Share Button

فى طريق النور ومع خامس الخلفاء الراشدين ” الجزء الثالث عشر”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث عشر مع خامس الخلفاء الراشدين، وقد توقفنا عندما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، عمد إلى جميع الولاة والحكام الظالمين فعزلهم عن مناصبهم، ومنهم خالد بن الريان صاحب حرس سليمان بن عبد الملك الذي كان يضرب كل عنق أمره سليمان بضربها، وعين محله عمرو بن مهاجر الأنصارى، فقال عمر بن عبد العزيز يا خالد، ضع هذا السيف عنك ثم قال اللهم إني قد وضعت لك خالد بن الريان، اللهم لا ترفعه أبداً، ثم قال لعمرو بن مهاجر: والله إنك لتعلم يا عمرو إنه ما بيني وبينك قرابة إلا قربة الإسلام، ولكني سمعتك تكثر تلاوة القرآن، ورأيتك تصلي في موضع تظن ألا يراك أحد، فرأيتك حسن الصلاة، خذ هذا السيف قد وليتك حرسى.

وقد رأى عمر رجلا كثير الصلاة، فأراد أن يمتحنه ليوليه، فأرسل إليه رجلا من خاصته فقال يا فلان، إنك تعلم مقامي عند أمير المؤمنين، فمالي لو جعلته يوليك على أحد البلدان؟ فقال الرجل لك عطاء سنة، فرجع الرجل إلى عمر وأخبره بما كان من هذا الرجل، فتركه لأنه سقط في الاختبار، وكان من ضمن من عزلهم عمر بن عبد العزيز، أسامة بن زيد التنوخي، وكان على خراج مصر، وكان ذلك لأنه كان غاشما ظلوما يعتدى في العقوبات بغير ما أنزل الله عز وجل، فكان يقطع الأيدى في خلاف دون تحقق شروط القطع، فأمر به عمر بن عبد العزيز أن يحبس في كل جُند سنة، ويُقيّد ويُحلّ عنه القيد عند كل صلاة ثم يُرد في القيد، فحبس بمصر سنة، ثم بفلسطين سنة.

ثم مات عمر وولي يزيد بن عبد الملك الخلافة، فردّ أسامة على مصر في عمله، وأيضا فقد اهتم عمر بن عبد العزيز بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته، ومن أقواله في الشورى إن المشورة والمناظرة باب رحمة ومفتاح بركة لا يضل معهما رأي، ولا يُفقد معهما حزم، وهكذا كان الخليفة عمر بن عبد العزيز في ولايته عادلا، مقسطا بين الناس، ورعًا، تقيا، لا يخشى في اللام لومة لائم، حتى أن خلافته تميزت دون سائر فترات الدولة الأموية، حيث قام الخليفة عمر بن عبد العزيز بإصلاحات كثيرة في فترة خلافته، منها عزل الولاة الظالمين وتعيين من هم أكفأ منهم، عمل بنظام الشورى الذي قامت عليه الخلافة الراشدة، ورد المظالم وأقام العدل بين الناس جميعا، وكان لعمر اهتمام كبير بالعلوم الشرعية.

فدُون الحديث الشريف في عصره، ولكن فترة خلافته لم تدم طويلا، فبعد سنتين وخمسة شهور وأربعة أيام فقط، انتهت خلافة عمر بن عبد العزيز بوفاته سنة مائه وواحد من الهجره، واستلم مكانه يزيد بن عبد الملك خلافة المسلمين، وقد تبين مبدأ الشورى في أول يوم من خلافته، حيث قال للناس أيها الناس، إني قد ابتليت بهذا الأمر من غير رأي كان مني فيه، ولا طلبة له ولا مشورة من المسلمين، وإنى قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فصاح الناس صيحة واحدة قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك، فولّ أمرنا باليمن والبركة، وبذلك خرج عمر بن عبد العزيز من مبدأ توريث الولاية الذى تبناه معظم خلفاء بني أمية إلى مبدأ الشورى والانتخاب.

ولم يكتف عمر باختياره ومبايعة الحاضرين، بل يهمه رأي المسلمين في الأمصار الأخرى ومشورتهم، فقال في خطبته الأولى وإن من حولكم من الأمصار والمدن إن أطاعوا كما أطعتم، وإن هم أبوا فلست لكم بوالى، ثم نزل، وقد كتب إلى الأمصار الإسلامية فبايعت كلها، وممن كتب لهم يزيد بن المهلب يطلب إليه البيعة بعد أن أوضح له أنه في الخلافة ليس براغب، فدعا يزيد الناس إلى البيعة فبايعوا، وبذلك يتضح أنه لم يكتف بمشورة من حوله، بل امتد الأمر إلى جميع أمصار المسلمين، وكان عمر يستشير العلماء ويطلب نصحهم في كثير من الأمور، أمثال سالم بن عبد الله، ومحمد بن كعب القرطبي، ورجاء بن حيوة، فقال إني قد ابتليت بهذا الأمر فأشيروا عليّ، كما كان يستشير ذوي العقول الراجحة من الرجال.

قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏وقوف‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏

Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *