Share Button

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

إن الإسلام دين ليس فيه التباس وصالح لكل الناس فمن آمن به سعد ومن دخل فيه رشد فهو دين حفظ الأموال والأنفس والأعراض والدماء والعقول ومن الإزهاق والأفول والإسلام دين حب وسلام ودين ألفة ووئام ودين هدى لا ضلال فهو محفوظ من الزوال وله البقاء إلى أمد وله الظهور إلى أبد فهو دين حق لا باطل .

الدين الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى للملأ الكرام ، ولا يُقبل من عبد دينا غير الإسلام ، وعبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” زوال الدنيا كلها أهون على الله من قتل رجل مسلم ” رواه الترمذي.

وعن أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ” إن بين يدي الساعة لهرجا، قال قلت يا رسول الله ما الهرج؟ قال: القتل فقال بعض المسلمين يا رسول الله إنا نقتل الآن في العام الواحد من المشركين كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس بقتل المشركين ولكن يقتل بعضكم بعضا

حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته ، فقال بعض القوم: يا رسول الله ومعنا عقولنا ذلك اليوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا، تُنزع عقول أكثر ذلك الزمان ويَخلُف له هباء من الناس لا عقول لهم ، ثم قال الأشعري: وايم الله إني لأظنها مدركتي وإياكم، وايم الله ما لي ولكم منها مخرج إن أدركتنا فيما عهد إلينا نبينا محمد صلى الله عليه و سلم ، إلا أن نخرج كما دخلنا فيها” رواه ابن ماجه .

وأن هناك رجلاً واحدا يتحمل كفلا من وزر كل نفس تقتل وتزهق من أول البشرية إلى قيام الساعة؟ نعم، إنه قابيل بن آدم، فقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “لا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها وذلك لأنه أول من سن القتل” متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله تعالى في النار” رواه الترمذي .

وبين أيدينا أول جريمة قتل حدثت على الأرض وهى جريمة القتيل بين قابيل وهابيل وهما ابنا آدم عليه السلام، وتتلخص قصتهما بجريمة قتل قابيل لأخيه هابيل: “حيث ان حواء ولدت أربعين بطن في كل بطن ذكر وأنثى وكان آدم يزوج ذكر كل بطن لانثى البطن الآخر .

فاراد هابيل الزواج باخت قابيل و لكن قابيل رفض و اراد الزواج بها لانها كانت اجمل من اخت هابيل، فطلب منهما آدم عليه الصلاة و السلام ان يقربا قربانا لله تعالى وسافر هو للحج الى مكة .

فقرب هابيل جذعة سمينة لانه كان راعي و قرب قابيل زرع لانه كان صاحب زرع فنزلت نار من السماء اكلت جذعة هابيل و تركت زرع قابيل فغضب قابيل وقال لاخيه لاقتلنك قال هابيل انما يتقبل الله من المتقين فقتله فبعث الله غرابين يقتتلان فقتل احدهما الآخر فقام الغراب ينبش في الارض ليدفن الغراب فندم قابيل على قتل اخيه وقال اعجزت ان اكون مثل هذا الغراب فاواري سوءة اخي.

ولقد بيّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفات المميزة لأهل الجنة، ووضح العيوب الكاشفة لأهل النار من أبناء الدنيا، فقال صلى الله عليه وسلم: ” ألَا أُخبركم بأهل الجنة: كل ضَعيف متضعف، لو أَقسم على الله لأبره ، وألَا أُخبركم بأهل النار ، كل عتل جواظ مستكبر”

وقال الله تعالى ( واتْل عليْهمْ نبأ ابْنيْ آدم بالْحقّ إذْ قرّبا قرْباناً فتقبّل منْ أحدهما ولمْ يتقبّلْ منْ الآخر قال لأقْتلنّك قال إنّما يتقبّل اللّه منْ الْمتّقين، لئنْ بسطت إليّ يدك لتقْتلني ما أنا بباسطٍ يدي إليْك لأقْتلك إنّي أخاف اللّه ربّ الْعالمين، إنّي أريد أنْ تبوء بإثْمي وإثْمك فتكون منْ أصْحاب النّار وذلك جزاء الظّالمين ، فطوّعتْ له نفْسه قتْل أخيه فقتله فأصْبح منْ الْخاسرين. فبعث اللّه غراباً يبْحث في الأرْض ليريه كيْف يواري سوْأة أخيه قال يا ويْلتا أعجزْت أنْ أكون مثْل هذا الْغراب فأواري سوْأة أخي فأصْبح منْ النّادمين ) .

وإن تعظيم الإسلام النفس المسلمة والتشديد في النهي عن قتلها لا يقف عن حدود النهي عن قتل المسلم بغير حق، بل إن الإسلام أوجب الدية والكفارة على قاتل النفس المسلمة خطأ، فقتل الخطأ شرع فيه الإسلام الكفارة والدية، وهو خطأ غير مقصود ، تعظيمًا لحرمة النفس المسلمة التي صانها الإسلام، ووضع لها القيود للحفاظ عليها .

ويقال ان قابيل كان مسلما ولم يكن كافرا، وكانت هذه أول جريمة قتل على ظهر الأرض ، قابيل وهابيل هما شخصيتان ذكرا بالعهد القديم، وهما أول ابنين لادم وحواء ، وتتلخص قصة هابيل وقابيل أن حواء عليها السلام ولدت أربعين بطنًا وكانت تلد في كل بطن ذكرًا وأنثى، وكان سيدنا ءادم عليه السلام يُزوج ذكر كل بطن بأنثى من بطن ءاخر .

ويقال إن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل التي كانت أجمل من أخت هابيل لكن قابيل أراد أن يستأثر بها، فأمره ءادم عليه السلام أن يزوجه إياها فأبى، فأمرهما أن يقربا قربانًا وهو ما يتقرب به إلى الله تعالى وذهب ءادم إلى مكة ليحجّ، وقرّب كل واحد منهما قربانه بعد ذهاب أبيهم ءادم عليه السلام، فقرَّب هابيل جذعة سمينة وكان صاحب غنم .

وأما قابيل فقرب حزمة من زرع رديء وكان صاحب زرع، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، فغضب قابيل غضبًا شديدًا وقال لأخيه هابيل لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فقال له: إنما يتقبل الله من المتقين.

وذات ليلة أبطأ هابيل في المرعى فبعث سيدنا ءادم عليه السلام ، وكان قد رجع من الحج أخاه قابيل لينظر ما أبطأ به، فلما ذهب إذ هو به، فقال له: تقبل منك ولم يتقبل مني، فقال له هابيل: إنما يتقبل الله من المتقين، فغضب عندئذ قابيل، وانتهى الحوار بينهما وانصرف قابيل وترك أخاه هابيل مؤقتا.

وعندما أراد قابيل قتل هابيل ، فقال هابيل لقابيل أنا أريد ترك مقاتلتك وإن كنت أشد منك واقوى فتتحمل إثم قتلي مع ما لك من الآثام المتقدمة قبل ذلك ، وبعد أيام كان هابيل نائما وسط غابة مشجرة ، فقام إليه أخوه قابيل فقتله ، ثم أتاه وهو نائم فرفع صخرة فشدخ بها رأسه .

وقيل خنقه خنقًا شديدًا ، ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) وجلس القاتل أمام شقيقه الملقى على الأرض ، وكان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض ، وبهذا يكون هابيل أول من قُتل على سطح الأرض، ولم يعرف قابيل كيف يواري جثة أخيه، و قرر أن يحمله في جراب على ظهره حائراً ومضطرباً لا يعلم ما يفعل.

وقيل أنه لما قتل قابيل هابيل ندم على ذلك فضمه إليه حتى تغيرت رائحته، وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر حتى يرمي به فتأكله، وكره أن يأتي به ءادم فيحزنه، ولم يزل يحمله حتى جاء غرابان فاقتتلا أمام قابيل فقتل أحدهما الآخر .

فعمد إلى الأرض يحفر له بمنقاره فيها، ثم ألقاه ودفنه وجعل يحثي عليه التراب حتى واراه، فقال عندها قابيل: ( فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي ) .

ثم أخذ يفعل به ما فعل ذاك الغراب فواراه ودفنه تحت التراب ، وليعلم أن ابن آدم قابيل الذي قتل أخاه هابيل كان مسلما مؤمنا ولم يكن كافرا، وإنما ارتكب معصية كبيرة بقتله أخاه هابيل ظلما وعدوانا.

ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد ، وقيل أيضا أنه حمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها ، ثم رأى القاتل غرابا حيا بجانب جثة غراب ميت ، وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليه التراب.

وبعدها طار في الجو ، فحزن قابيل على أخيه هابيل وأحس بالندم و اكتشف أنه هو الأسوأ والأضعف ، واهتز جسد القاتل ببكاء عنيف ثم أنشب أظافره في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه ، وحزن آدم حزنا شديدا على خسارته في ولديه ، فقد مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني.

وصلى آدم عليه السلام على ابنه، وعاد إلى حياته يعمل ليصنع خبزه ، ونبيا يعظ أبنائه وأحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهم إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه ، ويروي لهم قصته هو نفسه معه، ويقص لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه ، وهكذا فإن كل نفس تقتل في الأرض إلى يوم القيامة فإن قابيل يتحمل شيئا من وزرها .

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *