Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن الشمس والقمر من آيات الله عز وجل، فإذا قامت القيامة كورت الشمس وخسف القمر، وجمع الشمس والقمر، وقد جعل الله سبحانه وتعالى، الخسوف والكسوف في الدنيا تذكيراً للعباد، وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عند حدوث هذه الآية العظيمة يفزع إلى الصلاة، وقيل أنه قد خرج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى صلاة الكسوف فزعا خائفا حتى أنه أخذ لباس زوجته بدلا من ردائه خطأً لانشغال ذهنه بقيام الساعة حتى أدركه شخص خلفه بردائه كما في صحيح مسلم من حديث أسماء رضى الله عنها، حيث قالت “كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففزع فأخطأ بدرع حتى أُدرك بردائه، وأما عن قول جمهور العلماء على أن صلاة الخسوف سنة مؤكدة وليست بواجبة، وقد نقل بعضهم الإجماع على ذلك.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة، وقال بعضهم أنها فرض كفاية، ولم يجئ في القرآن الكريم ذكر لصلاة الكسوف والخسوف، وإنما وردت بها السنة المطهرة من قول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وفعله، وذلك في السنة العاشرة للهجرة حين كسفت الشمس فصلى بأصحابه وأطال الصلاة حتى انجلت الشمس، ولم يرد فيما اتفقت عليه الروايات الصحيحة أن هذا الكسوف كان نتيجة لغضب من الله على الناس، كيف وقد حدث ذلك بعد أن جاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا، وانتشر نور الإسلام في كل ناحية من جزيرة العرب، فلو كان الكسوف يحدث من غضب الله لحدث ذلك في العهد المكي، حين كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقاسون أشد ألوان العنت والاضطهاد والإيذاء، وحين أخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله.
ولقد كان الناس في عصر النبوة يعتقدون أن كسوف الشمس والقمر إنما هو مشاركة من الطبيعة لموت عظيم من عظماء أهل الأرض، وكان من غرائب المصادفات أن كسوف الشمس الذي حدث في عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كان يوم وفاة إبراهيم ابنه من السيده مارية القبطية، وقال الناس يومئذ إن الشمس قد انكسفت لموته أي حزنا عليه، وإكراما للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسكت على هذا القول الزائف والاعتقاد الباطل، وإن كان فيه إضافة آية أو معجزة جديدة إلى آياته ومعجزاته الكثيرة، لأن الله أغناه بالحق عن الانتصار بالباطل، وقد شرحت دار الإفتاء، أن صلاة الكسوف والخسوف سنة عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مستشهدة بما روته السيده عائشة رضي الله عنها أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: ” إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا ” وقد أوضحت دار الإفتاء أيضا، أن صلاة الكسوف أو الخسوف ركعتان، في كل ركعة قيامان، وقراءتان في القيامين بالفاتحة وما تيسر من القرآن، وركوعان، وسجدتان، وأعلى الكمال في كيفيتها: أن يكبر تكبيرة الإحرام، ويستفتح بدعاء الاستفتاح، ويستعيذ ويبسمل، ويقرأ الفاتحة، ثم سورة البقرة أو قدرها في الطول، ثم يركع ركوعا طويلا فيسبح قدر مائة آية، ثم يرفع من ركوعه فيسبح ويحمد في اعتداله، ثم يقرأ الفاتحة وسورة دون القراءة الأولى، كآل عمران أو قدرها، ثم يركع فيطيل الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم يرفع من الركوع فيسبح ويحمد ولا يطيل الاعتدال، ثم يسجد سجدتين طويلتين، ولا يطيل الجلوس بين السجدتين، ثم يقوم إلى الركعة الثانية.
فيفعل مثل ذلك المذكور في الركعة الأولى من الركوعين وغيرهما، لكن يكون دون الأول في الطول في كل ما يفعل، ثم يتشهد ويسلم” وقد استكملت دار الإفتاء أنه يجهر بالقراءة في خسوف القمر، لأنها صلاة ليلية، ولا يجهر في صلاة كسوف الشمس، لأنها صلاة نهارية، ولا يشترط قراءة سورة البقرة وآل عمران ويمكن قراءة ما يتيسر لك ولكن الأكمل قراءتهما، وتشرع صلاة الخسوف عند رؤيته بالبصر، لحديث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى يكشف ما بكم ” فلو حال غيم دون رؤية الخسوف فلا تُشرع الصلاة، وعلى فرض أنه رئي خسوف القمر قبل غروب الشمس، فلا يصلي الخسوف إلا بعد الغروب، لأن القمر آية الليل، وإذا اجتمعت صلاة الخسوف أو الكسوف مع صلاة حاضرة من الصلوات الخمس، فتقدّم صلاة الفرض، ثم تُصلى صلاة الخسوف.
وإذا انتهوا من صلاة الفرض، فلا مانع أن يأتوا بأذكارها وسنتها الراتبة، ثم يشرعون في صلاة الخسوف، وكذلك يشرع النداء وهو الصلاة جامعة، ولو كان الناس في المسجد بعد الفريضة مجتمعين، وذلك عملا بالسنة، وتنبيها لمن لم يحضر كالنساء والمرضى في البيوت، ومن حضر المسجد أثناء صلاة الخسوف، ولم يصل المغرب صلاها أولا، ثم دخل معهم في صلاة الخسوف، وإذا دخل المسجد وصلى معهم بنية المغرب، ثم تبين له أنهم يصلون الخسوف نوى المفارقة وأتم لنفسه المغرب، ثم لحقهم في صلاة الخسوف نظراً لاختلاف الصفة، والذي استفاض عند أهل العلم وهو الذي استحبه أكثرهم لأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، صلى بهم ركعتين، في كل ركعة ركوعان، ويقرأ قراءة طويلة ، ثم يركع ركوعا طويلا، ثم يقوم فيقرأ قراءة طويلة دون القراءة الأولى.
ثم يركع ركوعا دون الركوع الأول، ثم يسجد سجدتين طويلتين، وثبت عنه أنه جهر بالقراءة فيها، وقراءة الفاتحة وما يليها بعد الركوع الأول سنة لا تبطل الصلاة بتركه، فلو نسي القراءة بعد الركوع الأول من الركعة، فالصلاة صحيحة، ولا تدرك الركعة بالركوع الثاني، وإنما تدرك بالأول، فمن فاته الركوع الأول من الركعة في صلاة الخسوف فقد فاتته الركعة ، وعليه قضاؤها، وإذا انتهت صلاة الخسوف قبل انجلائه انشغلوا بالذكر والدعاء والاستغفار حتى ينجلي، والرباط في المسجد من المغرب إلى العشاء حسن يحقق مصالح شرعية، وصلاة الخسوف مع الجماعة أفضل، وتجوز فرادى لاسيما من فاتته في المسجد، ولا بأس أن تصلي المرأة صلاة الكسوف في بيتها، وإن خرجت للمسجد بالشروط الشرعية كما فعلت نساء الصحابة فهو أفضل وفيه خير.
ويُشرع عند الخسوف بالإضافة إلى الصلاة ذكر الله ودعاؤه والتوبة والاستغفار والتكبير والصدقة والعتق ووعظ الناس وتخويفهم بالله، وإيضا تخويف الله لعباده بالخسوف لما فيه من التذكير بيوم القيامة الذي يذهب فيه ضوء الشمس والقمر ويذكّرهم بقدرته على تغيير الأحوال كما غيّر القمرين، فعن أسماء رضى الله عنها قالت: أطال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، القيام جدا فى صلاة الكسوف، حتى تَجلّاني الغَشي فأخذت قربة من ماء إلى جنبي فجعلت أصب على رأسي أو وجهي من الماء، والغشى، هو مرض يعرض من طول التعب والوقوف وهو ضرب من الإغماء إلا أنه أخف منه إذا كان خفيفا وإنما صبت السيده أسماء رضى الله عنها، الماء على رأسها مدافعة له، وهذا فى فتح البارى، وأما عن من لم يقدر على القيام في صلاة الخسوف فيكمل الصلاة جالسا.
وإذا لم يستطع كما لو حصر ببول أو غائط فلينصرف وهذا كلام الشيخ ابن عثيمين، ويتطهر ويبتدئ الصلاة، وأيضا ينبغي للإمام أن يجعل طول صلاة الخسوف متناسباً مع مدة الخسوف إذا علمها، ومتناسبا كذلك مع تحمّل المأمومين، وفى النهايه نقول أن صلاة الخسوف، بينها النبي صلى الله عليه وسلم، بفعله عليه الصلاة والسلام، وهي سنة مؤكدة إذا كسفت الشمس أو خسف القمر، سواء ذهب النور كله أو بعض النور، فإن السنة أن يصلي المسلمون ركعتين، في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان، هذا هو أصح ما ورد في ذلك، ويصلي المسلمون في أي وقت حتى ولو بعد العصر على الصحيح، متى وقع الكسوف ولو في وقت النهي فالسنة أن يصلى، وأن تصلى صلاة الكسوف، وهي ركعتان تشتملان على قراءتين وركوعين وسجدتين في كل ركعة.
وقد أمر صلى الله عليه وسلم، بالصدقة والعتق عليه الصلاة والسلام، وأمر بالاستغفار والذكر، وهذه السنة حتى تنكشف الشمس والقمر، والسنة الخطبة بعد ذلك كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، إذا صلى الإمام يخطب الناس ويذكرهم، ويبين لهم أحكام صلاة الكسوف، ويحذرهم من المعاصي والشرور ويدعوهم إلى طاعة الله عز وجل ويرغبهم في الصدقة والعتق والإكثار من ذكر الله تعالى والاستغفار، وقد ذكر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في الخطبة بعد صلاة الكسوف أنه عرضت عليه الجنة والنار وهو في الصلاة، فتقدم لما رأى الجنة، ولما عرضت عليه الجنة تقدم وتقدمت الصفوف حتى حاول أن يأخذ منها عنقودًا من العنب قال: لو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ثم عرضت عليه النار عليه الصلاة والسلام فتأخر وتأخرت الصفوف.
وقال: رأيت فيها في النار عمرو بن لحي الخزاعي رئيس أهل مكة في الجاهلية يجر قصبه في النار يعني يجر أمعاءه في النار، لأنه أول من سيب السوائب وغير دين إبراهيم، يعني: سيب السوائب للأصنام، يعني: الإبل والبقر والغنم للأصنام لا تركب ولا تحلب، وأول من غير دين إبراهيم في عبادة الأصنام ودعائها من دون الله، فلهذا صار عذابه شديدًا، ورآه النبي صلى الله عليه وسلم، يجر أمعاءه في النار، قال صلى الله عليه وسلم ” ورأيت فيها امرأة تعذب بهرة حبستها، لا هي أطعمتها وسقتها حين حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، فعذبت بها ” وقال صلى الله عليه وسلم ” ورأيت فيها سارق الحجيج بمشعابه ” وكان في الجاهلية بعض الناس يسرق الحجاج، معه عصا منحنية الرأس مثل المشعاب كان يمر حول الحجيج حول أمتعتهم يجر منها بمشعابه ما أمكنه.
L’image contient peut-être : ciel et plein air
J’aime

Commenter
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *