Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع السيده مارية القبطيه وقد توقفنا عندما قلنا أن حاطب بن أبى بلتعه، كان على قدر من الغنى وله عبيد، وقد أسلم حاطب وهاجر إلى يثرب مع سعد بن خولي مولى حاطب بن أبى بلتعه، فنزلا على المنذر بن محمد بن عقبة، وآخى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بينه وبين رخيلة بن خالد، وقد شهد مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، غزواته كلها، وكان فيها من الرماة المعدودين، وكما شهد حاطب صلح الحديبية، وكان رسول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى المقوقس عظيم القبط، فى السنة السادسه من الهجره، الذي بعث معه مارية القبطية وأختها سيرين هدية للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه قبل فتح مكة، بعث حاطب إلى أهل مكة رسالة يحذرهم من هجوم المسلمين عليهم مع امرأة.

وقد دعا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الإمام علي بن أبي طالب والزبير بن العوام، وقال لهما ” انطلقا حتى تدركا امرأة معها كتاب، فائتياني به ” فلقياها، وطلبا منها الرسالة، وهدداها حتى رضخت وأخرجت الرسالة من بين شعرها، فدعا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حاطبا ليواجهه بالأمر، فاعترف، فسأله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ما حملك؟ فقال كان بمكة قرابتي وولدي، وكنت غريبا فيكم معشر قريش، فقال عمر بن الخطاب ” ائذن لي يا رسول الله في قتله” فقال النبى صلى الله عليه وسلم ” لا، إنه قد شهد بدرا، وإنك لا تدري، لعل الله قد اطّلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم، فإني غافر لكم ” وتوفي حاطب في المدينة المنورة سنة ثلاثين من الهجره، وقيل أنه كان عمره خمسه وستين سنة.

وقد صلى عليه الخليفه عثمان بن عفان رضى الله عنهم أجمعين، وقد كان حاطب رجلا حسن الجسم، خفيف اللحية، أجنأ به حدب، يميل إلى القصر، غليظ الأصابع، وكان لحاطب رواية للحديث النبوي عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد رواها عنه ابنيه عبد الرحمن بن حاطب، ويحيى بن حاطب وعروة بن الزبير، وأما عن إبراهيم بن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من جاريته مارية القبطية، وهو الولد الوحيد الذي له من غير خديجة بنت خويلد رضى الله عنهن جميعا، وقد ولد في المدينة المنورة فى السنة الثامنه من الهجره، وتوفي عن عمر ثمانى عشر شهرا، وقد ولد إبراهيم في شهر ذي الحجة، وكانت ولادته في أحد أحياء المدينة المنورة يُقال له العالية، وكانت قابلته سلمى مولاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

وهى امرأة أبي رافع، فبشر أبو رافع، النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فوهب له عبدا، وحلق أبو هند شعر إبراهيم يوم سابعه، وسمّاه، وتصدق بزنة شعره فضة على المساكين، ودفنوا شعره في الأرض، وقد قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ” وُلد لي الليلة غلام سمّيته باسم أبي إبراهيم ” وقد تنافست الأنصار فيمن يرضع إبراهيم، فأعطاه صلى الله عليه وسلم، لأم بردة بنت المنذر بن زيد الأنصاري، وهى زوجة البراء بن أوس، فكانت ترضعه بلبن ابنها في بني مازن بن النجار وترجع به إلى أمه، وقد أعطى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أمّه بردة، قطعة نخل، ثم أعطاه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى أم سيف، وهى امرأة حداد في المدينة المنورة يُقال له أبو سيف، وبقي عندها إلى أن مات.

وقيل مات عند أم بردة، ويروي أنس بن مالك رضى الله عنه فيقول ” ما رأيت أحدا أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان إبراهيم مسترضعا في عوالي المدينة فكان ينطلق ونحن معه، فيدخل البيت وكان ظئره قينا، فيأخذ فيقبله ثم يرجع” وقد توفي إبراهيم في بني مازن عند أم بردة وهو ابن ثمانى عشر شهرا سنة عشره من الهجره، وعلى ذلك تكون وفاته في شهر جمادى الثاني، وذكر الواقدي وغيره أن وفاته كانت يوم الثلاثاء العاشر من شهر ربيع الأول سنة عشره من الهجره، وقامت أم بردة بتغسيله، وحُمل من بيتها على سرير صغير، وصلى عليه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالبقيع، وقال صلى الله عليه وسلم ” ندفنه عند فرطنا عثمان بن مظعون ” وقيل أن الفضل بن العباس غسّل إبراهيم.

ونزل في قبره مع أسامة بن زيد، ورش قبره، وأعلم فيه بعلامة، وقد اتفق أنه كسفت الشمس في اليوم الذي توفي فيه إبراهيم، فتحدث الناس أن الشمس كسفت لموت إبراهيم، فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” إن الشمس والقمر من آيات الله، وإنهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فكبروا، وادعو الله وصلوا وتصدقوا ” وقال صلى الله عليه وسلم، عن إبراهيم عند وفاته ” إن له مُرضعا في الجنة ” ويروي عبد الرحمن بن عوف قصة وفاته فيذكر ” أخذ النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بيدي فانطلقت معه إلى إبراهيم ابنه وهو يجود بنفسه فأخذه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في حجره حتى خرجت نفسه قال، فوضعه وبكى، قال، فقلت تبكي يا رسول الله وأنت تنهى عن البكاء؟

قال صلى الله عليه وسلم ” إني لم أنه عن البكاء ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند نعمة لهو ولعب ومزامير الشيطان وصوت عند مصيبة لطمِ وجوه وشقِ جيوب، وهذه رحمة ومن لا يرحم لا يرحم ولولا أنه وعد صادق وقول حق وأن يلحق أولنا بآخرنا لحزنا عليك حزنا أشد من هذا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول ما يُسخط الرب ” وأما عن مسقط رأس السيده مارية القبطيه فهى قرية أنصنا وهى تسمى قرية الشيخ عبادة وهي إحدى القرى التابعة لمركز ملوى بمحافظة المنيا في مصر، وقد ذكر محمد رمزي في كتابه القاموس الجغرافي للبلاد المصرية أنه كانت توجد بلدة قديمة شرقي النيل بالصعيد تسمى بيسا، وقد أنشأ الإمبراطور الروماني هادريان بأرض بيسا.

قبرا لأحد غلمانه كان يدعى أنطونيوس، وكان قد غرق عندها في النيل، ثم بنى أعيان البلدة مساكنهم حول حدائق هذا القبر فعرفت منذئذ بمدينة، واختفى اسم بيسا، وقد أكد علي باشا مبارك في كتابه الخطط التوفيقية،على هذه الحقيقة فذكر أن أنصنا، بنيت على أطلال مدينة بيسا القديمة، وقد تغير اسم المدينة قديما على أشكال عدة، فجاء على صورة إلى أن جاء العرب، فعربوه إلى أنصنا، وجعلوها قاعدة لإحدى كور مصر، وسمّاها السكان أنصله ، ثم صارت بين العوام مدينة النصلة، وقد ذكر ياقوت الحموي أنصنا في كتابه معجم البلدان، فقال أنصنا هى مدينة أزلية من نواحي الصعيد على شرقي النيل، وكما ذكرها تقي الدين المقريزي في كتابه الخطط، فقال بأن أنصنا إحدى مدائن صعيد مصر القديمة، وكان بها مدرّج روماني يستخدم كمقياس للنيل.

وقد قدمت السيده مارية إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية وذكر الرواة أن اسمها مارية بنت شمعون القبطية، بعد أن تم صلح الحديبية بين الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبين المشركين في مكة، وبدأ الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في الدعوة إلى الإسلام، وكتب الرسول كتبا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، وأهتم بذلك اهتماما كبيرا، فأختار من أصحابه من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارس،المقوقس ملك مصر التابع للدولة البيزنطية والنجاشي ملك الحبشة، وتلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوها ردا جميلا، ما عدا كسرى ملك فارسيون، الذي مزق الكتاب، ولقد كان لما أرسل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *