Share Button

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

هو أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة، وينتهي نسبه إلى مرة بن كعب بن لؤي الجد السابع للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وأمه هي لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية، أخـت أم الفضـل بنت الحارث، أم بني العباس بن عبد المطلب، وخالته ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم كما يمتد نسب خالد بن الوليد إلى الجد السابع للنبي محمد.

وقد ذكر ابن عساكر في تاريخه ، أنه كان قريبًا من سن عمر بن الخطاب ، وينتمي خالد بن الوليد إلى قبيلة بني مخزوم ، أحد بطون قريش ، وكان لها شرف عظيم ومكانة كبيرة في الجاهلية، وكانت على قدر كبير من الجاه والثراء، وكانت بينهم وبين قريش مصاهرة متبادلة.

وخالد بن الوليد وشهرته سيف الله المسلول ، وهو أحد صحابة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، واشتهر بتكتيكاته ودهائه العسكري، وكان قائداً للجيش الإسلامي في عهد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي عهد خلفاءه الراشدين ، أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب.

وتحت قيادته العسكرية، أصبحت الجزيرة العربية، لأول مرة في تاريخها، في كيان سياسي منفرد، الخلافة ، وانتصر خالد بن الوليد في مئات المعارك، ضد قوات الامبراطورية البيزنطية ، الرومانية، والامبراطورية الساسانية الفارسية، وحلفائهم، بالإضافة إلى القبائل العربية الأخرى.

وتضمنت انتصاراته العسكرية فتح شبه الجزيرة العربية، وفارس وسوريا وبلاد الشام، واشتهر خالد بن الوليد أيضاً لانتصاراته في معركة اليمامة، أليس، والفراض، والولجة ومعركة اليرموك .

وكانت أسرة خالد بن الوليد ، ذات منزلة متميزة في بني مخزوم ، فعمه أبو أمية بن المغيرة ، وكان معروفًا بالحكمة والفضل، وكان مشهورًا بالجود والكرم، وهو الذي أشار على قبائل قريش بتحكيم أول من يدخل عليهم حينما اختلفوا على وضع الحجر الأسود وكادوا يقتتلون، وقد مات قبل الإسلام.

وعمه أيضا هشام بن المغيرة ، وكان من سادات قريش وأشرافها، وهو الذي قاد بني مخزوم في حرب الفجار ، وكان لخالد إخوة كثيرون بلغ عددهم ستة من الذكور هم : العاص وأبو قيس وعبد شمس وعمارة وهشام والوليد، واثنتين من الإناث هما: فاطمة وفاضنة.

أما أبوه فهو عبد شمس الوليد بن المغيرة المخزومي، وكان ذا جاه عريض وشرف رفيع في قريش ، وكان معروفًا بالحكمة والعقل ، فكان أحدَ حكام قريش في الجاهلية، وكان ثَريًّا صاحب ضياع وبساتين لا ينقطع ثمرها طوال العام.

وولد خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي في مكة، وهو أحد أشراف قريش في الجاهلية وكان إليه القبّة وأعنّة الخيل، أمّا القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدّم على خيول قريش في الحرب.

وكان إسلامه في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة، حيث قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك إلا إلى الخير ” وولد لأب شديد الثراء ورفيع النسب والمكانة هو الوليد بن المغيرة الذي قال فيه القرآن: ( ذرني ومن خلقت وحيداً )، وأمه هي لبابة بنت الحارث الهلالية.

وتعلم خالد الفروسية منذ صغره مبدياً فيها براعة مميزة، جعلته يصبح أحد قادة فرسان قريش ، وكان خالد بن الوليد مترددا في النظر للاسلام، وحارب المسلمين في غزوتي أحد والاحزاب ولم يحارب في بدر لانه كان في بلاد الشام وقت وقوع الغزوة الاولى بين المسلمين و مشركي قريش .

غير أنه بدأ يميل إلى الإسلام وأسلم بعد صلح الحديبية، رغم أنه كان صاحب دور رئيسي في هزيمة المسلمين في غزوة أحد في نهاية الغزوة بعد ان قتل من بقي من الرماة المسلمين على جبل احد و التف حول جيش المسلمين و طوقهم من الخلف و قام بهجوم ادى إلى ارتباك صفوف جيش المسلمين.

وكان خالد معاديًا للإسلام ناقمًا على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والمسلمين الذين آمنوا به وناصروه، بل كان شديد العداوة لهم شديد التحامل عليهم، ومن ثَم فقد كان حريصًا على محاربة الإسلام والمسلمين، وكان في طليعة المحاربين لهم في كل المعارك التي خاضها الكفار والمشركون ضد المسلمين.

وكان له دور بارز في إحراز النصر للمشركين على المسلمين في غزوة أحد، حينما وجد غِرَّة من المسلمين بعد أن خالف الرماة أوامر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وتركوا مواقعهم في أعلى الجبل، ونزلوا ليشاركوا إخوانهم جمع غنائم وأسلاب المشركين المنهزمين .

فدار خالد بن الوليد بفلول المشركين وباغَتَ المسلمين من خلفهم، فسادت الفوضى والاضطراب في صفوفهم، واستطاع أن يحقق النصر للمشركين بعد أن كانت هزيمتهم محققة ، وكذلك فإن خالد بن الوليد ، كان أحد صناديد قريش يوم الخندق الذين كانوا يتناوبون الطواف حول الخندق علهم يجدون ثغرة منه .

فيأخذوا المسلمين على غرة، ولما فشلت الأحزاب في اقتحام الخندق، وولوا منهزمين، كان خالد بن الوليد أحد الذين يحمون ظهورهم حتى لا يباغتهم المسلمون ، وفي صلح الحديبية خرج خالد بن الوليد على رأس مائتي فارس دفعت بهم قريش لملاقاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

ومنعهم من دخول مكة، وقد أسفر الأمر عن عقد معاهدة بين المسلمين والمشركين عرفت باسم صلح الحديبية ، وقد تجلت كراهية خالد بن الوليد للإسلام والمسلمين حينما أراد المسلمون دخول مكة في عمرة القضاء ، فلم يطِق خالد أن يراهم يدخلون مكة رغم ما بينهم من صلح ومعاهدة ، وقرر الخروج من مكة حتى لا يبصر أحدًا منهم فيها.

أسلم خالد بن الوليد في صفر للسنة الثامنة الهجرية، قبل فتح مكة بستة أشهر، وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين، وذهب ليعلن إسلامه بين يدي الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم برفقة صاحبه عمرو بن العاص، وبدأ منذ ذلك الحين جهده وعمله الحثيث الكبير في نصرة الإسلام و المسلمين و نشر دين الله في الارض.

وتعود قصة اسلام خالد بن الوليد الى ما بعد معاهدة الحديبية حيث أسلم أخوه الوليد بن الوليد، ودخل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد، فقال: “أين خالد؟ فقال الوليد: يأتي به الله .

فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” ما مثله يجهل الاسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له، ولقدمناه على غيره ” فخرج الوليد يبحث عن أخيه فلم يجده، فترك له رسالة قال فيها: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد ، فأني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الاسلام وعقلك عقلك، ومثل الاسلام يجهله أحد؟

وقد سألني عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أين خالد ، وذكر قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فيه ، ثم قال له: فاستدرك يا أخي ما فاتك فيه، فقد فاتتك مواطن صالحة ، وقد كان خالد بن الوليد رضي اللـه عنه ، يفكر في الاسلام، فلما قرأ رسالة أخيه سر بها سرورا كبيرا .

وأعجبه مقالة النبـي الكريم محمد صلى اللـه عليه وسلم ، فيه، فتشجع و أسلـم ورأى خالد في منامه كأنه في بلادٍ ضيّقة جديبة، فخرج إلى بلد أخضر واسع، فقال في نفسه: إن هذه لرؤيا ، فلمّا قدم المدينة ذكرها لأبي بكر الصديق فقال له: هو مخرجُكَ الذي هداك الله للإسلام، والضيقُ الذي كنتَ فيه من الشرك .

وشارك خالد بن الوليد في أول غزواته في غزوة مؤته ضد الغساسنة والروم وظهر نبوغه العسكري في هذه الغزوة وانقذ جيش المسلمين وقام بخداع جيش الروم وانسحب بجيش المسلمين في أروع خطة انسحاب في التاريخ ، وعاد بهم إلى المدينة المنورة وفي هذه الغزوة سماه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم سيف الله.

ولقد امره الرسول صلى الله عليه وسلم على أحد الكتائب الاسلامية التي تحركت لفتح مكة واستعمله الرسول أيضا في سرية للقبض على اكيدر ملك دومة الجندل أثناء غزوة تبوك ، وبعد دخول خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه في دين الإسلام بدأ يعمل ويجتهد لنصرة الإسلام والمسلمين ونشر الدين الإسلامي في أنحاء الأرض، وكان قائدا عسكريًا في عهد النبيِ الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وعهد الخلفاء الراشدين وكان له إنجازات عظيمة في ذلك .

وكان خالد قائدا لإحدى كتائب المسلمين أيضا يوم فتح مكة، وكان قائدا لسرية من سرايا المسلمين في غزوة تبوك أيضا، كما شارك خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق في حرب اليمامة ضد الخوارج الذين كانوا بقيادة مسيلمة الكذاب، وكان لخالد دور كبير في فتح بلاد فارس وبلاد الشام

ففي العراق بعث الخليفة أبو بكر الصديق خالد بن الوليد مددا للمثنى بن حارثة الشيباني، وهناك كانت أول معركة لخالد ضد الفرس، حيث واجه خالد الفرس الذين كانوا بقيادة هرمز في معركة ذات السلاسل، وفي بداية المعركة بارز خالد هرمز وقتله، وبعد قتال عنيف انتصر المسلمون في المعركة وفرَّ الفرس .

فقام المسلمون بمطاردتهم حتى التحموا معهم في معركة أخرى اسمها معركة المذار، وعاد بعدها وانتصر على الفرس في معركة الولجة أيضا، ثم انتصر أيضًا في معركة عين التمر، وكلُ هذه المعارك تدل على أهمية خالد بن الوليد كقائد عسكري في كلِ حروب العراق التي كانت سببا في فتح العراق أمام المسلمين .

وبعد أن انتهت معارك بلاد الشام وانتصر المسلمون وفُتحت دمشق وحمص وغيرها، أقام خالد في حمص، وفيها توفِي وهو على فراشه بعد أن خاض معارك كثيرة ولم تُكتب له الشهادة، وتوفي خالد على فراشه سنة 21هـجريه في فترة خلافة عمر بن الخطاب .

وتختلف الروايات حول مكان وفاته، فقيل توفي في حمص وقيل توفِي في المدينة وحضر عمر بن الخطاب جنازته أيضا، ولكن الراجح أن خالد توفِّي في حمص وفيها دُفن، لذلك تم تسمية أحد جوامع المسلمين في حمص باسم خالد ويزعم الناس أن قبر خالد موجود في حمص في مسجد خالد بن الوليد .

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *