Share Button

الأسرة في كل الديانات كانت هي القلعة التليدة و الدرة المصونة التي يجب أن تحتضنها القلوب قبل الأيدي و تصونها بين حنايا الصدور بمحبة و عناية و اهتمام و حظوة في القلب
و الاسلام أحاط الاسرة عامة و الزواج خاصة بقدر هائل من التقدير و الاحترام و جعل الزواج ميثاقا غليظا و حفه بالقداسة و الأجلال أبتغاء حفظ الأسرة قوية عزيزة
فهي مُنشِئة الرجال و مُعدة الأبطال و مؤهلة الأمة لخير مآل
و ما رأينا أجيال الأمة علي قوة و منعة و شكيمة و عزة
الإ و خلفها أسرة متماسكة سهرت الليالي و قطعت الفيافي و القفار
و جاهدت في التربية
من أجل ذلك ألغي الاسلام كل الأنكحة الفاسدة صيانة لعرض المرأة و احتراما لكرامتها و تقديسا لكيان الأسرة فألغي رسولها العظيم صلي الله عليه وسلم نكاح ما دون العشرة و الاستبضاع و الشغار و المقت و أن يجمع الرجل بين المرأة و أختها أو خالتها او عمتها كما حرم بالعقد الأمهات و بالدخول البنات كما أبطل نكاح صويحبات الرايات الحمر و نكاح المتعة
كما شدد علي الرجل ألا يفرط في استخدام سلطته في إيقاع الطلاق
إلا في أضيق نطاق بعد أن جعله آلية لمجابهة الحالات الميئوس من علاجها ، قال تعالي
“و إن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته و كان الله واسعا حكيما”
( النساء ١٣٠ ) .

و من ناحية أخري فقد وضع القيود و الضوابط التي تضمن عدم اساءة استعمال هذا الحق و غلظ العقوبات للمخالفين
و فرق بين الطلاق السني و الطلاق البدعي
و حرم الحلف بالطلاق
“من كان حالفا فليحلف بالله او ليصمت”
كما ألغي الشرع طلاق الغضبان غضبا لا يستيطع معه التمييز
( فلا طلاق في إغلاق )
كما أبطل طلاق السكران أو المخدور أو المكره كل ذلك تفاديا
لوقوع كارثة الطلاق و تحجيم أضراره علي الأبناء
الذين يضيعيون من جراء تلك الفاجعة المروعة
بالإضافة إلي الأزمات النفسية التي تلحق بهم إذ تتنامي لديهم المشاعر السلبية و تزداد الكراهية
ثم ضيق الشرع الحكيم علي المرأة بعد أن منحها رخصة طلب الطلاق
فجعله تحت رقابة القضاء حتي لا يضحي الأمر فوضي لا ضابط له و حتي لا تضيع الأسرة في زوايا النسيان
تحت مطارق الطيش و النزوات و الأهواء العابرة
و لقد هالني ما نشره الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الاحصاء
إذ أصدر عام 2018 إحصائية يقر فيها حدوث 651 حالة طلاق في اليوم و اكثر من 7000 حالة طلاق في الشهر
فضلاً عن إزدياد حالات الطلاق و الملايين من الأطفال ضحايا هذه الكارثة
و لقد نشرت جريدة اليوم السابع الالكترونية
مقالاً عزت فيه ارتفاع نسبة الطلاق إلي أسباب هي
1 -التكنولوجيا الحديثة و وسائل التواصل الاجتماعي التي سهلت التعارف غير المشروع بين الجنسين و انشاء علاقات محرمة أدت إلي ممارسة الفجور علي أوسع نطاق
مما أدي الي انهيار العديد من الأسر
2- الحماوات و اشعال فتيل الخلافات الزوجية
3 – الزواج السريع إذ كشفت تقارير مكاتب المنازعات الأسرية عام 2017 عن لجوء الآلاف من الزوجات حديثي الزواج إلي القضاء طلبا للانفصال للأسباب متنوعة منها أخفاء الزوج أو الزوجة الإصابة بأمراض مزمنة فضلا عن الكذب و الاحتيال فيما يتعلق بالاهل و العمل
4 – هروب الحب
5 الخلافات المادية
6 العجز الجنسي بسبب تناول عقاقير منشطة و مواد مخدرة
سببت آثارا جانبية علي المدي الطويل و أدي هذا العجز الي تطاول الأزواج علي الزوجات و الاعتداء عليهن بالضرب المبرح

(يراجع مقال الكاتبة أسماء شلبي الصادر في 5 سبتمر 2017
جريدة اليوم السابع الإلكترونية الصادرة يوم الاربعاء 26 اغسطس 2020)

و لقد رصدت سببا من أخطر أسباب هذه الظاهرة و هو أزمة غياب القيم و اندحار الأخلاق و انحدارها و عدم فهم دور الأسرة علي انها النواة الأساسية للمجتمع و قلعتها التليدة
و من ثم عدم التعاون أو التضحية في سبيل صمود هذه القلعة أمام هذا الطوفان
مع تراجع مؤسسات الإعلام و التعليم و المؤسسات الدينية و الثقافية و اختزال الرباط المقدس و الميثاق الغليظ في المعاملات المادية و هو أمر خاطئ و لابد من إعادة صياغة وتشكيل ثقافة المجتمع لوجود خلل و اختلاط بالمعايير ولابد من تبني برامج تربوية ثقافية ترتقي بالعقل و الوجدان
ولابد ان يكون المحتوي فيها عميقاً محترما و ليس سطحيا تافها يخاطب الغرائز ليل نهار
كما رصدت ظاهرة من أخطر ما يصادف الأسر و هو تدخل أهل السوء و فساد نية المصلحين و إن أنسي فلن أنسي أنني قد دُعيت لإصلاح ذات البين بين زوجين شابين لم يمض علي زواجهما سوي فترة وجيزة أنتجت طفلين و قد فوجئت
أن الأمر قد تطور بين الزوجين برفع سيل عارم من القضايا انتهت بدعوي الخلع
و فوجئت انه لم يبق علي جلسة النطق بالحكم سوي يومين
لتضحي هذه الأسرة في مهب الريح إلي الأبد و لما جلست الي الزوجين أكتشفت أن سبب الخلاف تافه لا يذكر إلا أن أهل السوء
من الأصدقاء و الجيران و بعض الأقارب قد دسوا أنوفهم
و نفثوا عن أحقادهم فعمقوا هوة الخلاف و ادخلوا هذه الأسرة في أزمات متلاحقة و إن هي إلا ساعة من الزمن حتي استطعت بتوفيق من الله أن أسوي هذا الخلاف و أن أزيل أسبابه فعادت المياة الي مجاريها و التئم الشمل تارة أخري
إلا ان المفاجأة المروعة أن الأصدقاء و الجيران و الاقارب
قد إستشاطوا غضبا و أعلنوا تبرمهم من هذا الصلح
فنصحت الزوجين بالبعد عنهم و بألا يتعدي خلافهما باب غرفة نومهما حتي لا يطمع الذي في قلبه مرض
فعاشت الأسرة كأحسن ما يكون و انتظم أمرها و ذهب عنها شبح الخلافات إلي الابد .
كما رصدت ظاهرة مفادها إستعلاء الزوجة العاملة علي زوجها
فهذا زوج شكي لي أن زوجته الجميلة العاملة علته بالحذاء مرة و سددت له العديد من اللكمات القاسية التي أدت الي احداث عاهة مستديمة لديه مرة أخرى فبادلها ضربا بضرب و إهانة بإهانة و لكمات بلكمات
و صارت الحياة بينهما بؤسا و شقاء دائما و لما استقصيت الأمر علمت أن الزوجة ضبطته متلبسا و هو يبث غرامه و لواعج نفسه احدي الساقطات عبر هاتفه الشخصي كما اكتشفت أنه يذيع أدق أسرار الزوجية في تسفل و انحطاط
و دون حياء و العجيب أن الطلاق حين وقع استند الي الخلاف المادي فحسب دون أن يكون لتلك الواقعات الرهيبة
دخل في الطلاق فلم يثأر الزوج صاحب المقام الرفيع لما حدث له و لمقامه حين ضرب بالحذاء علي أم رأسه ولا علي العاهة المستديمة التي لحقت بساحته بل استمرت الحياة بينهما
كما لم تطالب هي بالطلاق نتيجة ما تبدي لها من جرائم
و إنما وقع الطلاق لخلاف علي المادة فحسب ليكتوي بناره
ثلاثة من الأبناء سيظلون أبد الدهر ضحايا تفكك هذه الاسرة و ضياعها و انفصام عراها و غياب الرشد و التعقل عنها
حقا ان ما بني علي باطل فهو باطل اذ لم تكن هذه الزيجة من البداية ابتغاء بناء أسرة تصمد أمام مهاوي الهلاك
فتصدع عش الزوجية مع أول هبة ريح فحين تغيب الاخلاق
فلا تسأل عن الحياة الكريمة و أيما أسرة فقدت القيم
فقد تخلت عن أسباب وجودها و سعت الي حتفها بظلفها
فإن هي إلا اعجاز نخل خاوية ما تلبث ان تذروها رياح السموم
لتصبح أثرا بعد عين أنه حقا بيت من بيوت العنكبوت و أنه لأوهن البيوت

فضلا عن إني رصدت ظاهرة هي عدم تحمل الجيل الجديد المسؤولية
فهذه فتاة طلقت بعد الاسبوع الاول من زواجها
إذ ضبطها زوجها و هي تحاور عشيقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي و تبثه لواعج غرامها فطلقها و اثار الحناء لما تزال علي يديها
و هذه فتاة جميلة ذات أصول عريقة تقدم لها شاب إدعي ثراء غير صحيح و غني مكذوب ثم احتال في انتحال وظيفة مرموقة و لما اكتشفت العروس الحقيقة طلبت الطلاق و لم يكن قد مر علي زواجها غير شهر
و من غريب ما وصلني من أخبار
أن عروسا في حفل زفافها و عقب عقد القران تناول زوجها زجاجة مياة غازية
ففارت الزجاجة في وجهها و وقع كفل منها علي ثوب عرسها دون قصد
فما كان منها إلا أن عاجلته بأقذع الالفاظ و أبشع الأوصاف فسدد لها لطمات قاسية علي خدها طرحتها أرضا مضرجة في دمائها
فأنقلب الفرح مأتما و وقع الطلاق
و هذه عروس تشاجرت مع حماتها عشية الزفاف لخلاف علي بعض تفاصيل تافهة
فلما اشتبكت الايدي و صُفِعت الوجوه انتهي الأمر بإيقاع الطلاق
و هذه حالة نشبت فيها الخلافات بين الزوجة المتعلمة العاملة
التي تداوي امراض النفوس و القلوب فما كان منها إلا ان تناولت سكيناً ضخما من مطبخها و احدثت جروحا نافذة بحماتها
أدخلتها غرفة العناية المركزة فما كان من زوجها إلا أن ضربها حتي أُغشي عليها و اصيبت بأرتجاج في المخ و انتهي الامر الي الطلاق و ضياع الاطفال
و هذه إمرأة عاملة جميلة من مهمتها تربية النشئ تعمل بمركز مجاور لمحل إقامتها كانت تتنقل بين البيت و العمل فتعرفت علي شاب فتي لعب بأفكارها فشغفها حبا و قد نسي أن الرسول العظيم قال ” من خبب إمرأة علي زوجها فلن يراح ريح الجنة ”
و استبدت بهما رغباتهما و ركبت الزوجة رأسها و طلبت الطلاق و ألحت عليه و أحالت حياة الزوج الي جحيم لا يطاق
و لما لم يجد بداً طلقها فطارت تتراقص فرحا إلي معشوقها
لتفجع أن المنية قد وافته فمات بعد إصابته بجائحة الكورونا التي لم تمهله سوي ساعات محدودة و قضت عليه و أودت بحياته فظلت حسيرة البال كسيرة النفس بعد أن ضيعت أسرتها بطيشها و نزقها و خفتها و ظلت تتجرع كئوس الهوان
حتي ماتت هي الأخري كمدا بعد أيام معدودة
و هذه حالة من غرائب حالات الطلاق
فهذا رجل أفاء الله عليه بعد عمله في إحدي دول الخليج سنين عدداً
فعاد الي مصر و الي بلدته ليؤسس شركة عملاقة و رزقه الله زوجة مخلصة من أصول عريقة و قد كانت قريبته
و شاء الله أن يكون هذا الوجيه الثري عقيما
فبدل من الاعتراف بشئ لا يد له فيه بل انه من تصاريف القدر و أحكامه
ذهب و اصطنع أوراقاً طبية و شهادات مزورة ليثبت فيها
أن الزوجة هي أصل الداء و أس البلاء و أنها هي العاقر العقيم
فعاشت المسكينة أياما حاذقة المرارة خفيضة الرأس كسيرة البال
إذ تحملت غمزات و لمزات و تعريضا و ملاسنات و إهانات تنوء بحملها الجبال الراسيات
في صبر و أناه حتي ساقها قدرها الي طبيب قريبها
أجري لها بعض التحاليل بغية العلاج إذ تاقت نفسها للولد
لتصدم بأنها ولود ودود و أنها لم تكن يوما عاقرا أو عقيما
و أنه ليس لديها ما يمنع الإنجاب فصرخت من الألم و أدركت أن زوجها الذي عاشت في كنفه عشر سنين قد خدعها و كذب عليها و غشها
و بعد مواجهة دامية و مرواغات من الزوج كعادته انهار فأعترف بالحقيقة
و عزي ذلك إلي حبه إياها و خوفه من فراقها لكنها ألحت في طلب الطلاق و لما لم يستجب لجأت الي القاضي الذي أنصفها و خلعها ممن خدعها و ربما لو صارحها بالحقيقة بداءة لما فارقته ولرضيت به بعُجره و بُجره لكنه اتخذ من الكذب ركابا إلي إثمه فنال جزاء الخائنين

و هذا نموذج امرأة تزوج زوجها بأخري غيرها فعاقبته
بأن ذهبت في اليوم التالي ليجدها في أحضان اخر تمارس معه الرذيلة انتقاما من زواجه بضرتها و انتهي الامر بالطلاق
بعد فضيحة مدوية
و هذه أخري دست لزوجها السم في طعامه عقابا له علي زواجه بغيرها فنقل الي المستشفي و تم إسعافه و شفي فتخلص منها بالطلاق

و هذا أُنموذج لريفي خمسيني متأنق دأب علي انتحال صفات و وظائف مرموقة كما دأب علي استئجار سيارات فارهة و ركز علي اصطياد طبقة من النساء هن الارامل و المطلقات الحسناوات ذوات الأموال و الضياع و ما أن تقع الفريسة في شباكه حتي يبادر بالعقد عليها ثم يستنزفها بدعوي تشغيل اموالها في مشروعات وهمية و ما ان يجف النبع حتي يصب عليها من ألوان البلاء و سوء المعاملة و هو ما يضطرها الي طلب الطلاق و ما أن تفعل حتي يمارس عليها ابتزازا آخر حتي تتخلص من قبضته و اتخذ من هذا الأمر حرفته الدائمة
فأضحي غويا لا نفع فيه ولا أمل في إصلاحه أينما توجهه لا يأت بخير

و هذا رجل حباه الله مكاناً عليا و دماثة خلق تزوج بفتاة فائقة الجمال
دون أن يدقق في شروط اختيارها و أقام معها بشقة فاخرة في إحدي أحياء الاسكندرية و سارت بهما الحياة و هما في رغد العيش و أنجب طفلا جميلاً و لم يكن له من أصدقاء سوي ابن صاحب العقار الذي يقطنه و الذي كان يعمل كجواهرجي افتتح له محلاً بالطابق الأرضي من العقار و سمح صاحبنا لهذا الشيطان ان يدخل بيته و أن يختلط بأهله ناسيا او متناسيا وصية الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم
“لايدخل بيتك الا تقي ولا يأكل طعامك الا مؤمن”
و في يوم سقط صاحبنا مغشيا عليه من إثر الإجهاد و هو في عمله
فلما أفاق رجع قافلا إلي بيته بعد أن أجل كل أعماله ليفجع
بأن صديقه بالبيت مع زوجته يطارحها الغرام فحاولا قتله
إلا أنه أفلت منهما بأعجوبة و بعد ان أفاق من هول المفاجأة طلقها و كتم الأمر حتي لا تشيع الفاحشة و أخذ إبنه الصغير في صمت و رحل فرماها عشيقها لتجتر أذيال الخيبة و الندامة بعد أن أفتضح أمرها و هُتك سترها فأذاقها الله لباس الخوف و الجوع لتحيي ذليلة رخيصة بعد أن كفرت بأنعم الله .
و حده الله يعلم أني ما أردت بكلماتي هذه إلا أن أدق كل نواقيس الخطر
و أم أوقظ الضمائر و العقول حتي تبتعد عن الطيش و النزق
و النزوات الرعناء و لعلها تكون صرخة مدوية أردت أن أطلقها
و استوقف بها الزمن لتكون فيصلا بين عهدين حتي نشق أمواج الفتن بسفن النجاة و ننتصر علي شياطين الإنس والجن و دعاوي الإنفلات و الضياع ولتتضافر مؤسسات الإعلام و التعليم و المؤسسات الدينية و الثقافية لتعيد الي الاسرة مكانتها و صُمَّت أذنُ الدنيا ان لم تسمع لنا

المستشار : عادل رفاعي 🌹🌹🌺

Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *