Share Button
لقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءا أساسيا من حياة الأفراد وذلك نظرا لتوافرها وشيوعها في الأوساط المختلفة وكثرة الأجهزة الذكية وسهولة استخدامها، كما أن تنوعها بين الكتابة والصور والفيديو وقلة تكلفتها جعل منها ملاذا رحبا يجد فيه الناس متعتهم في قضاء أوقات فراغهم هربا من ضغوط الحياة.
غير أن تلك الحرية التي تمنحها تلك الوسائل للناس ببذخ، وتلك الفضاءات التي تفتحها لهم على عوالم خارجية مع ضعف الرقابة الأسرية جعل منها سلاحا ذو حدين، فكما هي وسائل فعالة في ضخ المعلومات في شتى العلوم الثقافية والمعرفية، قد تكون سببا في وقوع البعض ضحية للإبتزاز الإلكتروني أو إدراج اسمه تحت طائلة القانون بسبب جرائم الإنترنت.
كثير من الناس يسيئون استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، آخذين من حرية الرأي والفكر ستارا يحمي أفعالهم المشينة وأفكارهم الضحلة ويبررون به تصرفات وأقوال ما كانوا يجرؤن على القيام بها لو هم على أرض الواقع، فنرى كثير من ألفاظ السباب والشتائم، وجرائم التشهير وانتحال الشخصيات وجرائم السرقة والاحتيال تتم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، هذا فضلا عن الابتزاز الإلكتروني والذي غالبا ما يكون ضحاياه من المراهقين أو الفتيات، حيث يغرر بهم من قبل ذوي النفوس المريضة فيستدرجونهم خلال المحادثات من أجل الحصول على معلومات خاصة بهم أو بأهليهم أو صور أو مقاطع مصورة ومن ثم يقوموا بتهديدهم واستغلالهم طمعا في المال أو لفرض السيطرة عليهم لتنفيذ رغباتهم؛ فيصبح الإنسان بذلك عنقا تحت سكين يتنازعه شعوران كلاهما مر، فإما الانصياع للمبتز أو الرفض المصحوب بالتشهير به وبعائلته، ويظل على إثر ذلك قلقا مروع القلب مرتعد الفرائص، ومن هنا فإن جريرة المبتز ليست فقط أن سلبه حريته وحسب، بل أفسد عليه حياته ووجدانه.
ومن هنا كان لزاما على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الالتزام بالضوابط الشرعية المتعلقة بذلك والتي منها: استشعار المرء مراقبة الله تعالى حتى في أشد حالات ضعفه وغياب الرقابة الأسرية والسلطات القانونية، يجب أن يكون الإنسان رقيب نفسه مستشعرا الرقابة الإلهية على تصرفاته وسلوكياته؛ فلا يجعل الله أهون الناظرين إليه وهو أقرب إليه من حبل الوريد كما جاء في قوله تعالى:” وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير”، ومن تلك الضوابط الحرص على تصفح المواقع التي تضم العلوم الشرعية النافعة والمواقع التي تدعم تخصصه العلمي والابتعاد عن المواقع التي تساعد على نشر الرذائل والفواحش أو التي تسيء إلى الإسلام ورموزه، وعلى كل مسلم الالتزام بالأخلاق الرفيعة والمعاملة الحسنة والابتعاد عن نشر الشائعات وتجنب استخدام الألفاظ البذيئة والسب واللعن والتشهير وتتبع عورات الناس وإفشاء أسرارهم وتجنب الجدال وكل ما يثير البغضاء بين الناس، فكل ذلك ليس من صفات المؤمن الحق كما أخبرنا بذلك الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه:” ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء”، كما يجب علينا جميعا احترام نعمة الوقت وعدم إهدارها فيما لا يفيد من خلال الانكباب على وسائل التواصل الاجتماعي بالساعات الطوال بل يجب استغلاله في أداء الطاعات؛ إذ إن الوقت من النعم التي سيسأل عنها المسلم يوم القيامة ألم تر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” لا تزول قدم عبد مؤمن يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه”؟
ولن يفوتنا في هذا المقام أن ننبه على ضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية في التواصل بين الجنسين عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتي يمكن إجمالها في عدة نقاط منها: وجود المسوغ الشرعي للاتصال ولذلك فقد أفتى بعض العلماء بأن الأحكام التي تسري على المحادثات السائدة بين الناس بشكل مباشر هي نفسها التي تسري على المحادثات الإلكترونية بين الجنسين من حيث الحل والحرمة، وذهب البعض إلى عدم جوازها وأفتى البعض الآخر بجوازها عند الضرورة وفي وجود محرم للمرأة يطلع على ما يدور في تلك المحادثة، ومن ثم يجب على الجنسين تجنب المزاح والابتعاد عن التميع في الحديث وعدم استخدام الصور الشخصية وتبادلها والاكتفاء بالمحادثة الكتابية، أما في حالة الاضطرار إلى المحادثة الصوتية فعلى المرأة تجنب الخضوع بالقول امتثالا لأمر الله تعالى في قوله:” فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض”، كما يجب تجنب المحادثات بالصوت والصورة مع الأجنبيات تحقيقا لقول الله تعالى:” قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها” .

بقلم :الدكتورة:أسماء عبد الحكيم راتب

مدرس الأدب والنقد
بكلية البنات الإسلامية بأسيوط
Vu par 3 personnes
J’aime

Commenter
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *