إعداد / محمـــد الدكـــرورى
قبل أن نتكلم لابد أولا من معرفة الصحابي من هو ؟ فلقد عرّف أهل الحديث الصحابي بأنه من لقي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مؤمنا به ومات على ذلك، فعلى هذا فكل من كان مؤمنا ورأى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إن كان مبصرا أو لقيه إن كان أعمى، فهو صحابي قد نال شرف الصحبة، وقال صلى الله عليه وسلم “لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه“.
ومعنا الصحابى كثير بن الصلت بن معدى كرب الكندى ، أبو عبد الله المدنى وعند الحافظ هو من طبقة كبار التابعين ، روى له الامام النسائي، ويكنى أبا عبد الله حليف قريش، وعدادهم في بني جُمَح، ثم تحولوا إلى العباس، وقد تقدم نسبه في أخيه زُبَيد بالتّصغير، ابن الصّلت، وقيل كان اسم كثير بن الصلت قليلًا، فسماه عمر كثيرًا، ووصله أبو عوانة في صحيحه مِن وجه آخر، فسمّاه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد وُلد قبل أن يهاجر أبوه، وهاجر به معه، ثم رجع إلى بلده؛ ثم هاجر كثير، وقد وُلد كثير في عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكان له شرف وحال جميلة، وقد أدرك عثمان بن عفان ، وقيل أنه روى عن أبي بكر الصديق، وقد وَفَد عُمومته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلموا، ثم رجعوا إلى اليمن، فارتدّوا فقتلوا يوم النَّحر؛ ثم هاجر كثير وزبيد وعبد الرحمن بنو الصّلْت إلى المدينة.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بين داره ودار معاوية في الطريق لقباء وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العيد عند دار كثير ابن الصلت كما في البخاري، وأصله من اليمن، ونشأ في المدينة المنورة، وقد ولي القضاء في المدينة في ولاية عثمان، وكان وجيهاً في قومه، وروى أحاديث عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان من ولد كثير بن الصلت محمد بن عبد الله بن كثير وكان سريّا مريّا فقيها
وقد وليَ قضاء المدينة للحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب حين ولّاه أبو جعفر المدينة، فلمّا وليَ المهديّ الخلافة عزل عبد الصمد بن عليّ عن المدينة وولّاها محمد بن عبد الله بن كثير بن الصلت، وروى عبيد اللّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أَن كثير بن الصلت كان اسمه قليلًا، فسماه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كثيرًا، وأَن مطيع بن الأَسود كان اسمه العاصي، فسماه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مطيعًا.
وأَن أُم عاصم أَخت عمر كان اسمها عاصية فسماها النبي صَلَّى الله عليه وسلم جميلة، وكان يتفاءَل بالاسم، وكان له شرف وحال جميلة في نفسه وله دار بالمدينة كبيرة في المصلّى، وقبلة المصلّى في العيدين إليها، وهي تشرع على بَطْحَان الوادي الذي في وسط المدينة، وقد روَى كثير بن الصلت أيضًا عن أبي بكر، وعُمر، وزيد بن ثابت، وغيرهم.
وقال محمد بن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة: زييد بن الصلت، وأخوه كثير بن الصلت، بن معدي كرب بن وليعة بن شرحبيل بن حجر القرد بن الحارث الولادة بن عمرو بن معاوية بن كندة، وهو كندي بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وإنما سمي الحارث الولادة لكثرة ولده، وسمي حجر القرد، والقرد في لغتهم الندي الجواد. والحارث الولادة هو أخو حجر بن عمرو آكل المرار، والملوك الأربعة: مخوس، ومشرح، وجمد، وأبضعة بنو معدي كرب بن وليعة بن شرحبيل، وهم عمومة زييد وكثير ابني الصلت، وكانوا وفدوا على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مع الأشعث بن قيس، فأسلموا، ورجعوا إلى بلادهم، ثم ارتدوا فقتلوا يوم النجير.
وإنما سموا ملوكاً لأنه كان لكل واحد منهم واد يملكه بما فيه. وهاجر كثير، وزييد، وعبد الرحمن بنو الصلت إلى المدينة فسكنوها، وحالفوا بني جمح بن عمرو من قريش، فلم يزل ديوانهم ودعوتهم معهم حتى زمن المهدي أمير المؤمنين، فأخرجهم من بني جمح، وأدخلهم في حلفاء العباس بن عبد المطلب.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خير أمتي قرني“، وقد حكم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، بالجنة لنفر كثير من الصحابة، فمنهم أهل بدر، فعن أبي هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله تعالى اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم“.