Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

لقد منّ الله سبحانه وتعالى على البشرية جمعاء بمنة عظيمة ألا وهي إرساله عز وجل، إليهم الرسل والأنبياء الكرام مبشرين ومنذرين ليخرجونهم من الظلمات إلى النور بإذن الله تعالى، لئلا يكون لهم حجة بعد الرسل، فهم الذين يقودون موكب البشرية للإيمان والحق، وحولهم عليهم الصلاة والسلام، رجال ينشرون دعوتهم من بعدهم، ويأتي في طليعة أولئك الرجال، الرجال الذين كانوا حول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فهم خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين علما وعملا وتصديقا وصحبة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وجهادا في سبيل الله والدعوة إلى دينه، وسبقا إلى كل خصلة جميلة، فبلغوا الغاية في العلم والفضل والمعروف منزلة لم يبلغها أحد قبلهم ولا بعدهم، اصطفاهم الله لتلقي التنزيل، وصحبة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والعمل بالدين القويم، فكانوا في جميع أمور حياتهم على الصراط المستقيم.

فأثنى الله عليهم بحسن الإيمان، وسلامة المنهاج، وسداد القول، وصالح العمل، وكمال الخلق، وأخبر برضاه عنهم، ووعدهم بجنات النعيم، وقد اجتمع لهم تزكية الله تعالى وثناؤه، ومحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وذكره لفضائلهم، وكان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، أحسن الناس خلقا، وقد ظهر ذلك جليّا في تعامله مع أصحابه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، وذلك من خلال حرصه على أن يكون شريكا لهم في أفراحهم وأحزانهم، وقوّتهم وضعفهم، مما كوّن علاقةً قوية تجمعه بهم وتدل على مدى حبه لهم، ولقد حرص رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم،على توطيد أواصر الألفة والود مع أصحابه بمنحهم الألقاب والصفات، كوصفه الزبير بن العوام بحواريه، وأبو بكر وعمر بوزيريه، وعبيدة بن الجراح بأمين الأمّة، ولقد حرص رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، على تعزيز أواصر الصحبة والرفقة بمشاركة أصحابه في المأكل والمشرب.

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أنه قال ” كنت جالسا فى دارى، فمر بى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فأشار إلى، فقمت إليه، فأخذ بيدى، فأنطلقنا حتى أتى بعض حجر نسائه، فدخل ثم أذن لى، فدخلت الحجاب عليها، فقال صلى الله عليه وسلم، هل من غداء؟ فقالوا نعم، فأنى بثلاثة أقرصة، فوضعهن أمامه، فأخذ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، قرصا، فوضعه فى يديه، وأخذ قرصا آخر، فوضعه بين يدى، ثم أخذ الثالث، فكسره باثنين، فجعل نصفه بين يديه ونصفه بين يدى، ثم قال صلى الله عليه وسلم، هل من إدام؟ قالوا لا إلا شئ من خل، فقال صلى الله عليه وسلم، هاتواه، فنعم الأدم هو” رواه مسلم، ولقد حرص رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم،على إدخال البهجة والسرور على قلوب أصحابه الكرام بمشاركتهم.

المزاح واللهو، ومن ذلك مزاحه مع رجل اسمه زاهر بن حزام، وقد كان ذميما، حيث يروي أنس بن مالك رضي الله عنه القصة فيقول ” أتى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، يوما وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال، أرسلني، من هذا؟ فالتفت، فعرف النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يألو ما ألزق ظهره بصدر النبيِ محمد صلى الله عليه وسلم، حين عرفه، وجعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يقول، من يشتري العبد؟ فقال يا رسول الله، إذا والله تجدني كاسدا، فقال النبى محمد صلى الله عليه وسلم ” لكن عند الله لستَ بكاسد” ولقد حرص رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم،على مشاركة أصحابه الشدة والألم والجوع، فقد دعاهم وهم يعانون الجوع في الخندق إلى الطعام الذي جهزه له جابر بن عبد الله رضي الله عنه، ليشاركوه فيه رغم قلته، فقال النبى محمد صلى الله عليه وسلم.

” يا أهل الخندق إن جابرا قد صنع لكم سورا فحى هلا بكم ” ولقد حرص رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم،على مشاركة أصحابه في حل المشاكل التي كانت تواجههم، وذلك ببث التفاؤل في نفوسهم وتبشيرهم بنعيم الآخرة، أو بمباشرة الحل عمليّا، كأمره لِأصحابه بالتصدق على الصحابي الذي جاء يشتكي دينه بقوله صلى الله عليه وسلم ” تصدقوا عليه، فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، لغرمائة، خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك ” وبين أيدينا فى هذا المقال صحابى جليل من صحابة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ألا وهو الصحابى حذيفة بن اليمان العبسي الغطفاني القيسي، وبنو غطفان قبيلة عربية كبيرة من قبائل الجاهلية وصدر الإسلام وهي واحده من جماجم العرب الكبرى وقد سكنوا بادية نجد والحجاز جهة وادي القرى وبوادي المدينة المنورة، وحذيفه بن اليمان العبسي.

الغطفاني القيسي، وهو صحابي جليل وقد ولد في مكة وعاش في المدينة المنورة ومات سنة سته وثلاثين هجرية في المدائن، والمدائن هى مدينة عراقية تقع على بعد بضعة كيلومترات جنوب شرق بغداد, وقد بنيت المدائن قرب مدينة المدائن التاريخية عاصمة الساسانيين الفرس قطسيفون وسلوقية، بالنسبة لقطسيفون حيث كانت تسمى بالفارسية الفهلوية تيسفون، وبينما سلوقية بنيت قريبه من تسيفون، ولذلك سميت بالمدائن، وتضم البلدة الحالية قبر الصحابي سلمان الفارسي وكذلك مبنى ايوان كسرى ومن قراها التاريخية قرية جيلان التي ذكرها معظم الجغرافيين العرب ونسب إليها بعض المؤرخين ويسميها الأهالي حاليا سلمان باك وذلك نسبة لقبر الصحابي سلمان الفارسي، وقد نسب إليها العديد من الاعلام، وهو أبو عبد الله حذيفة بن اليمان وهو من بني عبس، وقد جاء حذيفة هو وأخوه ووالدهما إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

واعتنقوا الإسلام، وكان صاحب سر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ولقد نما رضى الله عنه، في ظل هذا الدين، وكانت له موهبة في قراءة الوجوه والسرائر، فعاش مفتوح البصر والبصيرة على مآتي الفتن، ومسالك الشرور ليتقيها، ولقد كان في إيمانه رضى الله عنه، وولائه قويا، فها هو يرى والده يُقتل خطأ يوم أحد بأيدي مسلمة، فقد رأى السيوف تنوشه فصاح بضاربيه أبي، أبي، إنه أبي، ولكن أمر الله عز وجل، قد نفذ، وحين علم المسلمون تولاهم الحزن والوجوم، لكنه نظر إليهم إشفاقا وقال “يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين” ثم انطلق بسيفه يؤدي واجبه في المعركة الدائرة، وبعد انتهاء المعركة علم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، بذلك، فأمر بالدية عن والد حذيفة حسيل بن جابر رضي الله عنهما، ولكن تصدَّق بها حذيفة رضى الله عنه، على المسلمين، فازداد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، له حبا وتقديرا.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *