Share Button

حدثني صديقي الأديب بأن الفراق هو إحساس الأرواح المفارقة أحبتها بمس الفناء لأن أرواحا فارقتها
فمع الموت يهتز وجودنا ليتحطم و في الفراق يهتز ليلتوي
و كأن الذي يقبض الروح في كفه حين موتها هو الذي يمسها عند الموت بأطراف أصابعه و إنما الحبيب وجود حبيبه لأن فيه عواطفه و مكنونات نفسه فعند الفراق تنتزع قطعة من وجودنا فترجع باكية و نجلس محزونين و كل ما فيه الحب فهو وحده الحياة و لو كان ضئيلا لا خطر له
و إن كان بالغ الوهن لا قيمة له كأن الحبيب يتخد من وجودنا
صورة معنوية من القلب و القلب علي ضآلته هو الذي يقود المنظومة بأسرها
في الحب تتعلم القلوب كيف تشعر و بالفراق تتعلم كيف تتوجع و كيف تتألم
و بالمعاني التي تكون كامنة فيه تري العمر يتسرب يوما فيوما ولا نشعر به و لكن متي وقع فراق الأحبة نبه القلب فينا
فجأة معني الزمن الماضي فنري العمر و هو يتسرب من بين أيدينا ولا نكاد نشعر به
و إذا وقع الفراق نبه القلب فينا معني الفراغ فكان من الفراق
علي أكبادنا ظمأ كظمأ السقاء الذي فرغ ماؤه فجف فكان الفراق جفاء
فذكرته أن القلب عند فراق الأحبة يتعرف علي معان جديدة
من الآلام و ينبه فينا صورا أشد إيلاما و أنكي فتكا من غدر الدنيا و تقلبات الزمان و قسوة الفراق
و الواقع أننا حين نذرف الدمع هتانا حزنا علي موت الحبيب
فإننا علي الحقيقة إنما نبكي بعده عنا و بقاءنا في الدنيا دون سيف او درع وبلا قلب يخفق يؤنس وحدتنا و يشد من أزرنا و هنا نتيقن أن معني من النفس قد زال و أن ركناً من القوة قد مال و أن جانباً من أركان الذات قد هوي كأن جبلا أشما قد تصدع و إندك عنقه و هنا تحزن القلوب بحق و تدمع الأعين و تعاف النفس الحياة و ما عليها و تمر الأيام بطيئة كئيبة
و تزداد علي الزمان أوجاعنا من شجون ممضة و آلام مقضة و ظلمات سحيقة و نحيا في مناحات مستمرة فرد صديقي الأديب مقررا أن حكمة الله و ناموسه في الكون قد قضت أن يولد كل شىء صغيرا فيكبر إلا الأحزان تولد كبيرة كالجبال الراسيات ثم هي تتضاءل مع الصبر أو التصبر أو الاصطبار أو المصابرة حتي تضعف فمن خالف الناموس و تأبي علي الإنصياع لأمر الله تعاظمت لديه الأحزان و كبرت عنده الأتراح و تكالبت عليه الهموم حتي تتغول عليه فتأكله و تمحو إرادته و ثباته و تثبط همته و تغتال عزيمته و تقتل فيه كل أمل فيظل منطرحا تحت وطأة أفكار سوداء و يظل فريسة لها أبد الدهر بيد أنه لو تسلح بالصبر لداوت يد الأقدار الرحيمة جراحات نفسه الغائرة بسيل من غيث الرحمة و فيض التحنان فيكون فيها العزاء فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء لذلك فعلي المرء أن يلين و أن يشق أمواج الأحزان بسفن الصبر حتي تنقشع سحب الظلام و حتي لا نكون في خصام بين أنفسنا و بين الناموس الأعظم
فبادرته أن قلبي ينفطر لكل مكلوم فجع في فراق محبوبه
ولا أقول إلا ما قال صفي الله يعقوب :
“فصبر جميل و الله المستعان”
فحكمة الله تعالي قد إقتضت ألا يموت الحب و إن مات البشر فهو خالد أبدا
فهو النور الذي أضاء للقلوب فتسامت و ارتفعت و رقت و رفلت في أثوابها القشيبة من الجمال و الجلال و السحر و الوفاء و السلوي و العزاء فمهما تباعدت الأنفس ففي الحب و الوفاء للمحبوب عزاء للأنفس المحزونة و القلوب الموتورة و الخواطر المضطربة فبالحب نواجه طوفان الاحزان و أعاصير الفراق و أمواج الزمان المتقلب
بإتصال الأرواح بحنين جارف و شوق متدفق و أمل لا ينقضي
حتي يأذن الله باللقاء
فاللهم رحماك حين يفارق الخل خليله و حين يترك الحبيب حبيبه
و حين تتعالي صيحات الألم و تشتد نوبات الوجع و لله در القائل
أموت إشتياقا
أموت إحتراقا
شنقا أموت
و ذبحا أموت
و لكنني لا أقول مضي حبنا و إنقضي
حبنا لا يموت

❤️❤️🌹المستشار : عادل رفاعي 🌹❤️❤️

Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *