Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع الملك سرجون الأكدى، وتقول النصوص السومرية ان هناك حربا اندلعت بين سلالتي اوروك وكيش وقد انتصر بها ملك اوروك لوغال زاغيزي سي وتمكن من السيطرة على مدينة كيش وقام لوغال زاغيزي سي بأسر اور زبابا واسره إلى اوروك وقتله هناك، وأما عن الوركاء أو أوروك، وهي المدينة التاريخية للحضارة السومرية والبابلية والمدينة التاريخية لدى السومريين والبابليين، تقع شرق ضفة نهر الفرات، وتعتبر مدينة الوركاء هى إحدى أوائل المراكز الحضارية في العالم التي ظهرت في بداية العصر البرونزي قبل حوالي أربعة ألاف سنة قبل الميلاد وفي مدينة أوروك أخترعت الكتابة ومن هذه المدينة ظهر الحرف الأول في العالم وذلك في حدود ثلاثة ألاف ومائة عام قبل الميلاد، وقد ظهرت الكتابة بشكلها الأول حيث كانت في بداياتها كتابة صورية ثم تطورت فيما بعد لتصبح الكتابة المسمارية.

ومدينة اوروك كانت تلعب دور رئيسي في العالم في تلك الفترة، ويقال بأن مدينة اوروك كان طول محيطها حوالي ستة كيلو مترات، وبذلك كانت أكبر مدينة في العالم بتلك الفترة وظهرت في هذه المدينة أيضا ملحمة كلكامش، وكذلك حيث كان يصنع بها الفخار غير ملون على الدولاب وهو عجلة الفخار، وكما صنعت الأوعية المعدنية، ونشأت فيها حضارة عرفت الكتابة المسمارية وكانت عبارة عن صور بسيطة للأشياء علي ألواح طينية، وقد أتبع فيها الخط المسماري، وقد بقت مدينة الوركاء محافظة على مكانتها كمدينة دينية ومركزا لعبادة الآلهة عشتار، وهم آلهة الحب والحرب، وكرست معابدها لعبادة الآلهة عشتار فحافظت المدينة على نوع من القدسية، إلا أن المدينة بعد ذلك فقدت أهميتها في حوالي سنة ألفين قبل الميلاد، بعد أن احتلها البابليون والعيلاميون وبقت على حالها خلال العهد السلوقي والبارثي.

ثم غير نهر الفرات مجراه، ولما كانت المدن في العالم القديم تعتمد على مجاري الأنهار فقد هجرت المدينة ولم تسكن بعد ذلك، وأوروك هي المدينة التي عاش بها كلكامش وكتب ملحمته الشهيرة، وأوروك حسب سفر التكوين هي ثاني مدينة بناها الملك نمرود في أرض شنعار، وكانت اوروك أول مدينة متحضرة في تاريخ البشرية، وخلال تلك الفترة بنيت القرى الزراعية حول مدينة أوروك، وكانت تتمتع في ذلك الوقت بقوة عسكرية واقتصادية، وكان خامس ملوكها كلكامش ابن الملك لوكال بندا وكانت المدينة مقرا لعبادة الإله أنو، إله السماء وكبير الآلهة السومرية، وقد لعبت المدينة دورا هاما في ملحمة كلكامش، حيث كان نظام الحكم السائد أنذاك هو نظام دويلا الملك إذ كانت كل مدينة عبارة عن مملكة مستقلة بحد ذاتها، وكان بها معبد أي أنا، الأبيض وكان عبارة عن مصطبة، واشتهرت بالأختام الغائرة، وقد كانت مدينة الوركاء هي أول مدينة أستطاعت أن توحد دويلات الممالك.

حيث نجح ملكها لوكال زاكيزي بتوحيد الممالك المتناحرة وأسس دولة كبرى حدودها من البحر السفلي وهو المعروف الآن بالخليج العربي، إلى البحر الأعلى وهو البحر المتوسط، ولم تستمر سيطرة الوركاء طويلا إذ سرعان ما أستولى سرجون الأكدي على الملك وهزم لوكال زاكيزي وبذلك فقد شهد العراق بداية حقبة جديدة في تاريخه وهي الدولة الأكدية والتي سقطت على أيدي الكوتيين بحدود عام ألفين ومائة وخمسين قبل الميلاد وعادت الوركاء مجددا إلى الظهور إذ استطاع أحد ملوكها من قيادة حرب لأجل تحرير البلاد من السيطرة الكوتية وهو الملك أوتو حيكال، وبذا فقد استعادت مدينة انو هيبتها وعادت إلى صدارة المشهد في حضارة العراق القديم، وبعد سبعة سنوات من حكم اوتوحيكال مات في ظروف غامضة ليستولي على العرش قائد جيشه وصهره أورنمو الذي نقل عاصمة ملكه إلى مدينة أور، وأسس سلالة جديدة.

وهي سلالة أور الثالثة، وكانت المدينة عاصمة لإقليم بابل السفلي، إلا أنها فقدت أهميتها بعد ظهور دولة أور، وتحتوي على بقايا مباني للزقورات، وأما عن لوغال زاغيزيسي الأومي وهو أخر ملك سومري قبل مجئ سرجون الأكدي وألذي تمكن من توحيد بلاد سومر وسماها الإقليم قلاما، قبل أن ينقض عليها سرجون ليكون بعدها إمبراطوريته الأكدية، وهو الملك الوحيد من سلالة أوروك الثالثة، وبداية حكم هذا الملك كانت صعبة إذ في البداية كان حاكم لمدينة اوما وبعد ذلك بدأ يضم المدن السومرية الواحدة تلو الآخرى، حيث تمكن من هزيمة ملك كيش أور زبابا وثم هزم ملك لكش أوروكاجينا وضم بعد ذلك أور ونيبور ولارسا وأوروك، وجعل من مدينة أوروك عاصمة له وحكمها لمدة قاربت الثلاثين عاما حسب قائمة الملوك السومريين، ولوغال زاغيزي سي إدعى بأنه ابن الإلهة إنليل، ولقب نفسه بملك كل الأراضي ما بين البحرين العلوي والسفلي، أي ما بين البحر الأبيض المتوسط شمالا.

والخليج العربي جنوبا حاليا، ولكن المؤرخين يقولون بأن لوغال زاغيزي سي لم يصل إلى البحر المتوسط، إذ يقول المؤرحين أن النقوش بعثت أساطير عن لوغال زاغيزي سي مثلما بعثت عن لوغال أني موندو ملك أداب إذ يقولون أن سرجون الآكدي هو أول من وصل إلى البحر المتوسط من بلاد سومر، وحسب النصوص البابلية تقول بأن سرجون الأكدي هزم لوغال زاغيزي سي في معركة الوركاء حيث هدم أسوار أوروك وألقى القبض عليه وساقه بعنقه إلى معبد إنليل في نيبور، وبعد فترة قصيرة قرر سرجون الثأر لما حصل لمدينة كيش ولما حصل لملكها اورزبابا فجمع تأييد سكان مدينة كيش وحشد جيشا لمهاجمة لوغال زاغيزي سي في مدينته اوروك ليخوض المعركة المعروفة بمعركة الوركاء فتمكن من هزيمته واسره من هناك وجلبه امام تمثال الالهة إنانا وتمكن بذلك من توحيد الدويلات السومرية.

ومعركة الوركاء واحدة من المعارك الحاسمة التي خاضها الملك سرجون الأكدي ضد سومر والتي أدت إلى إخضاعها لسيطرته، والمعلومات الوحيدة المعروفة عن هذه المعركة هو من نقش وجد في نيبور، وتاريخ للمعركة غير مؤكد، وقد هاجم سرجون مدينة الوركاء ودمرها خلال حملته العسكرية، والناجون فروا من المدينة وانضموا للجيوش الأخرى من المحافظات السومرية الخمسين تحت قيادة الملك لوغال زاغيزي سي في اوما، قبل مواجهة سرجون مرة اخرى، وفي هذه المعركة الضارية هُزمت قوات لوغال زاغيزي سي المنافس الرئيسي وخصم سرجون، وبعد المعركة، وقع لوغال زاغيزي سي في ايدي جنود سرجون بعد هذه المعركة وتم اقتياده إلى نيبور، وقيل أنه تم شنقه، وبعد ذلك قام سرجون ببناء مدينة أكاد التي موقعها حتى الان غير معروف وقد سمي بسرجون الاكدي نسبة إلى مدينة أكاد التي بناها وجعلها عاصمة لامبراطوريته.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *