Share Button
لقد ذكرت المصادر التاريخية والإسلامية وكتب السيرة النبوية الشريفة، في وصف بعض ما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وما لقياه في رحلتهما فرارا بقبس نور النبوة أن تطفئه أفواه المشركين حتى يكون ذلك درسا ينتفع به المجاهدون من أمته، فى سبيل نصرة حقهم على باطل غيرهم، ولقد جاء هذا الوصف على لسان أبي بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هجرته، فعن البراء بن عازب رضى الله عنه قال جاء أبو بكر رضي الله عنه إلى أبى في منزله، فاشترى منه رحلا، فقال له أبى يا أبا بكر، حدثني كيف صنعتما ليلة سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم، أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة، وخلا الطريق لا يمر فيه أحد.
فرُفعت لنا صخرة طويلة، لها ظل، لم تأتى عليها الشمس بعد، فنزلنا عندها، فأتيت الصخرة وسويت بيدي مكانا ينام فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ظلها، ثم بسطت عليه فروة، ثم قلت نم يا رسول الله، وأنا أنفض لك ما حولك، فنام وخرجت أنفض له ما حوله، فإذا أنا براعى مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذى أردنا، فقلت لمن أنت يا غلام؟ فقال لرجل من أهل المدينة أو مكة، فقلت أفى غنمك لبن؟ قال نعم، قلت أفتحلب؟ قال نعم، فأخذ شاة، فقلت انفض الضرع من الشعر والتراب والقذى، ففعل وحلب في قعب معه كثبة أى شيئا قليلا من لبن، ومعى إداوة حملتها للنبى صلى الله عليه وسلم يرتوى ويشرب ويتوضأ، فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فكرهت أن أوقظه، فوقَفت حتى استيقظ.
فصببت على اللبن من الماء حتى برد أسفله، فقلت اشرب يا رسول الله، قال فشرِب حتى رضيت، ثم قال لى “ألم يأن للرحيل؟” قلت بلى، فارتحلنا بعد ما زالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك بن جُعشم، ونحن فى جلد، أى فى صُلب من الأرض، فقلت يا رسول، أتينا، فقال “لا تحزن، إن الله معنا” فدعا عليه النبى صلى الله عليه وسلم، فارتطمت يد فرسه إلى بطنها، فقال إنى قد علمت أنكما دعوتما عليّ، فادعوا لى، فالله لكما أن أَردّ عنكما الطلب، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يلقى أحدا إلا قال قد كفيتم، ما ها هنا، فلا يلقى أحدا إلا رده، قال “ووفى لنا” رواه البخارى ومسلم، وهكذا جاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام، فإن الجهاد فى سبيل الله من أفضل القربات، ومن أعظم الطاعات.
بل هو أفضل ما تقرب به المتقربون وتنافس فيه المتنافسون بعد الفرائض، وما ذاك إلا لما يترتب عليه من نصر المؤمنين وإعلاء كلمة الدين، وقمع الكافرين والمنافقين وتسهيل انتشار الدعوة الإسلامية بين العالمين، وإخراج العباد من الظلمات إلى النور، ونشر محاسن الإسلام وأحكامه العادلة بين الخلق أجمعين، وغير ذلك من المصالح الكثيرة والعواقب الحميدة للمسلمين، وقد ورد فى فضله وفضل المجاهدين من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ما يحفز الهمم العالية، ويحرك كوامن النفوس إلى المشاركة في هذا السبيل، والصدق فى جهاد أعداء رب العالمين، وهو فرض كفاية على المسلمين، إذا قام به من يكفى سقط عن الباقين.
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏منظر داخلي‏‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *