Share Button
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى عشر مع نبى الله إبراهيم عليه السلام، وقد توقفنا مع قصة ضيف الخليل إبراهيم عليه السلام، في القرآن الكريم أنهم ملائكة جاؤوا إلى إبراهيم على صورة ابن آدم، وقيل إنهم كانوا اثنى عشر ملكا، وقيل تسعة والعاشر جبريل عليه السلام، فدخلوا عليه فقالوا سلاما وقد استغرب منهم الخليل إبراهيم عليه السلام، إذ لم يكن ذلك معهودا في قومه أي السلام، أو قيل ربما لأنه رأى منهم شيئا مختلفا عن الصور البشرية، وقد أكرمهم إبراهيم عليه السلام، فعمد إلى عجل عنده فذبحه وشواه وقربه إليهم فلم يأكلوا، فأحس في نفسه بخوف لأنهم لم يأكلوا الطعام، فغلب عليه الظن أنهم جاؤوا لشر، لأن عادة العرب أن يأمنوا الضيف حين يأكل طعامهم، فطمأنوه بأنهم ملائكة مرسلون من ربهم ليذهبوا إلى قوم لوط ليُنزلوا بهم العذاب الأليم، وهنا بشّروه بغلام عليم يبلغ مبلغ الرجال، وقد قال الجمهور إن ذلك الغلام هو نبي الله إسحاق، وقال آخرون هو إسماعيل عليه السلام، وقد رد هذا القول علماء الأمة، فالله أعلم، وكانت له قصة كبيره.
فى هجرة الخليل إبراهيم عليه السلام فما الأحداث التي جرت في هجرات إبراهيم عليه السلام، الثلاث؟ فقد بدأت هجرة إبراهيم عليه السلام، من أرض العراق عندما نجَّاه الله من النمرود وزبانيته، واتجه في هجرته إلى أرض الشام التي بارك الله فيها، ولكن مع ما حل في البلاد من قحط اتجه الخليل إبراهيم عليه السلام إلى أرض مصر، وكانت أرض ملك متجبر، فلما دخل إبراهيم بصحبة زوجته سارة وكانت شديدة الجمال، وشى به أحد بطان الملك أن دخل إبراهيم ومعه امرأة جميلة، وأغراه في حسنها وجمالها ورغبه في امتلاكها، فلما أرسل إليه الملك وسأله عن المرأة التي معه قا لها بأنه أخته، وذلك لأن المؤمنين إخوة، وهي أخته في الإيمان، فلما أراد الملك أن يأخذها توضأت سارة ثم صلت ودعت ربها ألا يسلط عليها ذلك الكافر فاستجاب لها ربها حتى أتت ذلك الجبار نوبة من الألم يكاد يصرع فيها، وحدث ذلك ثانية وثالثة فقال الجبار، ارجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر، فكان ذلك، فوهبت سارة هاجر إلى إبراهيم فحملت هاجر من الخليل إبراهيم.
وولدت له إسماعيل ففرح إبراهيم فرحا عظيما، فرحت سارة بالطفل مع إبراهيم ولكن بعد ذلك أصابتها غيرة شديدة، فطلبت من إبراهيم أن يبعدهم إلى أقصى الأماكن فلا تسمع صوتهم، واستجاب لها نبي الله إبراهيم عليه السلام، وكأن الله تعالى، قد أوحى له بذلك، فسار على دابته مع زوجته وابنه وشاء الله تعالى أن ينزلهما في ذلك المكان القفر في مكة في الصحراء، وكان أيضا هناك قصة عظيمه للخليل إبراهيم وبناء الكعبة ومن أول شخص أذن لحج بيت الله الحرام؟ وكان ذلك لما ترك الخليل إبراهيم عليه السلام، أم ولده هاجر وإسماعيل عليهما السلام في ذلك الموضع شاء الله تعالى، أن ينبع ماء زمزم، فتجمع هنالك بعض من الناس، وبدأ الخليل إبراهيم بزيارة إسماعيل عليهما السلام، وفي الزيارة الثالثة قال إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام، إن الله سبحانه وتعالى، قد أمره أن يبني بيتا، فأجابه إسماعيل عليه السلام، أن يطيع ربه، فأخبر إبراهيم ابنه عليهما السلام، أن الله تعالى، قد أمره بأن يعينه ابنه، يعني إسماعيل، فقال إسماعيل إذا أفعل.
فجعل إبراهيم يبني البيت وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يرددان ” ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ” فلما فرغا فقد أمر الله تعالى نبيه إبراهيم عليه السلام، أن يؤذن في الحج، وهنا يجب علينا أن نعلم إن توكل الخليل إبراهيم عليه السلام على ربه أنجاه من نار الدنيا وحماه من ضررها بل وكانت بردا وسلاما عليه، وإن الخضوع والاستسلام لله تعالى، من شأنه أن ينجي من المخاطر حتى ولو كان العقل البشري يرى أن الذي اختاره الله تعالى فيه خطر وشر، ولكن المتبصر يجد أن الخير فيما يختاره الله له، وإن شأن الطاغية والمتكبر في الأرض أن يجادل دون وجه حق ودون إعمال عقله، وللخروج من تلك المتاهة يجب إعطاءه أدلة أكثر قوة تبهته حتى يكف لسانه عن الجدال مثلما حدث في قصة الخليل إبراهيم عليه السلام، مع النمرود، وإن جبر الله تعالى، ليس له وقت أو أوان، فقد جبر الله تعالى، السيدة سارة مع أنها قد بلغت من الكبر عتيا، وقد كانت في الأصل عاقر، وأما عن وفاة الخليل إبراهيم عليه السلام وما قيل في عمره.
فقد ذكر ابن جرير في تاريخه، أن مولده كان في زمن النمرود بن كنعان، وهو فيما قيل الضحاك الملك المشهور، الذي يقال إنه ملك ألف سنة، وكان في غاية الغشم والظلم، وقد ذكر بعضهم أنه من بني راسب الذين بعث إليهم نوح عليه السلام، وأنه كان إذ ذاك ملك الدنيا، وذكروا أنه فى يوم طلع نجم أخفى ضوء الشمس والقمر، فهال ذلك أهل ذلك الزمان، وفزغ النمرود، فجمع الكهنة والمنجمين وسألهم عن ذلك، فقالوا يولد مولود في رعيتك يكون زوال ملكك على يديه، فأمر عند ذلك بمنع الرجال عن النساء، وأن يقتل المولودون من ذلك الحين، فكان مولد إبراهيم الخليل في ذلك الحين، فحماه الله عز وجل، وصانه من كيد الفجار، وشب شبابا باهرا، وأنبته الله نباتا حسنا، حتى كان من أمره ما تقدم، وكان مولده بالسوس، وقيل ببابل، وقيل بالسواد من ناحية كوثى، وتقدم عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه ولد عليه السلام ببرزة شرقي دمشق، فلما أهلك الله نمرود على يديه، وهاجر إلى حران، ثم إلى أرض الشام، وأقام ببلاد إيليا كما ذكرنا، وولد له إسماعيل وإسحاق.
وقد ماتت السيدة سارة قبله بقرية حبرون التي في أرض كنعان، ولها من العمر مائة وسبع وعشرون سنة، فيما ذكر أهل الكتاب، فحزن عليها إبراهيم عليه السلام، ورثاها رحمها الله، واشترى من رجل من بني حيث، يقال له عفرون بن صخر مغارة بأربع مائة مثقال، ودفن فيها السيدة سارة هنالك، وقالوا ثم خطب الخليل إبراهيم على ابنه إسحاق، فزوجه رفقا بنت بتوئيل بن ناحور بن تارح، وبعث مولاه فحملها من بلادها، ومعها مرضعتها وجوارها على الإبل، وقالوا ثم تزوج إبراهيم عليه السلام قنطورا، فولدت له زمران، ويقشان، ومادان، ومدين، وشياق، وشوح، وذكروا ما ولد كل واحد من هؤلاء أولاد قنطورا، وقد روى ابن عساكر عن غير واحد من السلف، عن أخبار أهل الكتاب في صفة مجيء ملك الموت إلى إبراهيم عليه السلام أخبارا كثيرة، الله أعلم بصحتها، فقد قيل إنه مات فجأة، وكذا نبى الله داود، وسليمان، والذي ذكره أهل الكتاب وغيرهم خلاف ذلك، فقالوا ثم مرض الخليل إبراهيم عليه السلام، ومات عن مائة وخمس وسبعين، وقيل مائة وتسعين سنة.
ودفن في المغارة المذكورة التي كانت بحبرون الحيثي عند امرأته السيدة سارة التي في مزرعة عفرون الحيثي، وتولى دفنه ابناه إسماعيل وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وقد ورد ما يدل أنه عاش عليه السلام مائتي سنة، كما قاله ابن الكلبي، فعن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضى الله أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال ” اختتن إبراهيم بالقدوم وهو ابن عشرين ومائة سنة، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة ” وفى رواية أخرى عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال ” اختتن إبراهيم حين بلغ مائة وعشرين سنة، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة، واختتن بقدوم ” وهكذا فعن أبي هريرة عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال ” وقد أتت عليه ثمانون سنة ” ثم روى ابن حبان عن عبد الرزاق أنه قال، القدوم هو اسم القرية، وقلت الذي في الصحيح أنه اختتن وقد أتت عليه ثمانون سنة” وفي رواية أخرى وهو ابن ثمانين سنة، وليس فيهما تعرض لما عاش بعد ذلك، والله أعلم، وعن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال كان إبراهيم أول من تسرول، وأول من فرق، وأول من استحد، وأول من اختتن بالقدوم، وهو ابن عشرين ومائة سنة، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة، وأول من قرى الضيف، وأول من شاب.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *