Share Button

وقفنا في المقال السابق عند ما حدث من تزويج زليخا لنبي الله يوسف علي نحو ما اسلفنا وقد ثار تساؤل عما ورد بين دفتي الكتاب الكريم من قول االه تعالي وما ابرئ نفسي ان النفس لاماره بالسوء وعما اذ كان الخطاب قد ورد علي لسان زليخا ام علي لسان يوسف فلما راجعت الكتاب الكريم وجدت قوله تعالي قالت امراءه العزيز الان حصحص الحق انا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين اي في قوله هي راودتني عن نفسي (ذلك ليعلم اني لم اخنه بالغيب) وما تبادر الي ذهني من فهم الايه ان الكلام علي لسان زليخا انما اعترفت بهذا علي نفسها ليعلم زوجها العزيز انها لم تخنه بالغيب ولا وقع المحذور الاكبر وان الامر توقف عند المراوده والامتناع فلهاذا اعترفت ليعلم انها بريئه (وان الله لا يهدي كيد الخائنين) وما ابرئ نفسي تقول ايضا انها ليست تبرئ نفسها فان النفس تتحدث وتتمني ولهاذا راودته (لان النفس اماره بالسوء الا ما رحم ربي) اي الا من عصمه الله ( ان ربي غفور رحيم )وحكي ذلك الماوردي في تفسيره وكذلك ابن تيميه فهو التفسير الاقوي والاظهر من غيره ممن ادعوا ان ذلك حديث يوسف لان سياق الكلام كله من كلام امراءه العزيز بحضره الملك ولم يكن يوسف حاضرا بل كان بين جنبات السجن لم يخرج منه بعد وكان بحضره الملك فيما بعد ( يراجع كتاب تفسير القراءن العظيم لابن كثير الجزء الثالث ص ١٧٤) ثم ان يوسف حين من الله عليه بلقاء ابيه تعانقا وبكيا حتي غشي عليهما فلما افاقا قال له والالم يعتصر قلبه انت يا ابت كيف بكيت علي واذهبت نفسك الم تعلم ان القيامه تجمعنا قال بلي لكنني كنت اخشي ان تسلب من دينك مما قاسيت فيحال بيني وبينك ولم لا فهو فلذه كبده ونور عينيه وثمره فؤاده يستريح اليه ببلابله ويشاركه في خلوته ويفاوضه في مكتوماته فهو حسن الاعتقاد صادق اللهجه خفيف المهجه عفيف الطباع رحب الذراع واسع الصدر متخلق بالصبر يألف الامحاظ ولا يعرف الاعراض وان فيه للمحب لاعظم الراحات فما ان ظفرت يداه به حتي شده عليه شد الضنين وامسك به امساك البخيل وصانه بطارفه وتالده فمعه يكتمل الانس وهو يدمن النظر اليه فالعين باب النفس الشارع وهي المنقبه عن سرائرها والمعبره لضمائرها والمعبره عن بواطنها يتنقل بتنقل محبوبه وينزوي بانزوائه ويميل حيث مال وقد اقبل علي حديثه فما يكاد يقبل علي سوي محبوبه وينصت لحديثه اذ حدث ويسرع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه ويتعمد القعود بقربه والدنو منه واطراح الاشغال للقرب منه والاستهانه بكل خطب جليل داع الي مفارقه تري روعه تبدو عليه عند رؤيته فجاه وطلوعه بغته وهو يجود ببذل كل ماكان يقدر عليه مماكان ممتنعا به قبل ذلك كانه هو الموهوب له والمسعي في حظه فهو يتلذذ بسماع اسمه والكلام في اخباره ويجعله دأبه وشأنه ولا يرتاح لشئ ارتياحه له فان للحب حكما علي النفوس ماضيا وسلطانا قاضيا وامرا لا يخالف وحدا لا يعصي وملكا لا يتعدي وطاعه لا تصرف ونفاذا لا يرد فعوضه الله اياما حاذقه المراره قطعت قلبه ضروب الوجد فظفر بمحبوبه وليس به امتناع ولا عنده دفع
قال وهب تبن منبه عندما دخل يعقوب مصر كان معه اولاده واولاد اولاده اثنان وسبعون انسانا رجالا ونساء فما زالو في مصر ينمون ويتناسلون الي ايام موسي عليه السلام فلما خرج موسي من مصر فارا من فرعون كان معه من طاءفه بني اسرائيل ستمائه الف وخمسائه وسبعه وسبعون رجلا غير النساء والاطفال فكان جملتهم قاطبه الف الف ومئه الف انسان قال السدي لما دخل يعقوب الي مصر حشر العسكر بين يديه فرسخا حتي وصل الي داره فلما وصل الي داره ودخل رفع يوسف ابويه الي سريره وامر العسكر ان يسجدوا لهما وكان ذلك عاده اهل مصر للتحيه الا ان بعض المفسرين قد اقروا ان ابويه واخوته قد سجدوا له سجود التحيه وكانو احد عشر وقدكان سائغا في شرائعهم اذا سلموا علي الكبير ان يسجدوا له وما زال هذا جائزا من لدن ادم الي شريعه عيسي عليه السلام وجعل مختصا يجانب الرب سبحانه وتعالي وقال يوسف لابيه يا ابت هذا تأويل رؤياي قد جعلها ربي حقا فاوحي الله الي يعقوب لما قلت اخاف ان ياكله الذئب ولم تفوض الامر الي فرقت بينكما ولما اجتمع يوسف بابيه اقاموا في مصر في ارغد عيش سنين عددا وقد اورد العزيزي ان يوسف اقام بمصر بعد موت ابيه فلما جاءه الموت قال لاخوته لا تقيموا من بعدي في مصر فانها دار الفراعنه ومسكن الجبابره ومن المناسب ان اذكر ان حاكم مصر في ذلك الوقت كان الملك الريان ابن الوليد وحدث عنه القراءن (وقال الملك ائتوني به استخلصه لنفسي )فدلت الاشاره علي انه كان ملكا وليس فرعونا وان يوسف حينما دخل عليه سلم عليه بالعربيه وكان يتكلم بسبعه السن فساله ما هذا اللسان فقال هذا لسان عمي اسماعيل ابن ابراهيم خليل الله وهذا دلاله علي انه اجنبي عن مصر فان المصريين كانوا يطلقون علي الحكام المصريين لفظ الفرعون وعلي غيرهم الهكسوس فهي كلمه في اللغه المصريه القديمه تعني المحتل وتصفه باوصاف ذميمه بحسبان انه محتل دخيل فقد ذكر محمد ابن اسحاق ان زليخا كانت بنت اخت الملك الريان ابن الوليد فانه زوجها ليوسف بعد موت العزيز قطفير وبارك زواجهما وذكرها ان ذلك خير مما كانت عليه (يراجع تفسير ابن كثير ص ١٦٨ و ١٧٥ وكتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور للعلامه محمد بن احمد بن اياس ) ومن ذلك نستنتج ان زليخه والعزيز قطفير ورجال الحاشيه ونساءهم قدموا الي مصر بصحبه الملك الريان بن الوليد وهو ما يفسر الرخاوه والميوعه في طبعهم بما يخالف طباع المصريين كالنخوه والشهامه والغيره وانه ولئن كانت القصه قد وقعت علي تراب مصر الا ان هذه الطبقه التي دارت حولها الاحداث كانت من طبقه الدخلاء الذين اتوا بصحبه الملك الريان بن الوليد
وللحديث بقيه
⚘⚘عادل رفاعي⚘⚘

Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *