: هي جنودها العقل، والانا: جنودها الجهل، فلا بد أن اكون انا وانت انا.. نحن لنبني ونؤسس ونرتقي..
هكذا كتب لنا أن نتشارك لنعمر الكون ونبني قيم ونسمو بالإنسان، بنحن؟؟
الأديب الباحث غسان صالح عبدالله
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏منظر داخلي‏‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *