Share Button

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع صلاة الجمعه، ويجب علينا أن نعلم جميعا أن ليوم الجمعة مكانة عظيمه، خاصة في الإسلام، فهو أفضل الأيام، ولمكانة هذا اليوم وعظم شأنه، أن اختاره الله عز وجل، يوما لخير أمة أخرجت للناس، ولأعظم الأنبياء والرسل مقاما، ومن الدلائل على عظم مكانة يوم الجمعة أن سميت سورة من سور القرآن الكريم باسمه، وهي سورة الجمعة، ولأن اجتماع المسلمين ووحدتهم من أهم المقاصد التي راعاها الإسلام في طبيعة العلاقة بين المسلمين، فقد أوجد لهم مناسبات عدة، وشرع لهم عبادات جماعية، وكأن الإسلام يدفع المسلمين دفعًا نحو الاجتماع والوحدة، ومن تلك الوسائل يوم الجمعة، فجعله يوم عيد للمسلمين، وعن مكان إقامته نكمل الحديث، فعن الوليد ابن مسلم، قال سألت الليث ابن سعيد كل مدينة أو ‏قرية بها جماعة وعليه أمير أمروا بالجمعة فليجمع بهم.

فإن أهل الإسكندرية ومدائن مصر ‏ومدائن سواحلها كانوا يجمعون الجمعة على عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ‏رضي الله عنهما بأمرهما وفيها رجال من الصحابة، رواه البيهقى، ثم قال البيهقي بعد أن نقل جملة من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم في هذا المعنى قال: ‏‏والأشبه بأقاويل السلف وأفعالهم إقامة الجمعة في القرى التي أهلها أهل قرار وليسوا بأهل ‏عمود ينقلون، بل أن بعض أهل العلم صححها من أهل البادية مستدلين بما روى عبد الرزاق بإسناد ‏صحيح وكما قال الحافظ عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة ‏يجمعون فلا يعيب عليهم، وأيضا من شروط إقامتها هو إذن السلطان في إقامتها، وهذا الشرط عند الحنفية فقط، ولم يشترطه غيرهم غير ‏أن المالكية يرون أنه يندب استئذانه أولاً فإن منع وأمن شره لم يلتفت إلى منعه وأقيمت ‏وجوباً.

ولكن لا يوجد دليل من الكتاب أو السنة على اعتبار هذا الشرط.، وأما النوع الثاني من شروط الجمعة وهو شرط الوجوب فقط، ويتلخص في خمسة أمور وهى الإقامة في المكان الذي تقام فيه الجمعة سواء كانت الإقامة دائمة أو مؤقتة تقطع ‏حكم السفر، والذكورة، فلا تجب على النساء، والحرية، فلا تجب على العبد لانشغاله بخدمة سيده، وصحة البدن وخلوه مما يشق معه إذا خروج لشهود الجمعة في ‏المسجد، كمرض وألم شديدين، ودليل ذلك هو ما روى عن ‏طارق ابن شهاب أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال: ” الجمعة حق واجب ‏على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو ‏مريض”‏ رواه أبى داود، وأما سقوطها عن المسافر فإن النبي صلى الله عليه ‏وسلم قال: ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا مريضاً أو مسافراً أو امرأة ‏أو صبياً أو مملوكاً ” رواه البهقي والدار قطني.

وكذلك فقد ألحقوا بالمريض ممرضه الذي يقوم بأمره، ولا يجد من ينوب عنه ممن لا تجب عليه، وأيضا من الشروط هى السلامة من العاهات المقعِدة، كالشيخوخة الشديدة والعمى، فإن وجد الأعمى قائداً ‏متبرعاً أو بأجرة معتدلة وجبت عليه عند الجمهور، وهذا بالإضافة إلى العقل والبلوغ والإسلام، كما هي مشترطة في باقي العبادات، وأما عن النوع الثالث من شروط الجمعة فهو شرط الصحة فقط، ويتلخص في أربعة أمور وهى خطبة متقدمة على الصلاة مما يطلق عليه اسم خطبة مشتملة على حمد لله وذكر لله وتذكير بالله، وأيضا شرط الجماعة، ولا خلاف في أصل هذا الشرط، وإنما الخلاف بين الفقهاء فيما يتحقق ‏به؟ على ثلاثة مذاهب مشهورة، والأول للشافعية والحنابلة: وهو يجب أن لا يقل المجمعون عن أربعين رجلاً ممن تجب عليهم ‏الجمعة.

والأمر الثاني وهو للمالكية، وهو يجب أن لا يقل المجمعون عن اثنى عشر رجلاً ممن تجب عليهم ‏أيضاً، وأما عن الأمر الثالث، فهو للحنفية، وهو أنها تنعقد بالإمام وثلاثة معه، وهنالك أقوال أخرى لبعض أهل العلم مذكورة في المطولات، وقد عد الحافظ ابن حجر ‏خمسة عشرة قولاً وليس لشيء منها مستند تقوم به الحجة على اشتراطه بعينه، ولذلك نص جماعة من الأئمة على أن ‏المشترط هو حصول ما يسمى جماعة عرفاً، من غير تعيين عدد معين، لعدم ثبوت تعيينه من الشارع، ومن الشروط أيضا أن لا تتعدد الجمعة في المكان الواحد لغير حاجة أو ضرورة، وهذا مذهب الجمهور، ‏وهو الراجح لأن الجمعة شرعت لاجتماع الناس عليها حسب الإمكان فلو صلت كل ‏طائفة في مسجدها مع إمكان اجتماعهم في مسجد واحد لم يحصل المقصود منها.‏

وقد اشترط الحنفية أن يكون المكان الذي تقام فيه مأذوناً فيه إذناً عاماً، بحيث يكون ‏مفتوحاً للجميع.، فهذه هي مجمل شروط الجمعة التي يذكرها الفقهاء، وفي بعضها خلاف، ومنهم من زاد ‏غيرها، والحق أنه لا عبرة به منها إلا ما قام دليل من كتاب أو سنة أو إجماع عليه، وما سوى ‏ذلك فالجمعة فيه مثل غيرها من الصلوات.، وأما عن صفة صلاة الجمعة؟ وما دليلها؟
فصلاة الجمعة ركعتان، وذلك بالإجماع، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” صلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم، وقد خاب من افترى” رواه أحمد، وابن ماجه، ويسن أن يجهر فيهما بالقراءة، وقد قال الأئمة لفعل النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد نقله الخلف عن السلف، وقد روي عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” صلاة النهار عجماء إلا الجمعة والعيدين ” .

وأما عن المسنون قراءته في صلاتها؟ وما هو الدليل عليه؟ فهو يسن أن يقرأ جهرًا في الأولى بالجمعة، وفي الثانية بالمنافقين بعد الفاتحة، وإن قرأ بالأولى بسورة الأعلى، وفي الثانية بالغاشية فحسن، لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما ” أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين” رواه مسلم، وأما عن المسنون أن يقرأه في فجرها؟ وما الدليل عليه؟ وما الحكمة في ذلك؟ فهو يُسن أن يقرأ في فجرها سورة السجدة، وفي الركعة الثانية سورة الإنسان، لما ورد عن ابن عباس رضى الله عنهما ” أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ يوم الجمعة في صلاة الصبح (الم تنزيل السجدة) و (هل أتى على الإنسان ) رواه مسلم وأبو داود والنسائي، وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال ” أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة.

(الم تنزيل)، و(هل أتى على الإنسان ) رواه الجماعة إلا الترمذي وأبا داود، ولكنه لهما من حديث ابن عباس، والحكمة من ذلك قيل لتضمنها ابتداء خلق السموات والأرض وخلق الإنسان، وأما عن حكم إقامة الجمعة والعيدين في أكثر من موضع من البلد؟ فتحرم إقامتها وعيد في أكثر من موضع من البلد إلا لحاجة، لأنهما لم يكونا يفعلا في عهده وعهد خلفائه إلا كذلك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ” صلوا كما رأيتموني أصلي ” وإما لحاجة كضيق مسجد البلد، وكتباعد أقطار البلد فيشق على من منزله بعيد عن محل الجمعة، وكخوف فتنة ونحوه، وأما إذا وقع عيد في يوم الجمعة فما الحكم؟وما دليل الحكم؟ فإنه إذا وقع عيد في يوم الجمعة سقطت الجمعة عمن حضر العيد مع الإمام سقوط حضور لا سقوط وجوب، وأما الإمام فلا يسقط عنه حضور الجمعة.

وذلك لما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون ” رواه أبو داود وابن ماجه، وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه، أنه سأله معاوية: ” هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا؟ قال: نعم، صلى العيد أول النهار ثم رخص في الجمعة، فقال: ” من شاء أن يجمع فليجمع ” رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وأما عن كم أقل السنة بعد الجمعة؟ وكم أكثرها؟ فإن أقل السُّنة الراتبة بعد الجمعة ركعتان، لحديث ابن عمر مرفوعًا: ” كان يصلي بعد الجمعة ركعتين ” متفق عليه، وأكثرها ست ركعات، لقول ابن عمر: ” كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله ” رواه أبو داود، ولا راتبة لها قبلها ويستحب أربع ركعات، وذلك لما روى ابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم.

“كان يركع من قبل الجمعة أربعًا، وقد روى سعيد عن ابن مسعود أنه كان يصلي قبل الجمعة أربع ركعات وبعدها أربع ركعات، وقال عبد الله: رأيت أبي يصلي في المسجد إذا أذن المؤذن ركعات، ويُسن أن يفصل بين السُّنة وبين الجمعة بكلام أو انتقال، وأما عن خصائص الجمعة؟ فهى تنقسم إلى ثلاثة أقسام، قسم قبل الصلاة، وقسم في كل يومها، وقسم بينهما بحسب ما ورد، والأول كالاغتسال والطيب، والثاني كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والذكر والدعاء، والثالث كقراءة سورة الكهف، وأما عن ما يُسن قبل صلاة الجمعة وبعدها؟ فيُسن قراءة سورة الكهف، وكثرة دعاء وأفضله بعد العصر، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وغسل لها فيه وتنظف وتطيب، ولبسُ أحسن ثيابه، وهو البياض، وتبكير إليها ماشيًا إن لم يكن عذر، ولا بأس بركوبه لعذر، وأن يخرج إليها على أحسن هيئة بسكينة ووقار مع خشوع، ويدنو من الإمام، وأن يستقبل القبلة وأن يشتغل بذكر الله تعالى.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *