Share Button

 

أجرت الحوار/د. لطيفة القاضي

سليمان منصور فنان تشكيلي فلسطيني عالمي ،و يعتبر من أبرز الفنانين الفلسطينين المعاصرين ،فهو فنان الإنتفاضة التي تعبر أعماله عن المفهوم الثقافي للصمود،كان أستعماله للخامات من البيىة الفلسطينية،رسومات سليمان منصور هي خلاصة حب الوطن فلسطين، و حب الشعب المقاوم.

يعد سليمان منصور صاحب الريشة الساحرة والفكرة العبقرية يستوحي لوحاته التعبيرية من مخياله الخاص و المميز لقاءنا اليوم يغور في عمق اللون، لنرسم معا لوحة تحدد ملامح فنان مبدع ومتمكن من أدواته يتفنن في نقل مشاهد الحياة للوحات تصرخ جمالا و سحرا، نعم كان لابد أن يكون معنا، و أخيرا رتبت رزنامة التوقيت هندام أيامها و أرقامها و أعلنت الشمس و القمر تفرغهما لنتابع معنا هذا النجم الساطع في سماء الإبداع.

•كيف يقدم نفسة سليمان منصور؟
من الصعب أن يعرف الانسان ذاته لأن الهوية أمر معقد وتتغير حسب التجارب التي يمر بها. على كل حال هنالك ثلاث صفات هي في مركز وجودي ولا تتغير مهما حصل وهي بالترتيب حسب الأهمية، عربي فلسطيني وفنان تشكيلي. ولدت في بلدة بيرزيت عام ١٩٤٧ ودرست في مدرسة داخلية في كل من بيت لحم وبيت جالا ودرست الفن لمدة ثلاث سنوات في كلية بتسالئيل للفنون في القدس الغربية ابتداء من العام ١٩٦٧.عملت في مجال تدريس الفنون في معاهد وكليات مختلفة حتى العام ٢٠٠٧.احد مؤسسي الحركة الفنية في الأرض المحتلة ورئيس رابطة الفنانين خلال فترة الانتفاضة الأولى واحد مؤسسي جماعة التجريب والإبداع عام ١٩٨٩ وكذلك أحد مؤسسي مركز الواسطى في القدس في عام ١٩٩٣ ومديره حتى عام ٢٠٠٣. احد مؤسسي الأكاديمية الدولية للفنون في رامالله عام ٢٠٠٦ ومديرها لغاية ٢٠٠٧ وعضو هيئتها الإدارية لغاية ٢٠١٧. حاليا اعيش في القدس ومتفرغ لعملي الفني

•موهبة وحرفة بدايات فكيف كانت بداياتك مع الفن التشكيلي؟ وماهي الصعوبات التي واجهتك ؟
لم تواجهني صعوبات فوق العادة عدا عن الأمور المالية، فوالدي توفي وأنا في الرابعة من عمري الأمر الذي ادخل العائلة في ضائقة مالية ولكن أعطاني في نفس الوقت الحرية في أنتقاء طريقي في الحياة من دون ضغوطات وممانعات الأهل وبالذات الأب الذي يريد بالطبع الأفضل للابن من وجه نظره. ولقد بدأت فكرة تعلم الفن بالتدريج ومنذ الصغر كما هي الحال مع معظم الفنانين حيث ظهرت موهبتي في المدرسة وأعطتني المدرسة الإمكانية للمشاركة في مسابقة دعت لها الأمم المتحدة لاطفال العالم وكسبت الجائزة الاولى وكانت 200دولار وهو مبلغ خيالي في ذلك الوقت ولولد في سني وذلك في بداية ستينات القرن الماضي. واصبحت بعدها محط أنظار الجميع في المدرسة والقرية كفنان عالي الشأن. وعندما أنهيت المدرسة كان أول شيئ خطر في بالي هو تعلم الفن

•ما هي الأحاسيس التي تحب أن توصلها للجمهور من خلال عرض لوحاتك الفنية

خلال سبعينات القرن الماضي ولغاية الإنتفاضة الأولى كان الموضوع الأساسي عندي وعند غالبية الفنانين الفلسطينيين في الأرض المحتلة بشكل خاص إبراز وتأكيد الهوية الفلسطينية واستعملنا رموز مختلفة اخذناها من التاريخ القديم والفن الإسلامي والتراث الشعبي وخاصة الازياء والتطريز والقرية والمشهد الطبيعي. وكان هذا الاهتمام بموضوع الهوية هو رد فعل على إنكار وجود الشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل والغرب. خلال الانتفاضة الأولى وتجاوبا مع فلسفة الانتفاضة بضرورة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية توجه عدد من الفنانين إلى استعمال مواد خام من البيئة وبدأت استعمل الطين والاصباغ الطبيعية في أعمالي الفنية وصارت التشققات الناتجة عن جفاف الطين تعكس الحالة الفلسطينية من تشرذم. ولغاية الان لا ازال اعمل في الطين وكذلك في الرسم بالألوان التقليدية ولكن بروح معاصرة نوعا ما. برسوماتي احاول ان أبرز مواضيع تقلق الناس إجمالا مثل الاستيطان ومصادرة الاراضي والسجن والحنين إلى القدس والوطن السليب والحرية بمفهومها الواسع ومحاولا في نفس الوقت بألحفاظ على مشاعر الكرامة الانسانية.

•الموهبةُ وحدها تكفي و ُهي العنصرُ الأساسي للإبداع أم أنَّ الموهبة بحاجة إلى دراسةٍ لصقل الموهبةِ؟

الموهبة ضرورية مع أن كل إنسان ممكن أن يكون فنان اذا عود عقله على التفكير الإبداعي. المقدرة على الرسم هي مهارة يمكن تعلمها والتدريب عليها او اكتسابها بالممارسة. التعليم مفيد لانه يقصر الفترة التي يتم فيها اكتساب الخبرة بالمقارنة مع الشخص الذي يدرب نفسه بالممارسة. التعليم أيضا يعني تعليم الفنان على تاريخ الفن والفلسفات المختلفة التي تجعل من المتدرب فنان حقيقي، فالفن ليس مهارة فقط بل هو فكر بالاساس

•ماهي اللوحة التي تعتبرها “الخطوة الفاصلة” بين الفن كموهبة و الإبداع كمسار و الانتشار كهدف ؟
لا يوجد لوحة واحدة فاصلة بل هو مسار تدريجي يسير فيه الموهوب إلى أن يصل إلى قناعة بأنه أصبح فنان. حتى هذه القناعة ليست تامة إذ يظل الشك يسيطرعليه حتى النهاية وهذا هو سبب قلق الفنان الدائم. على كل حال ممكن ان اقول بحذر ان لوحة” جمل المحامل” كانت هي اللوحة الفاصلة.

•لقد جسدت في لوحاتك صور النضال في كافة صعوباته،و تطلعاته.
هل حقا تشعر بعزلة اللوحة التشكيلية أمام الأشكال الفنية الأخرى؟
كل شكل من أشكال الفنون له جمهوره ومريديه ولا يوجد عزلة لأي منها. مشكلة الفنون إجمالا ان الفنان يتعمق في حقله بينما الجمهور تظل معرفته سطحية نوعا ما ، الأمر الذي يسبب تباعد بين الجمهور العريض ونتاج الفنان الأمر الذي تسمينه عزلة. ومع هذا فدائما يوجد اناس يتذوقون الفن ويتراوح عددهم من مجتمع لآخر

• ما هي الألوان التي تجذب في الرسم وتميل إليها كثيراً في رسوماتك؟
اللون جزء من فكرة اللوحة ولذا فأنه لا يوجد لون مفضل عند الفنان لان كل لون وله رمزيته وتأثيره
ولكن وبما ان موضوع الأرض هو مسيطر على أعمالي في فترات مختلفة فأن اللون البني والبرتقالي والاخضر تسيطر على العديد من اعمالي

•الفن التشكيلي هو نوع من أنواع الفنون المتعددة الذي يعبر من خلاله الفنان عن أفكاره ومشاعره، حيث يسعى إلى تحويل المواد الأولية إلى أشكال جميلة وجذابة تنبهر بها الأذواق والأعيُن .
نوّد أن نتعرف عن دورك في تطوير الحركة الفنية وتعليم الفن؟
بعد هزيمة عام ١٩٦٧ لم يكن هنالك فنانين او نشاطات فنية في الأرض المحتلة ولغاية ١٩٧١ حيث أقام احد طلاب الفن في حينه معرضا لإعماله. من خلال هذا المعرض الذي جذب الكثير من محبي الفن والفنانين اكتشفنا وجود حوالي ١٨ فنان يعيشون في الارض المحتلة وكثير منهم لم يتعلموا في معاهد او كليات فنون. وقمنا بتجميع الفنانين في رابطة الفنانين في الأرض المحتلة وكان هم هذه الرابطة والقائمين عليها وانا منهم نشر الفن في المجتمع الفلسطيني وكذلك تعليم الفنون اكاديميا بهدف زيادة عدد الفنانين ونوعية إنتاجهم. وكانت سلطة الاحتلال ترفض السماح باقامة كليات زراعة وفنون بالذات ولغاية اتفاقية أوسلو عام ١٩٩٤ حيث أصبح إقامة مثل هذه الكليات قرار فلسطيني حصري. واسسنا عدة مراكز فنية تقيم المعارض وتعلم الفنون وساهمنا بتأسيس كليات في جامعات محلية من خلال المناهج. واخيرا سنحت الفرصة لتأسيس أكاديمية فنون في رامالله مستقلة عن بيروقراطية الجامعات وعاشت هذه الأكاديمية حوالي ١٣ عام وخرجت اعداد لا بأس بها من الفنانين المتخصصين في الفن المعاصر ويشكل العديد منهم الجيل الشاب للحركة الفنية الفلسطينية

•من أينَ تستوحينَ مواضيع الوحات التي ترسمينها .. وكيف يأتيكِ الإيحاء ؟
انا استوحي أفكاري من البيئة التي اعيش فيها، وكذلك من الأوضاع السياسية التي نمر بها وخاصة الاحتلال الذي هو مصدر غالبية المشاكل. انا كنت اتمنى لو انني اعيش في حرية وسلام وفرح لكن الواقع هو عكس ذلك واذا لم اتفاعل مع هذا الواقع فأنا لن أكون صادقا مع نفسي ولا امينا على مستقبل ابنائي. البحث عن رموز تعكس موضوع الهوية قادني إلى البحث في التاريخ القديم ومن ثم في الفن الإسلامي وايضا من التراث والبيئة الفلسطينية كل هذه كانت مصادر استوحي منها أفكاري. كما أن الاحتلال ومصادرة الاراضي والسجن والحواجز كلها كذلك مصادر استوحي منها. بالاخير هدفي هو انتاج أعمال فنية جميلة تعكس واقع الاحتلال وتدعو إلى الحرية والامل

•يحفز ريشة فناننا القدير أكثر على الرسم. مشهد مؤلم في فلسطين ،واستخدمت مواد طبيعية في الفن مثل القهوة و الحنه ،والطين فكان استعمال الطين في لوحاتك لمقاطعة المواد القادمة من دولة الإحتلال حيث ارتبطت سيرورتك بذلك، كيف جاءت لك الفكرة؟

يلجأ الفنان غالبا إلى استعمال مواد خام جديدة بهدف استكشاف عوالم جديدة في عالم الجمال والفن وفي كثير من الأحيان تكون النتيجة عبارة عن تجربة في الحرف اليدوية. واحيانا أخرى ينجح الفنان في اكتشاف مدخل لطريق يقوده إلى عوالم مثيرة في الفكر والفن. انا دخلت في مثل هذه التجارب وعملت في تقنيات كثيرة ومتعددة وكان هدفي هو إيجاد اسلوب تعبير فني جديد. ولكنني لم أنجح الا عندما قادتني الضرورة وليس البحث الجمالي فقط وذلك في الأشهر الأولى من الانتفاضة الأولى والتي دعت إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والاتكال على الذات. وبدء عدد من الفنانين بناءا عليه بالبحث عن مواد خام من البيئة لإنتاج اعمالهم الفنية والامتناع عن شراء مواد تقليدية من السوق الاسرائيلي. ومن تأثير الطفولة توجهت نحو التجريب في الطين المشبع بالرموز ابتداءا من الإنسان إلى الأرض إلى مفهوم الوطن. وبدل ان ارسم الأرض صرت ارسم بمادة الأرض. وبدأت تدريجيا باكتشاف جمال تشققات الطين عندما يجف والتي صارت ترمز عندي إلى شرذمة الشعب الفلسطيني وارضه وهشاشة السلام من ناحية والى تأثير العمر علي شخصيا من حيث الكبر و الضعف والوهن. عملت لسنوات عديدة في هذه المادة والتي هي من المواد الأولية للحياة وصرت اتنقل بين الرسم والعمل بالطين حسب الفكرة والمزاج ولغاية اليوم.

•لوحة (حمل المحامل) لاقت كثير من الترحيب ،حيث انها طبعت و علقت في المنازل و في الاماكن العامة ،ماذا تمثل لك؟
هي بداية معرفة الناس و محبي الفن التشكيلي بي.

•كلمه أخيره توجهينها لمتابعينك ومحبي الفن التشكيلي من خلال هذا اللقاء
كلمة اخيرة:
ان المغريات والتأثيرات المختلفة التي يتعرض لها الفنانين وخاصة الشباب منهم هي كبيرة خاصة مع تطور الانترنيت وممكن للفنان ان يفقد الكثير من انتمائه لثقافة بلده ومشاكل مجتمعه جراء هذا الامر. نصيحتي لكل إنسان يسلك سبيل الفن والابداع هو التمسك بثقافة بلده وتقديمها بأساليب تلائم العصر وهي افضل الطرق واقصرها للوصول إلى العالمية ولدينا نجيب محفوظ افضل مثال في هذا المجال

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏لقطة قريبة‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏منظر داخلي‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏لقطة قريبة‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏، ‏‏أشخاص يجلسون‏، ‏أحذية‏‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٣‏ أشخاص‏، ‏‏‏أشخاص يجلسون‏ و‏منظر داخلي‏‏‏‏
+‏٤‏
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *