Share Button

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

وقيل أن نبى الله سليمان عليه السلام أمر ببناء بيت المقدس ، فقيل له ، ابنه ، ولا يسمع فيه صوت حديد ، قيل ، فطلب ذلك فلم يقدر عليه ، فقيل له ، إن شيطانا في البحر يقال له صخر شبه المارد قيل ، فطلبه ، وكانت عين في البحر يردها في كل سبعة أيام مرة ، فنزح ماؤها ، وجعل فيها خمر ، فجاء يوم وروده فإذا هو بالخمر ، فقال ، إنك لشراب طيب ، إلا أنك تصبين الحليم ، وتزيدين الجاهل جهلا .

قيل ثم رجع حتى عطش عطشا شديدا ، ثم أتاها فقال ، إنك لشراب طيب ، إلا أنك تصبين الحليم ، وتزيدين الجاهل جهلا قيل ، ثم شربها حتى غلبت على عقله قيل ، فأري الخاتم أو ختم به بين كتفيه ، فذل قال ، فكان ملكه في خاتمه ، فأتى به سليمان ، فقال : إنا قد أمرنا ببناء هذا البيت ، وقيل لنا : لا يسمعن فيه صوت حديد قال : فأتى ببيض الهدهد ، فجعل عليه زجاجة ، فجاء الهدهد ، فدار حولها ، فجعل يرى بيضه ولا يقدر عليه ، فذهب فجاء بالماس ، فوضعه عليه ، فقطعها به حتى أفضى إلى بيضه ، فأخذ الماس ، فجعلوا يقطعون به الحجارة .

فكان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء أو الحمام لم يدخلها بخاتمه ، فانطلق يوما إلى الحمام ، وذلك الشيطان صخر معه ، وذلك عند مقارفة ذنب قارف فيه بعض نسائه قال : فدخل الحمام ، وأعطى الشيطان خاتمه ، فألقاه في البحر ، فالتقمته سمكة ، ونزع ملك سليمان منه ، وألقي على الشيطان شبه سليمان قال : فجاء فقعد على كرسيه وسريره ، وسلط على ملك سليمان كله غير نسائه قال : فجعل يقضي بينهم ، وجعلوا ينكرون منه أشياء حتى قالوا : لقد فتن نبي الله .

وكان فيهم رجل يشبهونه بعمر بن الخطاب في القوة ، فقال : والله لأجربنه قال : فقال له : يا نبي الله ، وهو لا يرى إلا أنه نبي الله ، أحدنا تصيبه الجنابة في الليلة الباردة ، فيدع الغسل عمدا حتى تطلع الشمس ، أترى عليه بأسا ؟ قال : لا قال : فبينا هو كذلك أربعين ليلة حتى وجد نبي الله خاتمه في بطن سمكة ، فأقبل فجعل لا يستقبله جني ولا طير إلا سجد له ، حتى انتهى إليهم ( وألقينا على كرسيه جسدا ) قال : هو الشيطان صخر .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “قال سليمان بن داود: لأطوفنَّ الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، والذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لرزق في سبيل الله فرسانًا أجمعون” رواه البخارى .

ومن هذا الحديث يعلم أن أنبياء الله عندما يكثرون الزوجات تكون نيتهم خالصة لله لما فيه مصلحة الدعوة وأن يرزقوا ذرية صالحة تجاهد في سبيل الله، وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم عدّد الزوجات لحكم عظيمة تعود لمصلحة الدعوة ونشر الإسلام ولم يكن نبي منهم متعلق القلب بالنساء.

ومن نعم الله تعالى على سليمان عليه السلام أن جُنْدهُ كان مؤلفًا من الجن والإنس والطير، وكان لسليمان عليه السلام قد نظّم لهم أعمالهم ورتب لهم شئونهم، فكان إذا خرج خرجوا معه في موكب حافل مهيب يُحيط به الجند والخدم من كل جانب، فالإنس والجن يسيرون معه سامعين مطيعين خاضعين، والطير بأنواعها تظله بأجنحتها من الحر وغيره .

وعلى كل من هذه الجيوش نقباء ورؤساء يديرون وينظمون الفرق في عرض رائع وموكب مَلكي حافل لم تر العين مثله، وهذا كله من فضل الله تعالى على عبده ونبيه سليمان عليه السلام الذي كان عبدًا مطيعًا أوّابًا داعيًا إلى عبادة الله وحده لا شريك له وكان من عباد الله الشاكرين .

ولما رجعت رُسل بلقيس إليها أخبروا ملكتهم بخبر سليمان عليه السلام، ووصفوا لها ما شاهدوه من عظمة مُلك سليمان عليه السلام وكثرة جنده وقوة بأسه، وأخبروها بأنه رد الهدايا إليها ولم يرض المصانعة، وأنه مصمم على غزو بلادهم بجيش كبير عرمرم لا قدرة لهم عليه، ولما سمعت الملكة “بلقيس” أخبار رسلها عن سليمان عليه السلام وعظيم ملكه أيقنت بعظم سلطانه ومهابته وعدم طاقتها على مقاومته .

فبعثت إليه: إني قادمة إليك لأنظر ما تدعو إليه، ثم أمرت بعرشها فجعل وراء سبعة أبواب، ووكلت به حرسًا يحفظونه وسارت إلى سليمان عليه السلام بجيش كبير مع رجالها وجماعتها ، وكان نبي الله سليمان عليه السلام عظيم الهيبة كثيرًا ما كان الناس لا يبدأونه بشيء حتى يسأل هو عنه فجلس يومًا على سرير ملكه فرأى رهجًا قريبًا منه فقال: ما هذا؟ فقالوا: “بلقيس” قد نزلت بهذا المكان وكان قدر فرسخ .

وكان قد بلغه أن بلقيس عملت على حراسة عرشها قبل خروجها، فلما علم سليمان عليه السلام بقدومها إليه، شيّد لها قصرًا عظيمًا من زجاج وجعل في ممره ماء وجعل عليه سقفًا من زجاج، وجعل فيه السمك وغيره من دواب الماء بحيث يخيل للناظر أنه في لجة من الماء ، وأراد سليمان عليه السلام أن يظهر لبلقيس من دلائل عظمته وسلطانه ما يبهرها وأن ترى بعينها ما لم تره من قبل قط، وهو أن ياتي بعرشها إلى قصره ليكون جلوسها عليه في ذلك الصرح العظيم دليلاً باهرًا على نبوته لأنها خلفته في قصرها واحتاطت عليه .

فأمر عليه السلام جنوده وخواصه أن يخبروه عن مخلوق قوي ليأتيه بعرش بلقيس، فتطوع عفريت قوي من الجن وأخبره أنه قادر على إحضار عرش بلقيس في مدة قصيرة لا تتجاوز نصف نهار، وكان سليمان عليه السلام يجلس للقضاء بين الناس من وقت الفجر إلى نصف النهار ، وكان هناك عند سليمان عليه السلام رجل من أهل الإيمان مشهور بالتقوى والولاية أعطاه الله معرفة اسمه الأعظم ويدعى ءاصف بن برخيا ويقال إنه ابن خالة سليمان فقال لسليمان عليه السلام .

أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ، أي قبل أن يرجع إليك بصرك إذا نظرت به إلى أبعد غاية منك ثم أغمضته، وكان الأمر كما قال وإذا بعرش بلقيس بعظمته وحليّه قائم وحاضر في القصر أمام نبي الله سليمان عليه السلام ، فلما رأى سليمان عليه السلام عرش بلقيس عنده في هذه المدة القريبة قال هذا من فضل الله علي وفضله على عبيده ليختبرهم على الشكر أو خلافه .

ثم أمر نبي الله سليمان عليه السلام أن يغير بعض معالم العرش ليمتحن بها قوة ملاحظتها وانتباهها وليختبر فهمها وعقلها فقالت كأنه هو ، وهذا من فطانتها وغزارة فهمها لأنها استبعدت أن يكون عرشها لأنها خلفته وراءها بأرض اليمن تحت حراسة شديدة، ولم تكن تعلم أن أحدًا يقدر على هذا الصنع العجيب الغريب ، وكان سليمان عليه السلام قد أمرها بدخول القصر وكان جالسًا على سرير عرشه .

فلما رأت الدلائل الباهرة والخوارق العجيبة أعلنت إسلامها وتبرأت مما كانت عليه من كفر وضلال ، ويقال أنها بعد أن أسلمت بلقيس ودخلت تحت سلطان سليمان عليه السلام يقال إنه تزوجها وأقرها على مملكة اليمن وردّها إلى بلدها وكان يزورها في مملكتها في كل شهر مرة ويقيم عندها ثلاثة أيام وأمر الجن المسخرين له أن يبنوا له ثلاثة قصور هناك.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *