Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع الخليفه مروان بن الحكم، وكان اليمنيين وهم أنصار بني أمية، كانوا منقسمين إلى فريقين: فريق يميل إلى بيعة خالد بن يزيد بن معاوية، وكان هذا الفريق يتزعمه حسان بن مالك بن مجدل الكلبي، ومالك بن هبيرة السكوني، وكان حسان بن مالك بن بحدل بن أنيف الكلبي، هو أمير من بادية الشام، وقد شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وكانت عمته ميسون بنت بحدل زوجة معاوية، وكان عاملاً له على فلسطين، وأخلص لبني أمية حتى النهاية، إذ كان في صف مروان بن الحكم في حربه ضد الضحاك بن قيس، وكان مالك بن هبيرة السكوني الكندي، هو صحابي وهو أحد قادة جيوش الأمويين، وقد تولى ولاية حمص أيام الخليفه معاوية بن أبي سفيان.

وقد شارك في فتح حمص وفتح مصر ومعارك صفين وكان أمير جيش معاوية ضد الروم وكان الفريق الآخر يميل إلى بيعة مروان، ويتزعمه روح بن زنباع الجذامي والحصين بن نمير السكوني، ومعهم عبيد الله بن زياد، وكان روح بن زنباع، كان صاحب الشرطة أيام الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وكان من المقربين لدية وممن يستمع إليهم، وهو من تنبأ في ذكاء ومهارة الحجاج بن يوسف الثقفي القيادية وبذلك قدمة إلى الخليفة عبد الملك بن مروان، وقد قال عبد الملك عن الحجاج ” الحجاج هو جلدة ما بين عيني ” وقد روى روح بن زنباع عن أبيه وكان له صحبة، وكان ابنه روح بن روح، وشرحبيل بن مسلم، وغيرهم، وكان له دار في دمشق معروفة في البُزوريين وقد ولي جند فلسطين ليزيد بن معاويه.

وكان يوم مرج راهط مع مروان، وقد وهم مسلم، وقد قيل له صحبة، وإنما الصحبة لأبيه، وقد روى ضمرة، عن شيخ له، قال: كان روح بن زنباع إذا خرج من الحمَّام، أعتق رقبة، وتوفي سنة أربع وثمانين من الهجره، وكان الحصين بن النمير بن نائل السكوني الكندي، كان قائداً عسكريا في الدولة الأموية، وقد قاتل في موقعة صفين وكان قائد قسم من جيش مسلم بن عقبة الذي استباح المدينة المنورة ثم قاد بقية الجيش عقب وفاة ابن عقبة المري وفق رغبة يزيد بن معاوية، وحاصر عبد الله بن الزبير وضرب الكعبة بالمنجنيق وقاتل في ثورة التوابين وقتل حبيب بن مظاهر الأسدي وعلق رأسه على رقبه حصانه، وكان له دور كبير في جمع القبائل اليمانية في الشام لنصرة مروان بن الحكم وله أثر بارز في معركة مرج راهط .

ولقد كان توحيد موقف أنصار الأمويين هو نصف الطريق إلى النجاح، وبعد مناقشات ومداولات تغلب الفريق الثاني، الذي يؤيد مروان، وكان حُجَّتُهم في ذلك أن خالد بن يزيد لا يزال صغيرًا، وليس ندًا لابن الزبير، فقد قالوا لمعارضيهم: لا والله لا تأتينا العرب بشيخ ويقصدون ابن الزبير، ونأتيهم بصبي، فاتفقوا على حل يرضي الجميع وهو أن تكون البيعة بالخلافة لمروان، ثم من بعده لخالد بن يزيد، ومن بعده لعمرو بن سعيد الأشدق، واتفقوا على عقد مؤتمر في الجابية لإنهاء المشكلة، وأما الضحاك بن قيس زعيم الفريق الذي مال إلى ابن الزبير بل بايعه فقد مال إلى بني أمية من جديد، حيث كان من أقرب رجال معاوية وابنه يزيد وكان الحاكم الفعلي لدمشق منذ وفاة يزيد وحتى بيعة مروان بن الحكم.

فأرسل إليهم يعتذر عن خروجه عن طاعتهم وأعلن أنه سيحضر مؤتمر الجابية، ولكنه لم يستطع المضي في خطته، فقد مُورِسَت عليه ضغوط للبقاء على بيعته لابن الزبير من رجاله وبصفة خاصة ثور بن معن السلمي فلم يذهب إلى الجابية بل ذهب إلى مرج راهط حيث دارت المعركة الحاسمة بينه وبين مروان، وكان ثور السلمي، هو جدّ معن بن يزيد بن الأخنس السلمي لأمه، ويكنى أبا أمامة، وقد قال ابن الاثیر، أن ثور هو والد يزيد بن ثور السلمي، وقد بايع هو وابنه يزيد، وابن ابنه معن بن يزيد، ولم يؤثِر موقف الضحاك بن قيس وتذبذبه على بني أمية، فقد أحكموا أمرهم ومضوا في خطتهم وعقدوا مؤتمرهم التاريخي في الجابية، وبايعوا لمروان بالخلافة في الثالث من ذي القعدة سنة أربعه وستين من الهجره.

وقد حلَّ مؤتمر الجابية مشكلة عظيمة ألا وهي الخلافة بين بني أمية، ولكن لم يكن تثبيت هذا الأمر سهلاً فما زالت تعترضه صعوبات كبيرة، فالضحاك بن قيس زعيم الجناح القيسي المناصر لابن الزبير قد ذهب إلى مرج راهط وانضم إليه النعمان بن بشير الأنصاري والي حمص، وزفر بن الحارث الكلابي أمير قنسرين، وكان واضحا أنهم يستعدون لمواجهة الأمويين، فكان على مروان أن يثبت أنه أهل للمسئولية وحمل أعباء الخلافة، وقد حقق أنصار مروان أول نجاح لهم بالاستيلاء على دمشق وطرد عامل الضحاك عنها، ثم عبَّأ مروان أنصاره من قبائل اليمن في الشام وهم كلب وغسان والسكاسك والسكون وجعل على ميمنته عمرو بن سعيد، وعلى ميسرته عبيد الله بن زياد واتجه إلى مرج راهط.

وهى دمشق القديمة فدارت المعركة الشهيرة التي حسمت الموقف في الشام لبني أمية ومروان حيث هُزمُ القيسيون أنصار بن الزبير، وقُتِل زعيمهم الضحاك بن قيس، وعدد من أشرافهم واستمرت المعركة حوالي عشرين يوما وكانت في نهاية سنة أربعه وستين من الهجره، وقيل في المحرم سنة خمسه وستين من الهجره، وبعد أن استقرت الأمور لمروان في بلاد الشام، توجه نحو مصر لاستردادها من عامل ابن الزبير عبد الرحمن بن جحدم، وعندما علم ابن جحدم بقدوم مروان بدأ يستعد لقتاله فحفر خندقًا حول الفسطاط، فنزل مروان في عين شمس، فاضطر ابن جحدم إلى الخروج إليه فتحاربا فترة، ثم رأيا أن يتهادنا ويتصالحا حقنًا للدماء فاصطلحا على أن يُقرَّ مروان ابن جحدم على حكم مصر.

وبن جحدم هو، عبد الرحمن بن عتبة ابن إياس بن الحارث بن عبد أسد بن جحدم بن عمرو ابن عائش بن ضرب بن الحارث بن فهر، وقد تولى إمارة مصر من قبل عبد الله بن الزبير فدخلها في شعبان سنة أربع وستين هجرية، فأقر عابس بن سعيد على الشرط والقضاء، وقدم ابن جحدم بجمع كثير من الخوارج الذين كانوا مع ابن الزبير فى مكة، من أهل مصر وغيرهم، وكان فيهم حوشب بن يزيد، وأبو الورد حجر بن عمرو، وغيرهم، فأظهروا التحكيم ودعوا إليه، فاستعظم الجند ذلك، وبايعه الناس على غل في قلوب ناس من شيعة بني أمية، وكان منهم كريب بن أبرهة الأصبحي، ومقسم بن بجرة التجيبي، وزياد بن حناطة التجيبي، وعابس بن سعيد، وغيرهم.

ثم بويع مروان بن الحكم فى الشام في ذي القعدة سنة أربع وستين هجرية، وكانت شيعته من أهل مصر دعوه إليها، وهم في العلانية مع ابن جحدم، وسار مروان إلى مصر ومعه خالد بن يزيد بن معاوية، وعمرو بن سعيد، وعبد الرحمن بن الحكم، و زفر بن الحارث، وحسان بن بحدل، ومالك بن هبيرة السكوني، في أشراف كثير، وبعث ابنه عبد العزيز في جيش إلى أيلة، ورجا أن يدخل مصر من تلك الناحية، وأجمع ابن جحدم على حربه ومنعه، فأشار عليه الجند بحفر خندق يُخندق به على الفسطاط، وقد دخل مروان مصر في غُرَّة جمادى الأولى سنة خمسه وستين من الهجره، وسرعان ما تحرر مروان من عهده لابن جحدم، فعزله وفتح خزانته وأعطى الناس فسارعوا إلى بيعته.

وأقام مروان بن الحكم في مصر نحو شهرين ثم غادرها في أول رجب سنة خمسه وستين من الهجره، بعد أن وطَّد أمورها وأعادها ثانية للحكم الأموي، كما ولَّى عليها ابنه عبد العزيز وزوَده بالنصائح المهمة، ثم قفل راجعًا إلى بلاد الشام، وكان مروان بن الحكم قد بعث عبيد الله بن زياد على رأس جيش ليقاتل زفر بن الحارث الذي كان عاملاً لابن الزبير على قنسرين، ثم هرب من مروان إلى قرقيسيا، وطلب مروان من ابن زياد أن يقتل زفر، ووعد ابن زياد أن يستعمله على كل ما يفتحه، وأمره إذا فرغ من زفر أن يتوجه إلى العراق لينتزعها من ولاة عبد الله بن الزبير، وفي طريق ابن زياد إلى قرقيسيا علم بوفاة مروان وتولية ابنه عبد الملك الخلافة.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *