Share Button

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع صلاة الجمعه ويجب علينا أن نعلم جيدا إن من قواعد الشرع أنه إذا كان الأمر واجبًا ورتّب عليه أجرًا عظيمًا، فإن الإثم والعقاب يكون كذلك عظيمًا لمن تخلف عن فعله، فإذا كانت الصلاة بهذه المنزلة، فإن الله سبحانه وتعالى توعد تاركها والمتهاون بها أشد العقوبة، وقد قال ابن كثير رحمه الله ” لما ذكر الله سبحانه وتعالى حزب السعداء وهم الأنبياء عليهم السلام، ومن اتبعهم من القائمين بحدود الله عز وجل، وأوامره المؤدين فرائض الله، التاركين لزواجره، فقد ذكر أنه خلف من بعدهم خلف، أي قرون أُخر أضاعوا الصلاة، وإذا أضاعوها فهم لما سواها من الواجبات أضيع، لأنها عماد الدين وقوامه، وخير أعمال العباد، وأقبلوا على شهوات الدنيا وملذاتها، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها، فهؤلاء سيلقون غيًّا، أي خسارًا يوم القيامة” .

وقد أوحى الله تعالى إلى داود: ” يا داود: حذر وأنذر أصحابك أكل الشهوات، فإن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا، عقولها عني محجوبة، وإن أهون ما أصنع بالعبد من عبيدي إذا آثر شهوة من شهواته عليَّ أن أحرمه طاعتي” ومن أحكام صلاة الجمعة، أنه يستحب التهيؤ لها قبل حضورها بالاغتسال والتطيب ولبس أحسن الثياب، وتجميل الهيئة بقص الشارب وتقليم الأظافر، فعن أبي هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا كان يوم الجمعة فاغتسل الرجل وغسل رأسه، ثم تطيب من أطيب طيبه، ولبس من صالح ثيابه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يفرق بين اثنين، ثم استمع إلى الإمام غفر له من الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ” رواه ابن خزيمة، وعن أبي هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

” من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصى فقد لغا ” رواه مسلم وأبى داود والترمذى، وكما يستحب المشي إلى صلاة الجمعة وترك الركوب، فعن أوس بن أوس الثقفي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ” من غسّل يوم الجمعة واغتسل وبكّر، وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلْغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها ” رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان، ومعنى غسّل واغتسل هذا التكرار يفيد تأكيد الغسل يوم الجمعة قبل الصلاة والتبكير لها أيضا، ومما ورد أيضا في فضل التبكير إلى صلاة الجمعة حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال” من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة،

ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنه، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجه ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة ليستمعوا الذكر ” متفق عليه، وفي رواية أخرى يكمل الحديث صلى الله عليه وسلم ويقول ” فإذا خرج الإمام طووا صحفهم يستمعون الذكر ” ففي هذا الحديث والذي قبله الترغيب في التبكير لحضور صلاة الجمعة لما يترتب على التبكير من تحصيل مكان في الصف الأول، والحصول على فضيلة انتظار الصلاة وحصول الاشتغال بذكر الله بصلاة النافلة والتسبيح والتهليل والتكبير والدعاء ومن أهمها قراءة القرآن ولا سيما سورة الكهف فعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال.

” من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ” رواه النسائي والبيهقي والحاكم، وفى رواية أخرى، أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال ” من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق ” وهذه الفضائل تفوت كلها على المتأخر، ومع الأسف في هذا الزمان قل الاهتمام بالتبكير لحضور صلاة الجمعة، فالكثير لا يأتون إليها إلا عند دخول الإمام أو عند الإقامة، ويحرمون أنفسهم من هذه الأمور العظيمة والفضائل المتعددة التي منها الدعاء كما روى البخاري ومسلم أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال ” فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه ” وفي رواية أخرى، أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدد وقتها.

” هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضي الصلاة “رواه مسلم وأبى داود، ويجب على الحاضرين الإنصات والاستماع للخطبة، ويحرم الكلام وقت إلقائها وقد ورد النهي عن ذلك، فعن أبي هريرة أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال ” إذا تكلمت يوم الجمعة فقد لغوت وألغيت ” يعني والإمام يخطب، رواه ابن خزيمة، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال ” إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت ” رواه البخارى ومسلم، وأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال من حديث علي ” ومن قال يوم الجمعة لصاحبه أنصت فقد لغا ومن لغا فليس له في جمعته شيء ” رواه الطبرانى، وفي هذه الأحاديث دلالة على تحريم الكلام والإمام يخطب وفيه دليل على إباحة الكلام بين الخطبتين لأن المنع هو حال خطبة الإمام.

وفيه دلالة على تحريم تسكيت المتكلم أثناء الخطبة فلو رأى أحد رجلاً يتكلم أثناء الخطبة فلا يجوز له تسكيته بالكلام فلو قال له اسمع الخطبة أو أنصت، فقد لغى حيث أتى بكلام في حال هو مأمور فيها بالإنصات والاستماع مع أن ذلك في الأصل أمر بمعروف ونهي عن منكر مما يدل على أن غير ذلك من الكلام ممنوع من باب أولى حال الخطبة وإذا كان لابد من تسكيت المتكلم فليكن بالإشارة فهي أخف وأبعد عن الإنشغال بالكلام والمحاورة ومعنى قول فقد لغوت، أي حرمت من الأجر ومعنى، ليس في جمعته شيء، أي لا ينال أجر الجمعة وليس معناه أن جمعته لا تصح بل صارت جمعته ظهراً كما صح عند ابن خزيمة ” ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً ” وأجر الجمعة كما هو معلوم أكثر من أجر بقية الصلوات، وقد اختلف العلماء في رد السلام وتشميت العاطس والإمام يخطب.

والصحيح أن من كان يسمع الخطبة فلا يجوز له رد السلام ولا تشميت العاطس بخلاف من لا يسمع الخطبة فإنه يجوز له ذلك والله أعلم، وأما أصناف الناس الذين يحضرون الجمع فهم كما قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “يحضر الجمعة ثلاثة نفر: فرجل حضرها بلغو فذلك حظّه منها، ورجل حضرها بدعاء فهو رجل دعا الله إن شاء أعطاه وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يخطّ رقبة مسلم ولم يؤذ أحداً فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام وذلك أن الله يقول: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها “رواه أبو داود، ويحرم على الداخل للمسجد أن يتخطى رقاب الناس فقد رأى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم رجلاً يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم.

” اجلس فقد آذيت وآنيت “رواه أحمد وأبو داود والنسائي، ومعنى قوله آنيت، أي أخرت المجيء، ومعنى قوله آذيت، أى بتخطيك الرقاب، ولا سيما إذا كان التخطي وقت الخطبة لأن فيه أذية للناس وإشغالا لهم عن استماع الخطبة فتكون المضرة به واسعة، وأيضاً لا يجوز مسّ الحصا أي تسويته بالأرض بيده أو اللعب بيده على فراش المسجد لأن هذا من العبث الذي يشغل عن سماع الخطبة ويذهب الخشوع فقد قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “من مس الحصا فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له ” رواه أبو داود، ومن دخل المسجد والإمام يخطب فلا يجلس حتى يصلي ركعتين خفيفتين لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” إذا دخل أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين ” متفق عليه، وفى روايه أخرى فقال النبي صلى الله عليه وسلم، وزاد عليه ” إذا دخل أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصلى ركعتين، وليتجوز فيهما” رواه مسلم، أي لتكن خفيفة.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *