Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع الصحابى الجليل وكاتب الوحى زيد بن ثابت، وقد توقفنا مع عمارة بن حزم وهو صحابي من الأنصار من بني غنم بن مالك بن النجار من الخزرج، وقد شهد بيعة العقبة الثانية، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، غزواته كلها، ثم شارك في حروب الردة، وقتل في معركة اليمامة، فهو عمارة بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأَنصاري الخزرجي، وأمه هى السيدة خالدة بنت أبي أنس بن سنان بن وهب بن لوذان من بني ساعدة من الخزرج، وهو أخو الصحابي عمرو بن حزم، وكان له من الولد مالك بن عمارة بن حزم لا عقب له، وأمّه هى النوار بنت مالك أم زيد بن ثابت، وقد شهد عمارة بن حزم بيعة العقبة الثانية، ولما أسلم تولى عمارة بن حزم وأسعد بن زرارة وعوف بن عفراء تكسير أصنام بني مالك بن النجار، وقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم.
بينه وبين محرز بن نضلة، وقد شهد عمارة مع النبي صلى الله عليه وسلم، غزواته كلها، وكانت معه راية بني مالك بن النجار في يوم الفتح، وقد شارك في حروب الردة في جيش القائد خالد بن الوليد، وقتل في معركة اليمامة، وقد روى عمارة بن حزم عن النبي صلى الله عليه وسلم، عدة أحاديث، وقد رواها عنه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مرسلا وزياد بن نعيم الحضرمي وسعيد بن سعد بن عبادة، وأما عن زيد بن ثابت فقد ذكر ان زيد ذهب ليركب، فأمسك ابن عباس بالركاب، فقال له زيد ” تنح يا ابن عم رسول الله ” فأجابه ابن عباس ” لا، فهكذا نصنع بعلمائنا ” كما قال ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت ” ما رأيت رجلا أفكه في بيته، ولا أوقر في مجلسه من زيد “وكان عمر بن الخطاب يستخلفه إذا حج على المدينة، وزيد هو الذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك، وهو أحد أصحاب الفتوى الستة، وكانوا هم عمر وعلي.
وابن مسعود وأبيّ وأبو موسى وزيد بن ثابت، فما كان عمر ولا عثمان يقدّمان على زيد أحدا في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة، وقد استعمله عمر بن الخطاب على القضاء وفرض له رزقا، وقال الزهري، لو هلك عثمان وزيد في بعض الزمان، لهلك علم الفرائض، ولقد أتى على الناس زمان وما يعلمها غيرهما، وقال جعفر بن برقان سمعت الزهري يقول لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض، لرأيت أنها ستذهب من الناس، وقال ابن سيرين، غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين، بالقرآن والفرائض، ولقد كان الصحابي الجليل زيد بن ثابت واحدا من أعلم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لهذا لم تكن المهمات التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يوكله بها مهمات عادية أو سهلة بل كانت تحتاج إلى دقة عالية جدا وعقل يقظ، لأن أي خطأ في التنفيذ يؤدي إلى عواقب كبيرة، فالمهمة الصعبة والدقيقة والحساسة.
وهي مهمة كتابة الوحي، فكلما نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسل في طلب زيد بن ثاب ليكتب ويدون ما نزل من القرآن الكريم، وهي مهمة حساسة جدا وخطيرة، إذ أن مدون القرآن الكريم ليس بالإنسان العادي بل هو إنسان ذو ميزات غير عادية، لهذا اختار الرسول صلى الله عليه وسلم، زيدا لهذا الأمر، ومما يدل على تفوق هذا الصحاب والجليل ونبوغه تعلمه لغة اليهود في أربعة عشر يوما، وتعلمه للغة السريانية في سبعة عشر يوما، حيث تعلم هاتان اللغتان بناء على أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه كان محتاجا إلى من يفهم هاتان اللغتان لأغراض كتابة الرسائل والمراسلات، ولم يكن يثق باليهود ليؤدوا له هذه المهمة، لهذا تعلم زيد هذه اللغات، ولقد اشتهر زيد بن ثابت رضى الله عنه في المدينة المنورة وفي مجتمع الصحابة بعلمه وفضله، لهذا فقد وكله الصديق بجمع القرآن الكريم في كتاب واحد.
وهذه من أخطر المهمات التي توالاها هذا الصحابي الجليل وهي مهمة ليست بالهينة نهائيا تتطلب دقة بالغة جدا ولقد كان رضي الله عنه قادرا على حمل هذه الامانة الثقيلة فأداها أحسن تأدية، أما في عهد عثمان بن عفان ونظرا لدخول غير العرب في الإسلام، فقرر هذا الخليفة الراشدي ان يوحد المصحف الشريف، فأمر الصحابي سعيد بن العاص ان يمل على زيد، وزيد يكتب ما يسمعه، إذ أن الصحابي سعيد بن العاص رضي الله عنه كانت لهجته قريبة جدا من لهجة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولقد كان منذ بدأ الدعوة وخلال إحدى وعشرين سنة تقريبا كان الوحي يتنزل، ورسول الله صلى الله عليه و سلم يتلو، وكان هناك ثلة مباركة تحفظ ما تستطيع، والبعض الآخر ممن يجيدون الكتابة، فيحتفظون بالآيات مسطورة، وكان منهم علي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وزيد بن ثابت.
وقد قرأ زيد بن ثابت رضى الله عنه، على رسول الله صلى الله عليه و سلم في العام الذي توفي فيه مرتين، وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت لأنه كتبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرأها عليه، وقد شهد العرضة الأخيرة، وكان يُقرئ الناس بها حتى مات، وكان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد شُغل المسلمون بحروب الردة، وفي معركة اليمامة كان عدد الشهداء من حفظة القرآن كبيرا، فما أن هدأت نار الفتنة حتى فزع عمر بن الخطاب إلى الخليفة أبي بكر الصديق راغبا في أن يجمع القرآن الكريم قبل أن يدرك الموت والشهادة بقية القراء والحفاظ، واستخار الخليفة ربه، وشاور صحبه ثم دعا زيد بن ثابت وقال له ” إنك شاب عاقل لا نتهمك قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه ” فقلت كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال هو والله خير.

وقال زيد بن ثابت، فلم يزل أبو بكر يراجعني، حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، وقد نهض زيد بن ثابت بالمهمة وأبلى بلاء عظيما فيها، فكان يقابل ويعارض ويتحرى مكانه، وقال زيد بن ثابت كلمته المشهورة في جمع القرآن قال ” والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن ” وكما قال رضى الله عنه ” فكنت أتبع القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسب وصدور الرجال” وأنجز المهمة وجمع القرآن الكريم في أكثر من مصحف، وفي خلافة الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضى الله عنه، كان الإسلام يستقبل كل يوم أناسا جددا عليه، فأصبح جليا ما يمكن أن يفضي إليه تعدد المصاحف من خطر حين بدأت الألسنة تختلف على القرآن الكريم حتى بين الصحابة الأقدمين الأولين، فقرر عثمان بن عفان والصحابة وعلى رأسهم حذيفة بن اليمان ضرورة توحيد المصحف.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *