Share Button
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الحادى عشر مع نبى الله إبراهيم عليه السلام، وقد توقفنا معه عليه الصلاة والسلام ولقد جرد توحيد ربه تبارك وتعالى، فلم يدع معه غيره، ولا أشرك به طرفة عين، وتبرأ من كل معبود سواه، وخالف في ذلك سائر قومه حتى تبرأ من أبيه، فقال الله تعالى في إعطائه الإمامة فى سوررة البقرة ” إنى جاعلك للناس إماما ” وقد ذكر الله تعالى أن من عدل عن هذه الملة الإبراهيمية بعد أن بين الله صلاحها وأثنى على إمامها فإن ذلك المائل عنها جاهل أهان نفسه، فقال تعالى فى كتابه الكريم فى سورة البقرة ” ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ” وقال الله تعالى آمرا باتباعه، ومبينا سلامة معتقده وطريقه فى سورة النحل ” ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ” وذكر الله تعالى أن أحسن الدين هو الانقياد التام لله تعالى، مع الإحسان في ذلك واتباع ملة نبى الله إبراهيم، فقال تعالى فى سورة النساء ” ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا ” ولقد كان المشركون وأهل الكتاب يدعون أنهم على ملة إبراهيم، فكذبهم الله جميعا بسبب شركهم وكفرهم، وبيّن أن أتباعه على الحقيقة.
هم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والذين آمنواوهذا نبينا ورسولنه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يعلمه الله أن يقول كما فى كتابه الكريم فى سورة الأنعام ” قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ” وكان هذا ردا على المشركين، وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقول إذا أصبح ” أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وملة أبينا إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ” فإن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام قد نال نصيبا وافرا من ثناء الله تعالى عليه جزاء لتمام انقياده وتسليمه، وكمال توحيده وإيمانه، وحُسن قيامه بأوامر ربه، فأثنى عليه بإتمام طاعته، ووفائه بحق عبادته، فقال تعالى فى سورة البقره ” وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ” وقال عنه سبحانه وتعالى فى سورة النجم ” وإبراهيم الذى وفى ” وهكذا فإن الله تعالى شكور كريم، يكافئ عبده الصالح على صلاحه في دنياه وآخرته، مكافأة حسية، ومكافأة معنوية، فإبراهيم عليه السلام لما صار إلى المنزلة العالية من تمام الانقياد والقيام بكل ما أمر ربه به، أوصله الله إلى درجة الخلة.
وهي أعلى درجات المحبة فأحبه الله حبا عظيما فقال الله تعالى فى سورة النساء ” واتخذ الله إبراهيم خليلا ” وعن عمرو بن ميمون أن معاذا رضي الله عنه لما قدم اليمن صلى بهم الصبح، فقرأ قول الحق من سورة النساء ” واتخذ الله إبراهيم خليلا ” فقال رجل من القوم لقد قرّت عين أم إبراهيم، فمن أراد لنفسه صلاح الدنيا والآخرة، فليقم بطاعة الله كما أحب الله منه، ومن زرع خيرا في هذه الحياة ابتغاء وجه الله، نال جناه في حياته وبعد مماته، وفي هذه السيرة العطرة النضرة الطيبة قد تبيّن لنا جليّا أن من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه، فمن قدم مرضاة الله على شهوات نفسه، أعطاه الله كفاء ذلك ثوابا عاجلا وثوابا آجلا، وأن البيئات والأقارب إذا كانوا حائلا بين المؤمن وطاعة الله وتوحيده، فالمفارقة إلى أرض التوحيد، ورفقاء الطاعة هو سبيل النجاة، وأن البلاء الذي يرافقه صبر صاحبه واحتسابه ذلك عند الله، يعقب فرجا وتيسيرا ونعما متتابعة، وأن المكروه الملازم للمرء لا يجعل صاحب الإيمان ييئَس من تغير الأحوال بذهاب المكروهات وحصول المحبوبات، وأن على الرجل إذا كانت زوجته عقيما أن يصبر عليها، ولا مانع أن يتزوج أخرى.
وتعينه زوجته الأولى على ذلك، بل لعل إعانتها له على ذلك تكون سببا لحملها أيضا، فيسعدها الله بالولد كما أسعدت زوجها بإعانتها له، وعلى المؤمن أن يكون قلبه سليما من مزاحمة محبوباته لحب الله وما يحبه الله، فيقدم رضا مولاه على رضاه، وعلى المسلم أن يتصف بالصفات الحميدة، والخلال الكريمة، وأن يكون انقياده لشرع الله انقيادا كاملا، لا انقيادا انتقائيا حسب الأهواء والشهوات، وأن يحرص على أن يكون قدوة حسنة لمن بعده، وأن يُبقي له بعد موته ما يستحق عليه الثناء والدعاء من أهل الخير والصلاح، وعلينا جميعا أن نعلم أن الخيرات للمؤمن قد تأتي متأخرة، وربما تجيء في أواخر مراحل العمر، فليتفاءل الإنسان ما دامت الحياة، وقد مر الخليل إبراهيم عليه السلام بمراح صعبه فكانت هناك قصتة عليه السلام مع النمرود وكيف أثبت الخليل إبراهيم عجز عدو الله؟ واتبع الخليل إبراهيم في مناظرته مع النمرود الحجة والبيان المعتمدان على العقل، وكان النمرود جبارا في الأرض في ذلك الزمان، فناظره الخليل إبراهيم عليه السلام، بما اقتضى الحال حينها، فقال إبراهيم عليه السلام عندما سأله النمرود من ربك.
فقال ” ربى الذى يحيى ويميت ” وهذه كانت الحجة الأولى التي أقامها إبراهيم عليه السلام على النمرود، فقال النمرود وأنا أحيي وأميت فأتى بسجينين من عنده فأطلق سراح أحدهما وأبقى على الآخر وقتله، فعلم إبراهيم أن القلب الذي اعتاد الضلال لن يقبل النور، ولن يدخل معه بجدال عقيم لا نهاية له، فطرح الخليل إبراهيم حجته الثانية وقال ” فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذى كفر والله لا يهدى القوم الظالمين ” وهذا تحدى صريح من الخليل إبراهيم للنمرود، فبهت النمرود من قول إبراهيم عليه السلام، ولكنَه لم يؤمن فهو اعتاد على أن يتجبّر في الأرض من دون أن يردعه أحد، وكان للخليل إبراهيم قصة كبيره مع فداء ابنه إسماعيل عليه السلام بالكبش وكيف يجزي الله من أسلم لأمره؟ فلقد أنعم الله تعالى على الخليل إبراهيم عليه السلام، بولد بعد طول زمن، ورزقه الله إياه بعد أن شاخ ورق عظمه، وشبَّ ولده إسماعيل عليه السلام، وصار الولد البار بأبيه الذي يعينه على أعباء الحياة، وإبراهيم عليه السلام، لا يحب أحدا في الدنيا مثل إسماعيل، وفي ليلة رأى إبراهيم في منامه أنه يحمل سكينا ويذبح ابنه إسماعيل، ورؤيا الأنبياء هي حق لا بد من تنفيذه، فاستيقظ الخليل إبراهيم من نومه فزعا.
وقال إنا لله وإنا إليه راجعون، وكان ذلك من أعظم الامتحانات التي مر بها الخليل إبراهيم عليه السلام، وقال إبراهيم لابنه إسماعيل عليهما السلام ” قال يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى ” ولكن إسماعيل البار بأبيه النبي ابن النبي الموحد لله قال يا أبت افعل ما تؤمر به، وسأصبر على ذلك إن شاء الله لي أن أصبر، فالصبر ليس مني وإنما بأمر الله، فلما ترجمت تلك الأقوال إلى أفعال، وسلم الخليل إبراهيم وإسماعيل أمرهما إلى الله، وحمله ووضعه على الأرض وجعل وجهه منكبا على الأرض واستعد للذبح ووضع السكين على رقبته جاء مناد من السماء فقال له ” يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ” وبذلك فدى الله تعالى، إسماعيل عليه السلام، بكبش من الجنة، وروي عن ابن عباس رضى الله عنهما أن الكبش الذي فدى الله تعالى به إسماعيل عليه السلام هو أحد القرابين المتقبلة من ابن آدم، والله أعلم، ولقد كانت هناك قصة للخليل إبراهيم مع الطيور وذلك عندما قال الخليل إبراهيم عليه السلام ” ربى أرنى كيف تحيى الموتى، قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى ” وهل شك الخليل إبراهيم فى ذلك؟ وقد ذكر الضحاك وقتادة وعطاء وغيرهم.
من أئمة السلف أن إبراهيم عليه السلام رأى في أحد الأيام جيفة على الشاطئ، فإذا كان مد البحر أكلت منها دوابه، وإذا كان جزر البحر أكلت منها السباع والطيور، فلما رآها الخليل إبراهيم قال ربي إني أعلم أنك تجمعها من بطون الحيوانات ولكن كيف تحييها، وسؤال إبراهيم لربه لم يكن من باب التشكيك في قدراته بل لأجل زيادة اليقين، فأمره الله تعالى، أن يأخذ أربعة أنواع من الطيور، وذكروا أنها كانت طاوس وديك وحمامة وغراب، ثم أمره أن يذبحهم ويقطعهم ويخلط لحمهم بعضه ببعض حتى لا يتفرق اللحم عن بعضه، ثم أمره أن يضع على كل جبل من الجبال الأربعة التي حوله قطعةً من اللحم، ثم أمره أن يناديهم بأسمائهم فعندها ستسعى إليه الطيور طائرة أو ماشية، وكل حسب حالته، وبذلك يكون كل ما قد حدث هو بأمر الله تعالى، وقدرته، وكانت هناك أيضا قصة ضيف الخليل إبراهيم ومن الضيوف الذين طرقوا بيت إبراهيم؟ ويذكر في قصة ضيف الخليل إبراهيم عليه السلام، في القرآن الكريم أنهم ملائكة جاؤوا إلى إبراهيم على صورة ابن آدم، وقيل إنهم كانوا اثنى عشر ملكا، وقيل تسعة والعاشر جبريل عليه السلام، فدخلوا عليه فقالوا سلاما وقد استغرب منهم الخليل إبراهيم عليه السلام.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *