Share Button

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع صلاة الجمعه، ويجب علينا أن نعلم أن يوم الجمعة يوم طيب مبارك فهو شاهد ومشهود فمن حضره يشهد له ومن تخلف بغير عذر عنه، فإنه يشهد عليه، والملائكة الذين على الأبواب بعد ذلك شهود وقد فضله الله سبحانه وتعالى، على سائر الأيام كما فضل الشمس على سائر النجوم وجعله للمسلمين عيداً لأسبوعهم كما جعل الأحد للنصارى والسبت لليهود، ويجب علينا أن نعلم أنه من ابتلي بترك الصلاة فلا يعرفها إلا في الجمعة، ولربما نسي حتى الجمعة، فنقول لمثل هذا ألا تعلم يا عبد الله أن تارك الصلاة محكوم بكفره، وأنه يُستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قُتل، وأنه لا يجوز له أن يتزوج بمسلمة، ولا أن يكون ولياً على مسلمة في نكاحها ولو كان أباها، لأن الكافر لا تجوز ولايته على المسلمين، وأنه لا يرث من أقربائه المسلمين، ولا يرثون منه.

وأنه لا تقبل منه صدقة ولا صوم ولا حج، ولا أي عمل حتى يتوب، وأنه إذا مات فلا يُغسل ولا يُكفن ولا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، وأنه إذا مات وهو تارك للصلاة فهو من أهل النار، فيجب علينا أن نعلم إن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، وكلنا يعلم أن الحياة محدودة والأنفاس معدودة، وأن الموت يأتي فجأة، وليس بعد الموت إلا الجنة في نعيم أبديّ أو النار في عذاب سرمديّ، ومن أسباب عذاب النار، هو ترك الصلاة، وأما عن يوم الجمعه فقد نُهي المسلمون أن يفردوه بصوم لقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو بعده “، وفي رواية أخرى يقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم أحدكم ” متفق عليه.

وقد أخذ بعض الفقهاء بظاهر الحديث وحملوا النهي على التحريم وبعضهم على الكراهة، ومما ورد في فضل يوم الجمعة، وهو أنه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” عرضت الجمعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءه بها جبرائيل عليه السلام في كفه كالمرآة البيضاء في وسطها كالنكتة السوداء، فقال: ما هذه يا جبرائيل؟ قال: هذه الجمعة، يعرضها عليك ربك لتكون لك عيداً ولأمتك من بعدك ولكم فيها خير، تكون أنت الأول وتكون اليهود والنصارى من بعدك وفيها ساعة لا يدعو أحد ربه فيها بخير هو له قسم إلا أعطاه أو يتعوذ من شر إلا أعطاه أو يتعوذ من شر إلا دفع عنه ما هو أعظم منه ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد ” رواه الطبراني، وفي رواية ” ما طلعت الشمس ولا غربت على يوم خير من يوم الجمعة هدانا الله له، وضل الناس عنه، فالناس لنا فيه تبع فهو لنا، ولليهود يوم السبت، وللنصارى يوم الأحد، إن فيه ساعة لا يوافقها مؤمن يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه”

والقارئ المتدبر لكتاب الله عز وجل، يجد أن الله سبحانه وتعالى، قد ذكر فيه الصلاة في أكثر من تسعة وتسعين موضع، كلها بصيغة الأمر، مما يدل على عظمها عند الله تعالى، ورفعة منزلة من حافظ عليها، ومما يؤكد ذلك تخصيصها عن سائر العبادات بأن الأمر بها لم ينزل به الملَك، وإنما شُرِّف النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكُرِّم بالعروج إلى السماء السابعة، ليتلقى الأمر بها مباشرة من رب السماوات والأرض، فالصلاة هى أعظم العبادات، وقد ثنّى الله عز وجل، بها بعد توحيده سبحانه، وجعلها من أهم أسباب وعده ووعيده، وأمر بها الرسل جميع عباده، فكانت من دعاء الخليل إبراهيم عليه السلام، وأول الوصايا للمسيح عيسى بن مريم عليهم السلام، وسبب للثناء على الذبيح إسماعيل عليه السلام، وعن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال.

فى فضل يوم الجمعه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي ” رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة، ولهذا يستحب أن يكثر المسلم من الصلاة والسلام على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في ليلة الجمعة وفي يومها، فالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، هى تجارة رابحة لتجار الحسنات فأين الراغبون في ربح تلك التجارة، فيالها من تجارة رابحة فبكل صلاة منك على الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، تحصل على عشر صلوات من قيوم السموات والأرض، ومن أراد أن يكون أولى الناس برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، يوم القيامة فليكثر من الصلاة والسلام عليه.

ويجب علينا أن نعلم أن هناك أحكاما فقهية لصلاة الجمعة ومنها، أن من أدرك منها ركعة مع الإمام أتمها جمعة أي يأتي بركعة واحدة أخرى وإن أدرك أقل من ركعة بأن جاء ودخل مع الإمام بعد أن يرفع الإمام رأسه من الركعة الثانية، فإنه يتمها ظهراً لقوله صلى الله عليه وسلم ” من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصلاة ” وأيضا من أحكام صلاة الجمعة أنها لا راتبة لها قبلها، ولكن من دخل المسجد لصلاة الجمعة وكان مبكرا فإنه يصلي من النوافل ما تيسر له إلى أن يدخل الإمام للخطبة، وكان الصحابة الكرام رضي الله عنهم إذا أتوا المسجد يوم الجمعة يصلون من حين يدخلون ما تيسر، وأما سنة الجمعة الراتبة فبعدها أي بعد الصلاة لا قبل الصلاة، فعن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا صلى أحدكم الجمعة دخل إلى منزله فصلى ركعتين ” رواه مسلم.

وهذه هى سنتها، فمن صلى راتبة الجمعة في المسجد صلاها أربعا، ومن صلاها في بيته صلاها ركعتين، وأيضا من الأحكام أنه يحرم البيع والشراء بعد نداء الجمعة الثاني وما ذاك إلا لأنه يفوت الواجب ويشغل عنه فدل ذلك على أن كل أمرٍ وإن كان مباحاً في الأصل إذا كان ينشأ عنه تفويت واجب فإنه لا يجوز فعله في تلك الحال، كالبيع كما وضحنا، وبالذات بعد الأذان الثاني من يوم الجمعه، وخطبة الإمام فإن من الملاحظ أن بعض الباعة الذين يبيعون خارج المسجد أنهم يبيعون في هذا الوقت المنهي عن البيع فيه فبيعهم هذا حرام ويأثمون لذلك فلينتبهوا لهذا الحكم وليحرصوا على دخول المسجد وسماع الخطبة لأن الله تعالى، ذم من لم يحضرها وانشغل بتجارته وينبغي للعبد أن يقبل على طاعة الله عز وجل، وقت دواعي النفس لحضور اللهو والتجارات والشهوات.

وأن يتذكر العبد ما عند الله تعالى، من الخيرات والأجر العظيم والثواب الجزيل، وتنقسم شروط صلاة الجمعة إلى ثلاثة أنواع:، وهى شرط وجوب وصحة معاً، وشرط وجوب فقط، وشرط صحة فقط، فأما الأول وهو شرط الوجوب والصحة معاً، فالمتفق عليه منه هو دخول الوقت فلا تجب ‏الجمعة ولا تصح إذا فعلت في غير وقتها، وأما عن وقتها عند الجمهور فهو وقت صلاة الظهر، وقد خالف الحنابلة في مبدئه فقالوا: إنه يبدأ من ‏بعد طلوع الشمس، والأفضل عندهم أداؤها بعد الزوال، وأما المختلف فيه فشيئان، فهما المكان الذي تقام فيه، فالحنفية يشترطون للوجوب والصحة معاً البلد التي فيها سلطان أو نائبه لإقامة الحدود وتنفيذ الأحكام، ويلحق بالبلد عندهم ضواحيه وأفنيته والقرى المنتشرة حوله، ولم يشترط الفقهاء الآخرون هذا الشرط بهذه الهيئة، فالشافعية يكتفون باشتراط إقامتها في ‏خطة أبنية، سواء كانت من بلدة أو قرية.

وأما عن المالكية فهم ينحون منحاً قريباً من هذا، فيشترطون ‏أن تقام في مكان صالح للاستيطان، فتصح إقامتها عندهم في المكان الذي فيه الأبنية ‏والأخصاص أي البيوت المبنية من الخشب أو سعف النخيل، لاتخاذها عادة للاستيطان ‏فيها مدة طويلة، وصلاحيتها لذلك ولا تصح في المكان الذي كل مبانيه خيم لعدم اتخاذها ‏للاستيطان عادة وكذلك عدم صلاحيتها لذلك، وأما الحنابلة فلا يشترطون شيئاً من هذا، فتصح عندهم في الصحاري وبين مضارب الخيام، والراجح في هذه المسألة هو أن الجمعة تصح في كل مكان حصل فيه اجتماع الناس، ‏واسمها مشتق من ذلك، ولا يشترط البلد بل تصح في المدن والقرى وقد بوب البخاري ‏بما يقتضي ذلك فقال: باب الجمعة في القرى والمدن، وذكر حديث ابن عباس رضى الله عنهما، أنه قال ‏إن أول جمعة جمعت، بعد جمعة جمعت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد عبد ‏القيس بجواثى من البحرين ” .

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *