Share Button

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن الإمام ابن حبان البُستي، هو الإمام العلامة الحافظ، المحدّث، المؤرخ، القاضي، شيخ خراسان، وقد أجمعت المصادر على أن الإمام ابن حبان قد وُلد في مدينة بُست، وهي مدينة كبيرة بين هراة وغزنة وهي من بلاد كابل عاصمة أفغانستان اليوم، ولكن لم يحددوا سنة ولادته، ويؤخذ من أقوال العلماء أنه وُلد بين سنة مائتان وسبعون إلي مائتان وتسع وسبعون من الهجرة وكلها اعتقدات للسنه التي ولد فيها ابن حبان، وقد قارب الثمانين من عمره، وقد تعرض الإمام ابن حبان إلي محنه عظيمة، وهي أن ابن حبان أثناء إلقائه لأحد الدروس في نيسابور سئل عن النبوة فقال النبوة هي العلم والعمل، وكان يحضر مجلسه بعض الوعاظ فقام إليه واتهمه بالزندقة والقول بأن النبوة مكتسبة. 

 

وارتفعت الأصوات في المجلس، وهاج الناس بين مؤيد للتهمة ونافي لها، وخاضوا في هذا الخبر على كل وجه، حتى كتب خصوم ابن حبان محضرا بالواقعة وحكموا عليه فيه بالزندقة ومنعوا الناس من الجلوس إليه، وهُجر الرجل بشدة، وبالغوا في أذية ابن حبان وتمادوا في ذلك حتى كتبوا في أمر قتله وهدر دمه إلى الخليفة العباسي وقتها، فكتب بالتحري عن الأمر وقتله إن ثبتت عليه التهمة، وبعد أخذ ورد اتضحت براءة ابن حبان ولكنهم أجبروه على الخروج من نيسابور إلى سجستان، وهناك وجد أن الشائعات ما زالت تطارده والتهمة ما زالت تلاحقه، وتصدى له أحد الوعاظ هناك واسمه يحيى بن عمار وظل يؤلب عليه حتى خرج من سجستان وعاد إلى بلده بست، وظل بها حتى مات.

 

وفوق اتهامه بالبدعة والزندقة، ذكره بعضهم في الكذابين، مع أنه هو الذي قام بكشف أحوال الضعفاء والمجروحين، وبيّن شروط الثقات والمُعدّلين، مثل أبو الفضل أحمد بن علي بن عمرو السليماني البيكندي البخاري، فمع أنه تلمذ لابن حبان، وأفاد منه، فقد ترجمه في شيوخه في باب الكذابين، ورد عليه الذهبي فقال رأيت للسليماني كتابا فيه حط على كبار، فلا يسمع منه ما شذ فيه، وليس من شأن ما هو شاذ أن يثبت أمام الحقائق الساطعة، فهي التي تمكث في الأرض، ويذهب الزبد جفاء، فقد ظل ابن حبان متألقا في حياته، بل وبعد وفاته، حتى إن الناس كانوا يزورون قبره رغم أنف الحاسدين، وقال ابن حبان في مقدمة صحيحه لقد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ، فقد زار معظم البلدان في الخلافة الإسلامية المترامية الأطراف. 

 

وفي كل بلد حله كان له شيخ أو شيوخ تلقى عنهم العلم، وروى عنهم الحديث، وقد أنكر ابن حبان الحد والجهة لله، وقد صرح بذلك في مقدمة كتابه الثقات، فثار عليه بعض طلاب العلم، وتم طردة من سجستان، ويفتخر بطرده يحيى بن عمار، حيث سأله أبو إسماعيل الهروي هل رأيت ابن حبان؟ فقال وكيف لم أره؟ نحن أخرجناه من سجستان، فيقول كان له علم كثير، ولم يكن له كبير دين، قدم علينا، فأنكر الحد لله، فأخرجناه من سجستان.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *