Share Button

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

إن نهاية معركة صفين كانت باتفاق الطرفين على الرضوخ لحكم شرع الله تعالى وما جاء في القرآن الكريم، فدخل طرف ثالث من المحكمين بين الطرفين وذهبوا إلى كلِ طرف على حدة، فأخذوا من الطرفين العهود والمواثيق، ثم جلست الأطراف المتنازعة معا في رمضان من عام سبعه وثلاثين للهجرة، ووافقوا على متن صحيفة التحكيم التي قضت أن يقبل علي بن أبي طالب ومن معه من أهل الكوفة .

ويقبل معاوية بن أبي سفيان ومن معه من أهل الشام بحكم شرع الله تعالى في كتابه الحكيم، وأن يتساعد الطرفان في إحياء ما أحيا كتاب الله تعالى، وقد ناب عن فريق معاوية عمرو بن العاص وناب عن فريق علي بن أبي طالب أبو موسى الأشعري، وكان الاجتماع في دومة الجندل حيث اتفق الطرفان وتوقَّف القتال وعاد جيش علي إلى الكوفة وجيش معاوية إلى الشام وأطلقَ سراح الأسرى من الطرفين.

وكانت الأحداث قبل ذلك أن الدولة الإسلامية كلها قد اتفقت على أمير واحد هو علي بن أبي طالب رضى الله عنه وأرضاه، ولم يخالف إلا إمارة واحدة هي إمارة الشام، وإن كانت إمارة كبيرة ، وكانت مشكلة كبيرة تحتاج إلى وقفة حازمة من علي رضى الله عنه، فأرسل جرير بن عبد الله البجلي أحد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاوية بن أبي سفيان رضى الله عنه

لكي يتحاور معه من أجل الوصول إلى حل لتلك المشكلة دون الدخول في حرب بين المسلمين، خاصة بعد موقعة الجمل الأليمه، التي راح ضحيتها عشرة آلاف من المسلمين، وذهب جرير بن عبد الله رضى الله عنه إلى معاوية رضى الله عنه، وعرض عليه أن يبايع عليً رضى الله عنه جمعا لكلمة المسلمين، وتجنبا للحرب بينهم، فجمع معاوية رضى الله عنه رءوس الشام.

وفيهم الكثير من الصحابة، والفقهاء، وكبار التابعين، والقضاة، واستشارهم في الأمر، فاتفق اجتهادهم جميعا على عدم المبايعة إلا بعد أخذ الثأر من قتلة عثمان بن عفان رضى الله عنه، وقالوا: إن علي بن أبي طالب قد آوى قتلة عثمان بن عفان، وعطّل حدا من حدود الله، ومن ثم لا تجوز له البيعة.

وكان معاوية رضى الله عنه يرى أنه ولي دم عثمان، وأنه لا بدّ من الأخذ بثأره من هؤلاء القتلة، وأنه لا يجوز له بحالٍ أن يقصر في هذا الأمر، ومعاوية رضى الله عنه هو ولي ابن عمه عثمان بن عفان رضى الله عنه، وقد قالت له السيدة نائلة بن الفرافصة رضى الله عنها: أنت وليّه ، وحمّلته هذه المسئولية في الأخذ بثأره ممن قتله.

ولكن معاوية رضى الله عنه رفض الاستجابة لجرير بن عبد الله، بل أرسل هو رسلا إلى علي بن أبي طالب رضى الله عنه أنه لا يبايعه إلا بعد أن يسلّمه قتلة عثمان بن عفان، أو يقتلهم هو، وبعدها يبايعه.

ويرى علي بن أبي طالب رضى الله عنه أن هذه الفئة هي الوحيدة الخارجة عليه من كل الدولة الإسلامية، ومن ثم تجب محاربتها لردها إلى الحق، وإلى جماعة المسلمين، ولكنه قبل أن يبدأهم بحرب يحاول أن يقرب وجهات النظر، وأن يسلك مع أهل الشام مسلك التهديد بقتالهم، إن لم يبايعوا، ويعودوا إلى جماعة المسلمين.

فأمر بتجميع الجيوش، واستشار الناس، فأشار الجميع بأن تخرج الجيوش، وأن يخرج علي رضى الله عنه بنفسه مع الجيش، وكان ممن عارض خروجه ابنه الحسن، ورأى أن قتال أهل الشام سوف يأتي بفتنة عظيمة، لكن علي رضى الله عنه كان يريد أن يقمع الفتنة من جذورها، وأن يحسم الأمر من بدايته.

وقد خرج علي بن أبي طالب رضى الله عنه من الكوفة، وعسكر في منطقة النخيلة خارج الكوفة، واستخلف على الكوفة عقبة بن عامر الأنصاري أحد البدريين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأرسل علي رضى الله عنه مقدمة جيشه نحو الشام، وتقدمت هذه المقدمة، حتى تجاوزت نهر الفرات، ووصلت إلى منطقة تُسمّى صفين، وتتبع علي بن أبي طالب رضى الله عنه المقدمة بجيشه.

ووصلت الأخبار إلى معاوية رضى الله عنه أن علي بن أبي طالب قد خرج بجيشه من العراق متوجها إلى الشام ، لإجبار أهلها على البيعة، فاستشار معاوية رضى الله عنه رءوس القوم، فأشاروا عليه بأن يخرج لجيش علي رضى الله عنه، وألا ينتظر في أرض الشام حتى يأتوه، كما أشاروا عليه أن يخرج بنفسه مع الجيش .

وذلك كما خرج علي بن أبي طالب رضى الله عنه مع جيشه، ووافق رضى الله عنه على هذا الرأي، وخرج بنفسه على رأس الجيش، وقد كان من مؤيدي الخروج عمرو بن العاص رضى الله عنه، والذي قام وخطب الناس قائلا: إن صناديد أهل الكوفة والبصرة ، قد تفانوا يوم الجمل، ولم يبق مع علي إلا شرذمة قليلة من الناس، وقد قُتل الخليفة عثمان بن عفان أمير المؤمنين، فالله الله في حقكم أن تضيعوه، وفي دمكم أن تتركوه .

أي دم عثمان رضى الله عنه، وحمّس عمرو بن العاص الناس على القتال، وعُقدت الألوية، وخرج معاوية رضى الله عنه بالجيش، وأرسل مقدمة جيشه تجاه جيش علي بن أبي طالب رضى الله عنه ، وكان عُمر عمرو بن العاص رضى الله عنه، وهو يحمّس الناس في هذا الوقت للقتال سته وثمانين سنة، فكان شيخا كبيرا، وهو من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكان على مقدمة جيش علي بن أبي طالب رضى الله عنه زياد بن النضر، وعلى مقدمة جيش معاوية رضى الله عنه أبو الأعور السلمي، وتلتقي المقدمتان في منطقة صفين ،وأرسل علي بن أبي طالب رضى الله عنه أوامره إلى مقدمته يقول لهم: ادعوهم إلى البيعة مرة بعد مرة، فإن امتنعوا، فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم، ولا يقرب منهم أحد قرب من يريد الحرب، ولا يبتعد عنهم أحد بعد من يهاب الرجال.

وكان فى اليوم الأول وكان يوم الأربعاء واحد من شهر صفر، قد أخرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الأشتر النخعي على رأس مجموعة كبيرة من الجيش، وأخرج معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حبيب بن مسلمة مع مجموعة كبيرة من جيشه، وتدور الحرب بين الفريقين بشدة من الصباح حتى المغرب، ويسقط الكثير من القتلى الشهداء من الفريقين، ويكون القتال في هذا اليوم متكافئا.

وفي اليوم التالي وكان يوم الخميس اثنين من شهر صفر، أخرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص رضي الله عنه أحد المجاهدين الذين لمعت أسماءهم كثيرا في فتوح فارس والروم، وأخرج معاوية رضي الله عنه أبا الأعور السلمي، ويدور قتال شديد، ويتساقط القتلى والشهداء من الفريقين دون أن تكون الغلبة لأحدهما.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *