Share Button

بقلم ا.د/إبراهيم محمد مرجونة
أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية-رئيس قسم التاريخ
كلية الآداب بدمنهور

“ياللى بتسأل عن الحياة.. خدها كده زى ما هى.. فيها ابتسامة وفيها آه.. فيها آسية وحنية” كلمات لخص بها الشاعر مأمون الشناوى حيرة البشر فى فك طلاسم الحياة وفهم الدنيا وتعقيدتها، لما تحمله من تجارب قاسية أحيانا، وسعيدة أحيانا أخرى والتأكيد على عدم سيرها على وتيرة واحدة من خلال أربع كلمات هى “ابتسامة، وأه، وأسية، وحنية”، ضمن أغنيته الشهيرة “الدنيا ريشة فى هوا” التى غناها المطرب سعد الدين عبد الوهاب، وحديثاً تغنى بها الفنان محمد منير، ولم يترك مأمون الشناوى الأمر عند حد وصف الحياة فقط، بل أعطى روشتته الخاصة لجمهوره من خلال الأغنية بالتعامل معها ببساطة شديدة بجملة واحدة فقط هى “خدها كده زى ما هى” على اعتبار أن الحياة لا تستحق كل الحزن والمعاناة بكونها “ريشة فى هوا”، محاولا من خلالها نشر البهجة والسعادة رغم رفعه النقاب عن أوجاعها.
أذن سافر…أهرب…حب…عش…جن…افرح…لا تبالي طالما كل ما تفعله لا يضر أحدا، ويرضي ربك ، وطالما كل ما تفعله هدفه الأول والأخير أن تحصل على السعادة والهناء. يوما ما سيأتي الحزن. يوما ما سيفارقك من تحبه. يوما ما ستتألم من وجع. يوما ما لن تقدر على السفر. يوما ما لن تستطيع تذوق كل ما تشتهيه نفسك. ستمنعك الحياة من مباهجها الجميلة فقط في الوقت الذي تراه هي مناسبا لذلك. لذا ففي المرة القادمة عندما تري الدنيا ” ريشة في هوا ” اربط حزام الأمان وحلق بعيدا معها فهي تعرف جيدا أنه الوقت المناسب فإياك أن تضيعه…فلن يعود!
ومن أبرز ما أورد ” بابلو نيرودا : ” يموت ببطء من لا يسافر، من لا يقرأ، من لا يسمع الموسيقي، من لا يعرف كيف يري بهجة الأشياء بنفسه “…

وستظل دائرة الحٌياة تدور إن سرنا أو توقفنا…
حٌياتنا أشبه بسلسلة أٌيام متالحقة .. فلا تظن إذا وجدت الطرف الاخر انها النهاية .. فأخر طرف وجدته هو بداية حلقة جديدة من تلك السلسلة .. فالنهاية دائما لا يوجد بعدها شئ ..
تسير الحياة رغما عنا في كل وقت .. و اليوم الذي يذهب لا يعود حتى لو تحسرنا و ندمنا .. واليوم الذي نحن فيه سيأخذ وقته حتى لو أردنا أن نسرع الوقت أو نمسك عقارب الساعة ..
الحياة مجموعة من القرارات و الصراعات الداخلية و الخارجية .. نتغير كل يوم عن اليوم الذي قبله .. و عمرنا يجري مع قطار الحياة ليصل لمحطة النهاية في وقته ..
محطات حياتنا لها وقت محدد فإذا فاتت محطة لا تعود مهما فعلنا .. وإذا اخذنا قرارا بركوب قطار الحياة فعلينا تحمل مسؤلية حساب الوقت و الجهد و العمل و نحسن التفكير و اتخاذ القرارات ..
أختياراتك في الحياة تحدد مصيرك لا لليوم أو غدا أو العام الحالي أو المقبل و لكن مدى الرحلة .. وأي مكان تستحق عندما تنتهي رحلتك .. الجنة أم النار ، ولا تجعل الخوف هو المسيطر والمهين عليك في حياتك فيقدك لذتها ومتعتها ؟
وزي مال قال صلاح جاهين  ولدي نصحتك لما صوتي اتنبح.. ما تخافش من جني ولا من شبح .. وان هب فيك عفريت قتيل اساله .. ما دافعش ليه عن نفسه…) يبقى عيش الحياه كدا زي ما هى.
وتذكر دائماً الاختيار في الحياة يعني نقطة في تحديد المصير فإما أن تختار أن تكون قويا مواجها صلبا على قدر المسؤلية و التحدي و كلمة القرار .. أو تكون هشا مختفيا وراء حائط الخوف و بيعونك نظرة انكسار و ضعف .. مكسورا يضعفك اختيارك فتصبح كحائط تتساقط حجارته واحدة تلو الأخرى
هذه هي الحياة اختيارات و قرارات مصيريه .. فأختار ما تقتنع به .. أو تسرع و اختار ما تشتهيه .. أو تبطأ و اختار بعقل و تركيز أو أدعو الله أن يختار لك ما يناسبك و يرضيك و يرضيه عنك .. وفي كل الأحوال مازلنا لا ندري و لا نرى ماذا فعلنا بأنفسنا ولا إلى أين ستأخذنا اختياراتنا في النهاية ؟!
اخيراً وفي رحلة الحياة المقترنة بالاختيارات لا تكن كالمنشار ، الذي لايحقق ذاته إلا وهو يقص الآخر، ديل كارينجي يقول: إذا أردت التخلص من القلق وبدء حياة هانئة، فعدّد ما بك من نعم وليس متاعبك.

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *