Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن الأمة المحمديه المباركة هي أمة الوسَط والعدل، وقد جعلها الله عز وجل، شاهدة وحاكمة على الأمم، فمن أثنت عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنت عليه شرا وجبت له النار، وهم شهداء الله في أرضه، كما الملائكة شهداء الله في سمائه، وإن أمة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من شرقها إلى غربها لا يجوز لها أن تيأس ولا أن تبتئس، ولا ينبغي لها أن تقع فريسة الإحباط واليأس المهلك الذي يشل تفكيرها ويُعطّل طاقاتها وقُدراتها، ويفقدها الأمل والرجاء بسبب ما يفعله الكائدون والطغاة المجرمون، وبسبب ما تشاهده وتسمعه كل يوم من مشاهد الأسى والألم والقتل، التي تساهم وسائل الإعلام المختلفة والتواصل الاجتماعي مساهمة فاعلة في نشرها، لتزيد من معاناة المسلمين إرجافا وإرهابا وإضعافا.

ونعم، لا يجوز أن تشعر الأمة باليأس وقد بشّرها الله تعالى بالعزّة والنصرِ والتمكين، وخصّها بخصائص كُبرى وفضائل عظمى ليست لأحد من الأُمم، ومما يجعلها تفتخر بتكريم الله لها، وتُباهي الأُمم، وترفع الرأس عاليا، وهي التي اختارَها الله واصطفاها، فتبوّأت عنده عز وجل، شرفا عظيما، ومكانة وفضلا، ولكي يعلم الناس كلهم أن هذه الأمة المحمدية هي التي يحبها الله عز وجل، ويُعلي قدرها، وهي الأمةُ المنصورة شرعا وقدرا، عاجلا أم آجلا، وأن ما أصابها من بلاء ومحنة، وتسليط الأعداء، ونقص في الأموال والأرزاق، إنما هو تمحيص ورفعة وتربية لها، لتقومَ بما وكلَها الله عز وجل به، وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية إن البلد قد تحمد أو تذم في بعض الأوقات لحال أهله ثم يتغير حال أهله فيتغير الحكم فيهم.

إذ المدح والذم والثواب والعقاب إنما يترتب على الإيمان والعمل الصالح أو على ضد ذلك من الكفر والفسوق والعصيان، وقد كتب أبو الدرداء إلى سلمان الفارسي وكان أبو الدرداء بالشام وسلمان بالعراق، أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان الفارسى إن الأرض لا تقدس أحدا وإنما يقدس الرجل عمله، وكان سلمان أفقه من أبي الدرداء في أشياء من جملتها هذا، وبين أيدينا فى هذه السطور الحديث الشريف حيث يقول عن عمرو بن العاص رضى الله عنه: حدثنى عمر رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” إذا فتح الله عليكم مصر بعدي فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض ” فقال له أبو بكر الصديق ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: ” لأنهم فى رباط إلى يوم القيامة ” .

ومؤكدا أن تلك شهادة من النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، ونقلها عمرو بن العاص، رضى الله عنه، وهذه هى وصية النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، بأهل مصر، وهناك أحاديث في أهل مصر، وقد وردت عن االنبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، عدّة أحاديث أوصى فيها بأهل مصر، ومنها ما رُوي عن كعب بن مالك رضي الله عنه، من أن النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، قال في أهل مصر: ” إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا، فإن لهم ذمة ورحما” ويقصد من الحديث أن السيده هاجر والدة نبى الله إسماعيل عليه السلام، وكذلك والدة إبراهيم بن النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، كانتا من أقباط أو قِبط مِصر، ويشار إلى أن جماعةً من الناس سكنت مصر، وأطلق عليهم اسم القبط .

وهي فى الأصل كلمة يونانيّة تم إطلاقها على سكان مصر، والمفرد منها قبطي، ويجمع أيضا على أقباط، وما رُوي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، فيما أخرجه عن الإمام مسلم في صحيحه، أن النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، قال: ” إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أرْضًا يُذْكَرُ فيها القِيراطُ، فاسْتَوْصُوا بأَهْلِها خَيْرًا، فإنَّ لهمْ ذِمَّةً ورَحِمًا، فإذا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ في مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فاخْرُجْ مِنْها. قالَ: فَمَرَّ برَبِيعَةَ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ، ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ، يَتَنازَعانِ في مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَخَرَجَ مِنْها ” والذمّة هي الحُرمة، وتُقصد بها ماريّة القبطية أم إبراهيم بن النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، وكانت قد اعتنقت دين الإسلام قبل وصولها إلى المدينة المنورة، أما الرحم فهي كناية عن أن هاجر أم إسماعيل من أهل مصر.

وكانت قد قُدمت كهدية إلى سارة زوجة النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ويُستدل على أن الحديث ورد في أهل مصر ما ورد فيه من لفظ القيراط، إذ إنه عُملةٌ لهم، ولما فتح عمرو بن العاص رضي الله عنه، بلاد مِصر، وضمّها إلى دولة الخلافة الإسلامية، اجتمع مع زعمائهم، ليخبرهم عن الإسلام، وخيّرهم بين اتِّباع هدي النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، أو دفع الجزية، مقابل حمايتهم، وضمان أَمنهم في ظل الدولة الإسلامية، وأورد عليهم أحاديث النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، التي توصي بالأقباط، وكما رُوي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ” إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أرْضًا يُذْكَرُ فيها القِيراطُ، فاسْتَوْصُوا بأَهْلِها خَيْرًا، فإنَّ لهمْ ذِمَّةً ورَحِمًا “

وما رُوي عن كعب بن مالك رضي الله عنه ” إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا، فإن لهم ذمةً ورحما ” فرد أحد الأساقفة عليه قائلاً: “إن الرحم التي أوصاكم بها نبيكم لهي قرابة بعيدة، لا يصل مثلها إلا الأنبياء، فمنزلة الأقباط من إسماعيل عليه السلام بمنزلة أخواله، والحكمة من وصية النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، بأهل مصر هو حرص النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، على إقرار أهم أساسات الدولة، ومبادئها التي تؤثر في استقرارها، وضمان أمنها، وأمانها، بالسعي إلى تحقيق التوافق والتفاهم بين أبناء المجتمع الواحد، وقد طُبِّق ذلك في المدينة المنورة، كما أوصى النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم باتّباع نهجه الشريف.

وطريقه المستقيم، لتقوم الدولة الإسلامية على العدل، والتكافل، والتعايش، والرحمة، ولبلاد مصر مكانة عظيمة عند المسلمين، ولذلك أوصى النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، بأقباطها، وقد رُوي عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” الله الله في قِبْطِ مصرَ، فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عُدَّةً وأعوانًا في سبيلِ اللهِ “وبذلك ضمن النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، للأقباط حقوقهم، ولذلك كان جديرا بالمسلمين عامة، ومسلمي مصر خاصة تطبيق وصية النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، فيهم، فلهم عهد الله ورسوله، وعهد المسلمين، ولقد خطب عمرو بن العاص رضي الله عنه، في أهل مصر خطبة طويلة.

وقد تحدث فيها عن أهل مصر، وما يتمتعون به، واستدل على قوله بما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي الكريم محمد صل الله عليه وسلم، وهو بإسناد ضعيف جداً: ” إذا فتح الله عليكم مصر بعدي، فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: لأنهم في رباط إلى يوم القيامة “، ومن العلماء الذين أوردوا الخطبة في مصنفاتهم: الدارقطني، وابن عساكر، وابن عبد الحكم، وتجدر الإشارة إلى أن الحديث السابق رُوي بسند واحد ضعيف جدا من طريق ابن لهيعة، عن الأسود الحُميري، عن بُحير المعافري، عن عمرو بن العاص، وتكمن علة ضعف السند؛ بأن حديث ابن لهيعة ضعيف كما قال الإمام الذهبي رحمه الله

ولم يتبين حال حديث الأسود الحُميري، وعليه فكل أجناد المسلمين دون تحديد أحدها بغير دليل صحيح، فيهم الخير الكثير، لأنهم يبذلون جهدهم في سبيل الله عز وجل، وكان عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قد وصف أهل مِصر قائلاً: ” أهل مصر أكرم الأعاجم كلها، وأسمحهم يدا، وأفضلهم عنصرا، وأقربهم رحما بالعرب عامه، وبقريش خاصه، وقد ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال عبر الموقع الإلكتروني، نصه: ما مدى صحة حديث سيدنا عمر في خطبته أن جنود مصر خير أجناد الأرض؟ وقد أجاب فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور شوقي إبراهيم علام، بأن الأحاديث المذكورة في هذا الشأن صحيحة المعاني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولا مطعن على مضامينها بوجه من الوجوه، لأن الأمة تلقت روايتها بالقبول ولم تردها، ولأنها واردة في الفضائل والأخبار، والمحدثون على أن أحاديث الفضائل يكتفى فيها بأقل شروط القبول في الرواية، وتكون عندهم مقبولة حسنة، لأنها لا يترتب عليها شيء من الأحكام، وأوضح أنه وردت هذه الأحاديث بأكثر ألفاظها في خطبة عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهي خطبة ثابتة مقبولة صحيحة بشواهدها، وقد رواها أهل مصر وقبلوها، ولم يتسلط عليها بالإنكار أو التضعيف أحد يُنسب إلى العلم في قديم الدهر أو حديثه، ولا عبرة بمن يردُّها أو يطعن فيها هوى أو جهلا، وقد انتهى إلى أن حديث سيدنا عمر رضي الله عنه في خطبته أن جنود مصر خير أجناد الأرض حديث صحيح المعنى

وهو مرفوع إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ثابت بروايات كثيرة يُقوّي بعضها بعضا، وقد تلقته علماء الأمة بالقبول على مر العصور، وقد أورد هذا الحديث صاحب كنز العمال بلفظ: إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيراً، فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال له أبو بكر: ولم يارسول الله؟ قال: لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة، وفى هذا المقال يجب علينا أن نرسل رسالة إلى المشككين في صحة أحاديث فضل الجيش المصري، فالأحاديث الشريفة التى رويت عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، عندما قال حدثني عمر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ” إذا فتح الله عليكم مصر بعدي فاتخذوا فيها جندا كثيفا.

فذلك الجند خير أجناد الأرض ” فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: ” لأنهم في رباط إلى يوم القيامة ” والحديث الذى قال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ” إذا فتح الله عليكم مصر استوصوا بأهلها خيرًا فإنه فيها خير جند الله ” والحديث الذى قال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ” إن جند مصر من خير أجناد الأرض لأنهم وأهلهم في رباط إلى يوم القيامة ” وفى النهايه نقول أن كل هذه الأحاديث المذكورة هى صحيحة المعاني عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا مطعن على مضامينها بوجه من الوجوه، لأن الأئمة تلقت روايتها بالقبول ولم تردها، ولأنها واردة في الفضائل والأخبار، ولاتفاق المحدثين على أن أحاديث الفضائل يكتفى فيها بأقل شروط القبول في الرواية وتكون عندهم مقبولة حسنة، لأنها لا يترتب عليها شيء من الأحكام.

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *