Share Button

بقلم / محمــــــد الدكــــــرورى
إن من فضل الله عز وجل على البشر أن علمهم ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وسخر لهم ما في الأرض وركب فيهم وسائل تحصيل العلوم والمعارف من الأسماع والأبصار والعقول

ولقد فتح الله عز وجل على البشر في مجالات الاتصال؛ فصار الواحد من الناس يحمل في جيبه أجهزة في حجم الكف يختزن الواحد منها ما لا يحصى من المحفوظات، ويلتقط صورا كثيرة ثابتة ومتحركة، وفيه من النفع ما يعز على الحصر؛ ولكن إذا أسيئ استخدامها فإن أضرارها بليغة، وعواقبها وخيمة؛ فبها تكشف العورات، ويهتك ستر المخدرات، وتشاع الفواحش والمنكرات.

وبها ينشر أهل الفساد فسادهم، ويحققون أهدافهم وأغراضهم، ويصلون إلى أهل البيوت في بيوتهم؛ وكم من امرأة عفيفة طعنت في عفافها من صديقة أو زميلة نشرت سوءتها على ملأ من الناس؟ وكم من أسرة مجتمعة فرقتها صورة أشيعت هنا وهناك؟

ومن شباب المسلمين قد ركبوا سنة من كان قبلهم من الكفرة والمنافقين والمجان والفاسقين وذلك بالاستهانة بالمشاهد الخليعة، والصور القبيحة، ولم يكتف أكثرهم بحفظها والنظر إليها مع ما في ذلك من إسخاط الله عز وجل وقتل الغيرة والمروءة، بل راح كثير منهم يشيعونها في المسلمين، ويتناقلونها مع أصحابهم وأقرانهم، ويهدونها إلى من يعرفون ومن لا يعرفون؛ ولا يدركون مغبة ما يفعلون ..

والجناية التي يجنيها الشاب على نفسه وعلى صحيفة حسناته حين يحتفظ بهذه الصور ويوزعها على أقرانه، إنه لا يدري عظم ما يفعل، ولا يدرك حجم الأوزار التي يحملها على ظهره، ولو أدرك الشباب ذلك لامتنعوا عنه ولو كانوا من ضعاف الدين والمروءة.

إن من يهدي مثل هذه الصور الآثمة إلى غيره فإنه يحمل وزره مع وزره، من غير أن ينقص من وزر المهدى إليه شيء؛ وذلك بقول الله تعالى (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ).

وتناقل الصور الإباحية؛ ثابتة كانت أو متحركة من أعظم الضلال، كيف وقد أضلوا بها أغرارا ما عرفوا الخنا حتى أسروهم بها وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا“
رواه مسلم .

إنها لخسارة فادحة أن ترد الصورة الماجنة إلى شاب مسلم، فيحفظها في آلته، ويهديها إلى أقرانه وأقاربه، ثم هم يرسلونها إلى غيرهم؛ حتى تصل في يوم أو يومين إلى مئة أو مئتين، وفي جمعة إلى ألف أو ألفين، وما تمضي أشهر قليلة إلا وتبلغ أعداد من وصلتهم تلك الصورة الخالعة عشرات الآلاف يحمل وزرهم جميعا من وصلت إليهم عن طريقه من غير أن ينقص شيء من أوزارهم في أعداد من الأوزار والآثام ..

وتزداد بمرور الأيام ولا تنقص، ما كان يظن من وزعها في أول الأمر أن تبلغ ما بلغت، ولو لم يكن من مفسدة لهذه العادة القبيحة إلا حمل أوزار الغير بلا مقابل لكان ذلك كافيا في رد الشباب إلى الجادة، والمرء تكفيه ذنوبه؛ فكيف يرضى بحمل ذنوب غيره، وبأعداد وفيرة جدا.

وقد يرسل الشاب مادة إباحية إلى زميله، فيرتكب زميله بسببها الزنا، أو يفعل فعل قوم لوط، أو يغتصب عفيفة، أو يقع على ذات محرم وما أغواه إلا صاحبه في حال ضعف وغفلة، وغلبة شهوة، وتسلط الشيطان الرجيم وجنده.

كيف وتلك الممارسة الخاطئة تخرج فاعلها من دائرة المعافاة إلى المجاهرة التي نفيت المعافاة عن صاحبها؟!

وإن من نعمة الله عز وجل على العاصي أن يستره ربه، فلا يفتضح أمره أمام الناس، ولا سيما من يشتد حياؤه منهم؛ كوالديه وأقاربه وأساتذته، والشاب الذي يقتني صورا محرمة عاص لله تعالى ..

والله تعالى قد ستره في معصيته تلك، فإذا أطلع غيره على ما يحمل من صور محرمة فقد هتك ستر الله عز وجل عليه، وجاهر بعصيانه، وبقدر توزيعه لتلك المواد المحرمة تكون مجاهرته حتى تبلغ الآفاق، والمجاهر بعصيانه حري أن لا يعافى في الدنيا من العقوبة أو من الإقلاع عن ذنبه ..

وكما ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ” كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه“
متفق عليه.

وستر الله عز وجل مستلزم لستر المؤمن على نفسه؛ فمن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره، ومن قصد التستر بها حياء من ربه ومن الناس من الله عليه بستره إياه.

فليعلم من يتناقلون الصور المحرمة أنهم حريون بالخروج من ستر الله عز وجل إلى المجاهرة بعصيانه، ويخشى عليهم الحرمان من المعافاة في الدنيا والآخرة؛ مما ينذر بسوء الخاتمة، وشؤم العاقبة.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *