Share Button

فى طريق النور ومع التخطيط والهجرة النبوية ” الجزء الثامن عشر “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن عشر مع التخطيط والهجرة النبوية، وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟ وسجل الحق عز وجل ذلك في قوله تعالى فى سورة التوبة “إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثانى إثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم” ويلاحظ أن الهجرة النبوية جاءت بعد أن أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بكافة الأسباب المتاحة، وهذا شأن المؤمن مع الأسباب، أن يقوم بها كأنها كل شيء في النجاح.

 

ثم يتوكل بعد ذلك على الله لأن كل شيء لا قيام له إلا بالله، فالنبي صلى الله عليه وسلم خطط ودبر للهجرة وأخذ بكل أسبابها الممكنة للبشر، كل ذلك مع توكله المطلق على ربه ومولاه الذي كان يجرى له الخوارق بعد استفراغ غاية الجهد ولذلك قال لصاحبه ” لا تحزن إن الله معنا” ولم يقل لا تحزن إن خطتنا محكمة، وهي بالفعل محكمة، لكن الأمر كله لله من قبل ومن بعد، وإن هناك مشهد آخر من مشاهد ذلك التأييد الرباني، والحفظ الإلهي تجلى واضحا، في خبر سراقة بن مالك وهو يلحق بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام وصاحبه وهو طامع في المائة ناقة التي رصدتها قريش لمن يأتي بالنبي صلى الله عليه وسلم حيا أو ميتا، فحينما اقترب منهما.

 

ورآه أبو بكر الصديق رضى الله عنه وقع في نفسه الخوف والحزن، فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، لندع الصديق يقص علينا طرفا من خبره ذاك، فيقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه كما في صحيح مسلم ” واتبعنا سراقة بن مالك قال ونحن في جلد من الأرض أى أرض صلبة، فقلت يا رسول الله أتينا، فقال لا تحزن إن الله معنا، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتطمت فرسه إلى بطنها، فقال إني قد علمت أنكما قد دعوتما على فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا الله فنجا، فرجع لا يلقى أحدا إلا قال قد كفيتكم ما ههنا فلا يلقى أحدا إلا رده قال ووفى لنا” وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم كتاب أمان، ثم تبسم عليه الصلاة والسلام.

 

تبسم الواثق من نصر الله له، وقال يا سراقة كيف بك إذا طوقت بسواري كسرى؟ قال كسري ابن هرمز ملك الفرس قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم، يتعجب سراقة من حال النبي صلى الله عليه وسلم وهو المطارد هو وصاحبه يبن الجبال يعد بكنوز كسري ملك الفرس وكأن النبي صلى الله عليه وسلم ينظر نظرة أمل إلى المستقبل الكبير للإسلام الذي يعم الدنيا كلها، وفعلا تم الفتح للمسلمين في خلافة أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وأخذ سراقة سواري كسري من أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، وصدق الله العظيم إذ يقول فى سورة الطور ” واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم”

 

في هذا المعلم من معالم هجرته صلى الله عليه وسلم، يقترن المادي بالغيبي، ويتزاوج الإعداد البشري بالتأييد الإلهي، وفي ذلك عبرة ودرس للمسلمين من بعد، بأنهم مكلفون بأن يتخذوا من الأسباب ما يستطيعونه ويقدرون عليه، دون تقصير أو تكاسل، أما الركون إلى ما عند الله من أسباب النصرة الغيبية، دون إتعاب النفوس، وإنفاق الأموال في نصرة الدين، فهو من إفرازات التفكير الخوارقي، الذي لا يقدم ولا يؤخر ولا يسمن ولا يغني، وإن احتفاء المسلمين بالهجرة لهو تجديد للعهد الذى قطعوه على أنفسهم بالتمسك بشرع الله فى كل صغيرة وكبيرة، وأن من أجل الجهاد فى عصرنا دفع الشبهات عن معالم الإسلام وعقائده وأحكامه، والتصدى لأولئك الذين يشوهون صورته ويفترون عليه وينسبون إليه ما ليس منه.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *