Share Button

كتب محمد الغريبي

يبدو الأمر عاديا بالنسبة للذين لا يبحثون في المعطيات ، أو اخذتهم الأحداث على انها نوع من الارتقاء في سلم الانتفاع بالحريات وتحول كبير في المسار الديمقراطي ..
لسنا مولعون بأن نكتب على نعش الدولة ” وداعا يا خضراء ” لأن قبس من الوعي قد يعيد الدولة كما عهدتها ، بمؤسساتها وهيبتها وكرامة شعبها .
غيرت الأحداث الاخيرة من الدولة ومن نمط عيش المواطن الى الاسوء وماكان لنا الا ان نتابع السقوط الذي سينتهي بالطامة الكبرى ، حين تعم الفوضى كامل ارجاء البلد .
لن أتحدث عن متاهات الميزانية العامة وعدم القدرة على استغلالها بالشكل الانسب بعد أن صرنا غير قادرين على استكمالها لتغطية عجز في الميزانيات السابقة سنويا ولن أتحدث عن شخص بعينه ، ساهم في تردي ضعنا الأقتصادي والاجتماعي ، بل ساضرب امثال تؤكد ضرب المسمار الأخير في نعش ماتبقى من الدولة ومؤسساتها وكيف اوهمتهم السلطة بأن الحلول ممكنة حين تعم الفوضى .
تطاوين .. تنسيقية الكامور وممثل السلطة التنفيذية يفاوض جماعات تخاطبه مباشرة وترفع في وجهه عصى التحدي ..
الحامة .. تلتقي المطالب لتؤسس تنسيقية تهدد بقطع الماء على جهة تعد اكثر من 200 الف ساكن والجيش يتدخل وضرب ومضروب ولا ندري كيف ستصير العلاقة بين الاهالي وحاملي السلاح الذين يمثلون فخر الشعب في الدفاع عن اراضيه .
اضرابات هنا وقطع طرقات هناك واحتجاجات بين الحين والاخر والادهى والامر ان يستقبل من يعتقد ان الشعب اختاره ليحمي الدولة ” تنسيقية جيرانه ” ..
وفق مبدأ التشريعات ووفق مبدأ العمل الإداري ووفق مبدأ الامتثال لقواعد العمل المؤسساتي وشرعية من كان .. يصبح مااتاه ” الاخشيدي ” كما تلقبونه ، ضرب من التجني على اجهزة الدولة، بما فيها مؤسسة الرئاسة حين يتعامل مع هياكل غير منتخبة ولا تحمل صفة الشرعية .
المسمار الأخير في نعش الدولة ووهم السلطة يعجل بسقوطها .. ليس فقط تلك المعطيات التي قدمتها بسرد جملة من الأخبار وانما القادم هو الدليل القاطع على أننا بصدد دفن ماتبقى من نظام جمهوري قام على مؤسسات ، اسست لما يعرف ” بالدولة المدنية”.
صفاقس .. القلب النابض للاقتصاد الوطني .. حين نحاول رؤية واقع المدن ومستقبلها ، يبدو لنا اننا امام مدينة سيعيدها التاريخ الى ما قبل سنوات الاستعمار وربما عهد الجاهلية .. لا تستغربوا الأمر ، فهذه المدينة التي مثلت قوة الاقتصاد التونسي ، تتحول اليوم الى بؤرة تخلف وانحدار في السلم الأقتصادي .. من البديهي حين نحاول تقديم رؤية ما عن تطور اقتصادي في مكان ما في العالم ، نذهب مباشرة الى ذكر ” مكاتب الدراسات ” ثم ” المشاريع ” ونقف في النهاية عند ” افاقها” ..
صفاقس اليوم يقف ابناءها في طوابير البحث عن قوارير الغاز وهي التي توفرها .
المسمار الأخير في نعش الدولة التونسية ووهم السلطة سيعيدنا الى مربع الصراعات الجهوية وربما الحروب القبلية ..
هكذا أريد من شرذمة تمارس العمل السياسي ، في تونس اليوم ، ان ينتهي بنا الى الدخول في الفوضى وانتفاء مفهوم الدولة والجمهورية الذي اكتسبناه والاكيد انتهاء دورها كاحزاب ، همها العمل الحزبي لا غير .
الشعب يريد و” والاخشيدي ” أو كما سميته ” الكاراكوز ” صياغات ستحملنا الى الضياع في عالم ماقبل الدولة وليس الآن فقط .
نحن نحمل الكثير من الوجوه التي ترونها اليوم ، وجوه ذات صفة أو من دونها ، مسؤولية ما سيحدث مستقبلا ولابد من الدولة ونظامها الجمهوري أن يستمر ، كلف ما كلف .
الاموات سيعودون الى الحياة وتونس ستعود .. فالمستحيل ممكن اذا توفر الوعي والارادة .
#الغريبي …

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *