Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ومازال الحديث موصولا عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لله أقواما ساروا بهذا الدين حتى بلغوه، وحملوا لواء الشريعة ولم يتركوه، فنالوا العز من ذراه، واشتملهم الهدى إلى منتهاه، فكانوا بشرا كالبشر، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، وقد عذبت أمانيهم في الخير حتى صاروا أئمة المهتدين، ونبراسا ومعلما وقدوة في العمل لهذا الدين، فرحم الله منهم السابقين واللاحقين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين إنهم من مدحهم الله سبحانه وتعالى، في كتابه الكريم، وأثنى عليهم الثناء العاطر، ومعهم المهاجرون والمتبعون لهم بإحسان، إنهم الأنصار، فحديثهم راحة النفوس الكليلة، وذكراهم تجلو القلوب العليلة، ولا يجد المؤمن الصادق سلوى الفؤاد المنكود بتربص الباغين، وندرة القدوات، وقلة الناصرين والمؤازرين للمؤمنين، إلا بتتبع سيرهم، ومعرفة شيء من أحوالهم، ولقد كان من أشهر مناقبهم العامة هو أن الإسلام قد دخل المدينةَ عن طريق النقباء.

الذين كانوا دلائل الدين وسفرائه في قلوب سكانها الأكارم، وقد عاهدوا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في البيعة الأولى للعقبة، ثم العقبة الثانية، وهم الذين استقبلوا النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة بلهفة المشتاق، وحُداء البهجة والترحاب، ووصل مصعب بن عمير، رضي الله عنه إلى المدينة المنورة على إثر النقباء للدعوة إلى الإسلام في هذه البقعة التي تشرفت بعد ذلك بسكنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وكذلك فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم أبر الناس قلوبا، وأعمقهم علما، وأحسنهم خلقا وفى هذا المقال إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد، ونقترب منهم لنرى إيمانهم، وثباتهم، وبطولاتهم، وولاءهم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لنرى البذل الذي بذلوا، والهول الذي احتملوا.
والفوز الذي أحرزوا نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير، وضياع المصير، حقا إنهم فتية آمنوا بربهم، فزادهم الله هدى وسوف نتحدث عن صحابي جليل، إنه الصحابي سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير الأنصارى الخزرجي الحارثي البدرى النقيب الشهيد ، وأمه هي السيدة هزيلة بنت عنبة، وقد نشأ سعد في أسرة عريقة، فكان أبوه من سادات بني الحارث، ولما كانت اليهود يعيرون العرب بأنهم أمة أمية، أرسل الربيع ولده سعد، ليتعلم القراءة والكتابة، وأصبح سعد سيدا من سادات الخزرج، وقد تحلى بالأخلاق والآداب التي يتحلى بها سادات القوم، وقد أمتن الله عليه بالعقل السليم والفكر الناضج والقلب المحب للخير لكل من حوله، ويروي لنا أبو بكر الزبيري، أن رجلا دخل على أبي بكر الصديق، وبنت لسعد بن الربيع جارية صغيرة على صدره يقبّلها، فقال له الرجل من هذه؟ قال هذه بنت رجل خير منى.
وروى الطبراني بسند فيه ضعف عن أم سعد بنت سعد بن الربيع أنها دخلت على أبي بكر الصديق رضي الله عنه فألقى لها ثوبا حتى جلست، فدخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال يا خليفة رسول الله من هذه؟ “قال هذه بنت من هو خير مني ومنك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجل قبض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تبوّأ مقعده من الجنة، وبقيت أنا وأنت” وكان لسعد من الولد أم سعد وابنة أخرى أمها عمرة بنت حزم أخت عمارة بن حزم، وسعد بن الربيع هو صحابي من بني كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، وقد شهد بيعة العقبة الثانية، وكان أحد نقباء الأنصار يومها، وقد شهد مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، غزوتي بدر وأحد، وقُتل يوم أحد، وسعد بن الربيع بن عمرو بن كعب بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي أحد نقباء الأنصار الحارثي البدري هو النقيب الشهيد الذي آخى النبي صلى الله عليه وسلم.
بينه وبين عبد الرحمن بن عوف فعزم على أن يعطي عبد الرحمن شطر ماله ويطلق إحدى زوجتيه ليتزوج بها فامتنع عبد الرحمن من ذلك ودعا له, وكان أحد النقباء ليلة العقبة، ولقد كانت تربية النبي صلى الله عليه وسلم، للصحابى سعد بن الربيع أثرا كبيرا في نفسه فهو الذي استطاع أن يؤثر أخاه عبد الرحمن بن عوف بماله وزوجته ويقول أنس بن مالك رضى الله عنه، قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى النبي صلى الله عليه وسلم، بينه وبين سعد بن الربيع وكان كثير الأموال، فقال سعد بن الربيع قد علمت الأنصار أني من أكثرها مالا، سأقسم مالي بيني وبينك شطرين، ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فأطلقها حتى إذا حلت تزوجتها، فقال عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه له “بارك الله لك في أهلك ومالك” وفي رواية البخاري “فقال عبد الرحمن بن عوف لا حاجة لي في ذلك” وسعد بن الربيع ابن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس.
بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، كانت أمّه هى هُزيلة بنت عنبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج، وكان لسعد بن الربيع من الولد بنته أم سعد واسمها جميلة وهي أم خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحّاك، وكانت أمّها هى السيدة عمرة بنت حزم بن زيد بن لوذان إلى غنم بن مالك بن النجار وهي أخت عمارة وعمرو ابني حزم، وقد شهد سعد بن الربيع مع النبي صلى الله عليه وسلم، غزوتي بدر وأحد وقد استشهد يوم غزوة أحد، ولقد كان لما هاجر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، آخى بينه وبين عبد الرحمن بن عوف، وهو عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري وهو أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وهو أحد الثمانية الذين سبقوا بالإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم الخليفه عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده.
وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم، عبد الرحمن، وقد وُلد عبد الرّحمن بن عوف بعد عام الفيل بعشر سنين، وكان إسلامه على يد أبي بكر الصديق، وقد هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى، ثم هاجر إلى المدينة، وشارك في جميع الغزوات في العصر النبوي الشريف، فشهد غزوة بدر وأحد والخندق وبيعة الرضوان، وأرسله النبي صلى الله عليه وسلم، على سرية إلى دومة الجندل، وصلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وراءه في إحدى الغزوات، وكان الخليفه عمر بن الخطاب يستشيره، وكما جعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال، هم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راض، وتوفى عبد الرحمن بن عوف سنة اثنين وثلاثين من الهجرة، وصلى عليه الخليفه الراشد الثالث عثمان بن عفان، وحمل في جنازته سعد بن أبي وقاص ودفن بالبقيع عن خمس وسبعين سنة.
L’image contient peut-être : 1 personne, debout, plante, fleur, arbre et plein air

Vu par 6 personnes
J’aime

 

Commenter

Commentaires

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *