Share Button

⁦يتلونه حق تلاوتِه

بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى

⁦مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف

هكذا كانوا ينفعلون مع القرآن ويتلونه حق تلاوته وهذا نماذج لرقة القلوب ودقة الأفهام وبعض أفعال السلف الصالح

قرأ وهيب بن الورد قوله تعالى:

وإذ يرفع إبراهيمُ القواعدَ من البيت وإسماعيلُ ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم

فبكى وقال:

يا عجباً لك يا خليل الرحمن

تبني بيت الرحمن وتخاف ألا يتقبل منك

قرأ أحدهم :

وسارِعوا إلى مغفرة من ربكم وجنةٍ عرضُها السمواتُ والأرض

فبكى فلما سألوه قال :

وماذا ينفعني طولها وعرضها إن لم يكن لي فيها موضع

قرأ مالك بن دينار قول الله :

فريق في الجنة وفريق في السعير

فأخذ يبكي ويقول : يا رب قد علمتَ ساكن الجنة وساكن النار ، ففي أيّ الدارين منزل مالك ؟

سمع عبد الله بن رواحة رضي الله عنه هَذِهِ الآيَةَ عن النار :

وإنْ مِنكم إلا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا

فأخذ يبكي فسأله أهله فقال :

قد عَلِمْتُ أنِّي وارِدٌ النّار ، ولا أدرِي كَيْفَ الصدُورُ بعدَ الوُرُود

أي كيف الذهاب أو النجاة

لما نزل قوله تعالى :

لَيسَ بِأَمَانِيِّكُم وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَن يعمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِه

النساء ١٢٣

قَال سيدنا أبو بكر : يا رسُولَ اللَّه ، كَيف الفلَاح بعد هذِهِ الْآيَةِ ؟

فَكُلَّ سُوءٍ عمِلْنا جُزِينا بِهِ ، فقَال رسُولُ اللَّهِ ﷺ :
غفرَ اللَّهُ لكَ يا أَبَا بَكرٍ ، أَلَستَ تمرَضُ ؟

أَلَستَ تَنصَب أي تتعب ؟
أَلَستَ تحزنُ ؟

أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ أي الشدائد ؟

قَالَ : بَلى

قالَ : فهوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ .

رواه أحمد وابن حبان وغيرهما وهو ضعيف ولكن المعنى صحيح وثبت بلفظ آخر في صحيح مسلم وغيره .

والشاهد هنا :

هو رقة الصحابة وشدة خوفهم من الله ودقة التلقّي عن الله والتعامل مع كلامه ، فقد فهموا أن المسلم يُجازَى على كل سوء يعمله .

ومن هنا فلا فلاح ولا نجاح ، فطمأنهم الرسول ﷺ بأن الأمراض الجسدية والهموم النفسية والشدائد التي تصيب المسلم هي كفارات ومُطهرات

سمع العالم الزاهد يحيى بن معاذ قوله تعالى :

فقولا له قولاً ليناً

فبكى وقال :

إلهي هذا رِفقك بمن يقول : أنا الإله
فكيف رفقك بمن يقول : أنت الإله ؟

وهذا رفقك بمن قال

أنا ربكم الأعلى

فكيف بمن يقول : سبحان ربي الأعلى .

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الذين يتلونه حق تلاوته ويقومون بما جاء فيه .

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *