Share Button

الدكروري يكتب عن عزل خالد عن القيادة
بقلم / محمـــد الدكــروري
لقد كانت معكة اليرموك التاريخية مليئة بالدروس والعبر والعظات، ومن أسس السياسة في الإسلام أن يأخذ الناس بالأسباب ثم تكون النتائج على الله عز وجل فتتعلق القلوب بالله وليس بالبشر، لذلك فقد كتب عمر رضي الله عنه كتب إلى الأمصار “إني لم أعزل خالدا عن سخطة ولا خيانة، ولكن الناس فتنوا به فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع” وإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عرف بشدته وقوته، وكذلك خالد بن الوليد رضي الله عنه عرف بهما، فرأى عمر أن يكون الخليفة شديدا وقائد الجيوش شديدا أمر ليس فيه مصلحة للأمة، وإن المنصب الذي يكلف فيه القائد المسلم هو تكليف وليس تشريف، فالهدف منه خدمة القضية والناس والدولة وليس المنافع الشخصية الدنيوية.

ومن رقي وسمو أنفس أصحاب النبي رضي الله عنهم، وقبولهم لأي وظيفة يكونون بها من غير تمرد ولا شكوى ولا تبرير، ولقد كان موقف خالد رضي الله عنه موقفا رشيدا، ولقد حرص خالد بن الوليد رضي الله عنه على عدم إشاعة خبر وفاة أمير المؤمنين أبي بكر الصديق رضي الله عنه مخافة أن تتزعزع معنويات مقاتلي الجيش الإسلامي ويتقهقروا أثناء القتال، ولم يتواجد خالد بن الوليد مساء اليوم السادس بعد إحراز النصر وإنتهاء المعركة في معسكر المسلمين، بل شوهد مساء اليوم التالي في المعسكر، فقد تابع خالد بن الوليد وفريقه فلول ماهان المتجهة إلى دمشق واشتبك معهم ليقتل ماهان على يد أحد المقاتلين المسلمين، فقد قطع رأسه وصرخ والله قد قتلت ماهان.

وكانت العادة السائدة آنذاك أن المعركة تنتهي بهرب الجيش المنكسر، ولذلك فكان آخر ما توقعه هامان وجنوده المنهزمون هو متابعة خالد بن الوليد لهم، وبعد انتهاء المعركة وقد تم قتل عشرات الآلاف من الروم، وأسر الآلاف، قرر قيصر الروم هرقل أن يهرب نحو القسطنطينية، وهي عاصمة الدولة البيزنطية، ويقول ابن الأثير في الكامل ” وسار هرقل فنزل بشمشاط، ثم أدرب منها نحو القسطنطينية فلما أراد المسير منها علا على نشز ثم التفت إلى الشام فقال السلام عليك يا سورية، سلام لا اجتماع بعده، ولا يعود إليك رومي أبدا إلا خائفا، وهذا خطاب صادر عن رجل عالم بالكتب السماوية، فلقد كان يعرف أن المسلمين على الحق، لأنهم يعتنقون الدين الحق وهو دين الإسلام، فإذا فتحوا أرض سوريا خاصة.

والشام عامة وحرروها من براثنه فلن تعود إلى سلطانه أبدا، لقد كان هرقل يعلم أن الإسلام دين الحق ولكنه الصلف والتكبر والظن بالملك وحب الذات، كل ذلك كانت موانع في طريق هدايته ولكن كان الثمن بالنسبة للروم كبيرا، وكانت معركة اليرموك من أعظم المعارك الإسلامية، وأبعدها أثرا في حركة الفتح الإسلامي، فقد لقي جيش الروم أقوى جيوش العالم يومئذ هزيمة قاسية، وفقد زهرة جنده، وقد أدرك هرقل الذي كان في حمص حجم الكارثة التي حلت به وبدولته، فغادر سوريا نهائيا وقلبه ينفطر حزنا، وقد ترتب على هذا النصر العظيم أن استقر المسلمون في بلاد الشام، واستكملوا فتح مدنه جميعا، ثم واصلوا مسيرة الفتح إلى الشمال الإفريقي .

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *