Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إبن سينا هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، وقد اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما، فكان ابن سينا عالما وفيلسوفا وطبيبا وشاعرا، وقد لُقب بالشيخ والفيلسوف الثالث بعد أرسطو والفارابي، وكما عرف بأمير الأطباء وأرسطو الإسلام،
وقد تُوفي مُسمما على يد أحد مساعديه، وقد استطاع ابن سينا أن يرصد مرور كوكب الزهرة عبر دائرة قرص الشمس بالعين المجردة، وهو ما أقرَّه الفلكي الإنجليزي “جير مياروكس” في القرن السابع عشر.

وقد وُلد ابن سينا في بخارى في أوزبكستان، واشتهر في العصور الوسطى لإسهاماته الكبيرة في مجال الطب والفلسفة وعلم الفلك وعلم الحيوان والنبات وغيرها ولد في قرية أفشنة الفارسية سنة ثلاثه مائه وسبعون من الهجره، وتوفي في همدان سنة ربعمائه وسبعه وعشرون من الهجره، وقد عرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون بأمير الأطباء، وقد عاش ابن سينا في أواخر القرن الرابع الهجري وبدايات القرن الخامس من الهجرة، وقد نشأ في أوزبكستان، حيث ولد في قرية خرميش، وهى إحدى قرى بخارى.

وتلقى تعليمه في سنوات تشكله الأولى على يد أبيه، وكان والده أحد مشايخ الطائفة الإسماعيلية، وهي طائفة من المسلمين ترتكز أفكارها على نمط من الأفلاطونية الجديدة، ورغم أن ابن سينا لم يتبع أبداً معتقدات والده، إلا أنه استفاد جداً من حقيقة أن الكثير من العارفين حينها كانوا يجتمعون في البيت عند أبيه للحديث والمناظرة، ولما أصبح في عمر عشر سنوات، كان ابن سينا قد أصبح حافظا للقرآن الكريم، مثلما حفظ الكثير من القصائد العربية وغيرها من الأعمال الأدبية.

وسرعان ما أخذت هذه الاندفاعة المبكرة للمعرفة ابن سينا إلى أساتذة المنطق والغيبيات البارزين، وحين بلغ الثامنة عشرة من العمر أحس أنه لم يعد بحاجة لمعلميه هؤلاء فمضى يواصل دراسته بنفسه، وهكذا حصَّل معرفة معمقة في علوم الطب والشريعة والغيبيات، ومما كان له أبلغ الأثر في تطوره الفكري تمكنه من الإطلاع على موجودات المكتبة الغنية في قصر السمنديين، وهم أول عائلة حاكمة كبيرة من أصول محلية ظهرت في فارس بعد الفتح العربي لها.

وقد سمح لابن سينا بدخول تلك المكتبة العظيمة بعد نجاحه في علاج الأمير نوح بن منصور السمندي من مرض عجز كل أطباء عصره المشهورين عن علاجه، حتى إذا بلغ العشرين من عمره توفي والده، فرحل أبو علي الحسين بن سينا إلى جرجان، وأقام بها مدة، وألف كتابه القانون في الطب، ولكنه ما لبث أن رحل إلى “همدان” فحقق شهرة كبيرة، وصار وزيرا للأمير شمس الدين البويهي، إلا أنه لم يطل به المقام بها، ففي عام ألف واثنين وعشرين ميلادى، توفي شمس الدولة ليجد ابن سينا نفسه وسط محيط غير مريح.

وقد تسبب موت راعيه في مرحلة من المصاعب بلغت ذروتها بسجنه، ولحسن حظه، استطاع ابن سينا أن يهرب إلى أصفهان، مصحوباً برهط صغير من أعوانه وقرر أن يستقر فيها، وفعلاً قضى في أصفهان أربعة عشر عاما في طمأنينة نسبية، وفيها أنهى كتابه القانون في الطب كما أنهى أيضاً كتابه الشهير الآخر كتاب الشفاء، وقد بلغ عدد مؤلفات ابن سينا أكثر من مائتين وأربعين كتاب، وقد بينت كتاباته تأثره بمن سبقوه من العلماء والفلاسفة أمثال الفارابي وأرسطو، وقد انقلبت حياة ابن سينا رأسًا على عقب بعد وفاة والده.

وبدون دعم من أي شخص، بدأ ابن سينا بالتجول والتنقل بين مدنٍ مختلفة، وانتقل إلى خراسان وكان يعمل طبيبًا ومعلمًا، حيث كان في كل مساء يجمع الطلاب حوله للمناقشات الفلسفية والعلمية، وكما عمل رجل قانون في جورجانج، وكان في خوارزم، ثم أصبح مدرسًا في جورغان، وولعل أكثر ما يلفت النظر هو أنه واصل تقديم حلقات دراسية قيمة على الرغم من نمط حياته الفوضوية وغير المستقرة، وكانت من أهم أعمال ابن سينا “كتاب الشفاء” حيث يُعتبر موسوعة علمية تغطي العديد من المجالات مثل المنطق.

والعلوم الطبيعية، وعلم النفس، والهندسة، وعلم الفلك، والحساب والموسيقى، وكتاب آخر اسمه القانون في الطب وهو أحد أكثر الكتب شهرة في تاريخ الطب، بالإضافة إلى ذلك، ألف ابن سينا نحو ربعمائه وخمسين كتابًا، نجا منها إلى يومنا هذا نحو مائتين وأربعين كتابا فقط، ومن بين تلك الأعمال المتبقية، مائه وخمسين كتاب في مجال الفلسفة وأربعين كتاب فقط في الطب، وهما أكثر مجالين ساهم فيهما ابن سينا أكثر من غيرهما، وكما كتب عن علم النفس، والجيولوجيا، والرياضيات، وعلم الفلك، والمنطق، إلا أن أهم عمل له هو كتاب الشفاء.

وهو واحد من أربعة أجزاء مخصصة للرياضيات، وقد ضمَّن ابن سينا علم الفلك والموسيقى والكثير من فروع الرياضيات داخل هذه الموسوعة، وقد قام ابن سينا بتقسيم الرياضيات إلى أربعة فروع، الهندسة، وعلم الفلك، والحساب، والموسيقى، ثم قسم كل من هذه المواضيع، وكما قسَّم علم الفلك إلى الجداول الفلكية والجغرافية، والتقويم، وقسَّم الحساب إلى الجبر، وعمليات الجمع والطرح، وصنف الموسيقى أيضًا اعتمادًا على الآلات الموسيقية المختلفة، وكان بن سينا طبيبا ماهرا.

وقد اتبع ابن سينا في فحص مرضاه وتشخيص المرض وتحديد العلاج الطريقة الحديثة المتبعة الآن، وذلك عن طريق جس النبض والقرع بإصبعه فوق جسم المريض، وهي الطريقة المتبعة حاليا في تشخيص الأمراض الباطنية، والتي نسبت إلى “ليوبولد أينبرجر” في القرن الثامن عشر، وكذلك من خلال الاستدلال بالبول والبراز، ويظهر ابن سينا براعة كبيرة ومقدرة فائقة في علم الجراحة، فقد ذكر عدة طرق لإيقاف النزيف، سواء بالربط أو إدخال الفتائل أو بالكي بالنار أو بدواء كاو، أو بضغط اللحم فوق العرق.

وقد تحدث عن كيفية التعامل مع السهام واستخراجها من الجروح، ويُحذر المعالجين من إصابة الشرايين أو الأعصاب عند إخراج السهام من الجروح، وينبه إلى ضرورة أن يكون المعالج على معرفة تامة بالتشريح، كما يعتبر ابن سينا أول من اكتشف ووصف عضلات العين الداخلية، وهو أول من قال بأن مركز البصر ليس في الجسم البلوري كما كان يعتقد من قبل، وإنما هو في العصب البصري، وكان ابن سينا أيضا جراحا بارعا، فقد قام بعمليات جراحية ودقيقة للغاية مثل استئصال الأورام السرطانية في مراحلها الأولى وشق الحنجرة

وأيضا شق القصبة الهوائية، واستئصال الخراج من الغشاء البلوري بالرئة، وعالج البواسير بطريقة الربط، ووصف بدقة حالات النواسير البولية كما توصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الناسور الشرجي لا تزال تستخدم حتى الآن، وتعرض لحصاة الكلى وشرح كيفية استخراجها والمحاذير التي يجب مراعاتها، كما ذكر حالات استعمال القسطرة، وكذلك الحالات التي يحذر استعمالها فيها، وكما كان له باع كبير في مجال الأمراض التناسلية، فوصف بدقة بعض أمراض النساء.

مثل الانسداد المهبلي والأسقاط، والأورام الليفية، وتحدث عن الأمراض التي يمكن أن تصيب النفساء، مثل النزيف، واحتباس الدم، وما قد يسببه من أورام وحميات حادة، وأشار إلى أن تعفن الرحم قد ينشأ من عسر الولادة أو موت الجنين، وهو ما لم يكن معروفا من قبل، وتعرض أيضا للذكورة والأنوثة في الجنين وعزاها إلى الرجل دون المرأة، وهو الأمر الذي أكده مؤخرا العلم الحديث، وقد ررحل إلى أصفهان وحظي برعاية أميرها علاء الدولة، هناك أصاب جسده المرض واعتلّ.

حتى قيل إنه كان يمرض أسبوعا ويشفى أسبوعا، وأكثر من تناول الأدوية، ولكن مرضه اشتد عليه، وعلم أنه لا فائدة من العلاج، فأهمل نفسه وقال: إن المدبر الذي في بدىء عجز عن تدبير بدني، فلا تنفعن المعالجة، واغتسل وتاب، وتصدق بما لديه من مال للفقراء، وأعتق غلمانه طلبا للمغفرة من الله عز وجل، وتوفي في يونيو 1037ميلادى، في سن الثامنة والخمسين من عمره، ودفن في همدان، بإيران.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *