Share Button

بقلم / محمــــــد الدكـــــــرورى
وضح لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن للطريق حقوق وواجبات يجب على كل انسان ان يلتزم بهذه الحقوق وان لا يتعداها وذلك من حسن اسلام المرء فقد قال صلى الله عليه وسلم (إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ) متفق عليه

وفى هذا الحديث أصل عظيم في أن للطرق حقوقا ولو لم يملكها أحد، وكانت مشاعا بين الناس ولأجل هذه الحقوق كان الجلوس في الطرقات مظنة الوقوع في الإثم، فكان الأصل هو النهي عن الجلوس فيها احترازا من الإثم، لكن الصحابة رضي الله عنهم طمأنوا النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن مجالسهم فيها مجالس خير لا مجالس شر..

ومعنى الجلوس في الطرقات هو اللبث فيها سواء اتخذ مجلسا في ناصيتها، أو دكة عند بيته، أو كرسيا خارج دكانه، أو كان في مقهى أو مطعم يجلس على حافة الطريق أو نحو ذلك، فكل ذلك جلوس في الطريق وليس المعنى ذات الجلوس، وإنما اللبث في الطريق فلو جلس في سيارته، أو وقف يتحدث مع صديقه، أو ينتظر أحدا، فكل أولئك يتناولهم حق الطريق المنصوص عليه في الحديث.

وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام جملة من الحقوق للطريق يجب على من كان في الطريق أن يراعيها، فمنها غض البصر؛ لأن الطرق تسلكها نساء لحاجتهن، وقد تُفتح أبواب بيوت أو نوافذها فيكشفها الجالس في الطريق فوجب عليه أن يصرف بصره، ولا يطلقه في حريم الناس وبيوتهم وعوراتهم ولا يؤذي مسلما يحمل في يده متاعا له فيرمقه ببصره لمعرفة ما معه؛ فإن هذا من سوء الأدب ..

أومن التطفل على حقوق الغير، ومن إطلاق البصر فيما لا ينبغي، مع ما يسببه من حرج وأذى لأخيه ومما يعارض غض البصر في الطريق ما يفعله بعض الناس من الاطلاع على ما بداخل سيارات الناس من نساء وأطفال ومتاع في الطرقات وعند الإشارات وفي الزحام، وكل هذا مما ينافي الأخلاق، ويقدح في المروءات، ويسبب الأذى وغض البصر مأمور به في قول الله تعالى ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ …

ومن حق الطريق ايضا كف الأذى، وهي كلمة جامعة تتناول كل أذى بالقول أو الفعل أو الإشارة أو حتى مجرد النظر ومنه أذى الناس بالسيارات، وترويعهم بها، والاعتداء على حقوقهم كمن يتجاوزهم وهم منتظمون صفا عند إشارة أو في زحام فيحشرهم بسيارته، ويتقدم عليهم ويعطلهم، فهذا من الأذى.

وكذلك أذية الناس باللعب في طرقهم، وإزعاجهم بالصراخ أو الصفير، أو رفع أصوات المذياع أو الأشرطة بحيث تزعج المارة ويصل إزعاجها إلى داخل البيوت، فتوقظ النائم، وتضجر المريض، ولا سيما إذا كان صوتا محرما من غناء وموسيقى صاخبة …

وبعض الشباب يؤذي غيره بذلك وهو لا يشعر ومنهم من يغلق الطريق بسيارته للحديث مع آخر أو لدلالته إن كان ضائعا؛ فيعمل خيرا ويكسب إثما؛ لأنه عطل من وراءه لدلالة من بجواره، وهذا لا يجوز وأقبح منه من يوقف سيارته بطريقة يغلق بها الطريق أو يضيقه على المارة، فكل من مرَّ وتأذى بفعله شتمه أو دعا عليه، وهو لا يدري مغبة ما فعل.

ومن أعجب أساليب الأذى في الطرقات ما تقوم به بعض الشركات من حفرها لعمل شيء فيها ثم تركها مدة طويلة يتأذى المارة منها، وهذا جرم عظيم، وإثمه كبير.

ومن الأذى في الطريق إلقاء النفايات فيها، ولا سيما ما فيه خطر كالزجاج والمسامير، أو ما فيه روائح خبيثة تؤذي المارة، وفاعل ذلك يجني من الأوزار بقدر ما آذى من المارة. وقد قال النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ، قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ )رواه مسلم.

ويدخل في الأذى من يؤذي المارة بدخان سيجارته، وقد ورد نهي صريح عن النوم في الطريق؛ لأن الطريق للمرور وليس محلا للنوم …

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *